نجحت جهة درعة تافيلالت، الجهة الوحيدة الحديثة العهد بالمملكة، في إعداد مشروع برنامجها التنموي كأحد أبرز منجزات الولاية التأسيسية، والذي من المنتظر أن تتم المصادقة عليه قريبا من قبل أعضاء مجلس الجهة.
وحسب ما أفاد به تقرير التشخيص والاستشراف المستقبلي للجهة، الذي شكل المرحلة الأولى لإعداد مشروع التنمية الجهوية وأحد أبرز منجزات مجلس الولاية الحالية، أن الطابع القروي لدرعة تافيلالت سيظل مهيمنا على ثلثي الساكنة لأكثر من أربعة عقود قادمة، وهي فرصة تنموية مهمة لمواصلة جهود فك العزلة عن ساكنة الجماعات القروية، وبناء شبكة طرقية حديثة ضرورية لتحسين ظروف عيشها، وشريان حيوي لبناء اقتصاد قروي مشغل ومنتج للثروات.
وأشار التقرير كذلك إلى أن المجال القروي بالجهة هو الموطن الطبيعي للثروات المعدنية والطاقية والفلاحية والسياحية، ولذلك سيكون مستقبله بوضع وتنفيذ سياسات تنموية جهوية عادلة ومنصفة وذات حكامة ترابية جيدة، وفق مقاربة تروم تحقيق عدة مشاريع تنموية بشكل فعال ومتكامل، بما يستجيب لتطلعات الساكنة المحلية والفاعلين في جميع المجالات دون استثناء.
ويتضمن التشخيص الترابي غير مسبوق لجهة درعة تافيلالت آلاف الوثائق، وتقريرا تركيبيا من حوالي 900 صفحة، شكل المرجع الأساسي لمكتب الدراسات المكلف بإعداد مشروع برنامج التنمية الجهوية، واستغرق سنتين من العمل المتواصل والواسع لإنجازه.
فتحقيق إقلاع متكافئ ومندمج للعالم القروي بالجهة، يشير المصدر ذاته، كان شرطا أساسيا لا جدال فيه خلال مرحلة إعداد تقرير التشخيص والاستشراف المستقبلي، حيث تم اعتماد مجموعة من الاجتماعات واللقاءات التقنية على المستويين المركزي والجهوي، ثم تنظيم مقابلات جماعية مع مختلف الفاعلين على مستوى الأقاليم التابعة للجهة، بالإضافة إلى جلسات تشاورية أولى مع الخبراء القطاعيين وثانية مع مسؤولي المصالح اللاممركزة على مستوى الجهة، من أجل اقتراح مشاريع تنموية تمكن من تحقيق التقدم المنشود وتجاوز المعيقات المرتبطة أساسا بطبيعة المناخ وطبيعة المكون الإنساني والمجالي.
فمشروع التنمية الجهوية الذي تمخض عن التشخيص، والذي يمتد على عشرين سنة (2020-2040)، يقترح إنجاز ما يزيد عن 50 مشروعا ذات أبعاد اجتماعية وبيئية وترابية واقتصادية، بغلاف مالي يناهز 14 مليار درهم، من أجل تحسين منظومة عيش ساكنة الجهة ومناخ الأعمال بها. إذ ستمكن المشاريع المزمع إنجازها من تمكين الجهة من مراكز الريادة على المستوى الوطني في الاقتصاد الأخضر واقتصاد المعرفة، وذلك بفضل رؤية متكاملة تجسدها منظومة متكاملة ومنسجمة من المشاريع النوعية.