مجلس النواب يواصل مناقشة الجزء الأول لمشروع قانون المالية لسنة 2019

واصل مجلس النواب، اليوم الأربعاء، مناقشة الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2019 بالاستماع لمداخلات رؤساء فرق نيابية.

وفي هذا الصدد، أكد السيد كميل توفيق رئيس فريق التجمع الدستوري، أن قانون المالية لسنة 2019 يأتي في خضم التفكير من أجل بلورة نموذج تنموي جديد تحت التوجيهات الملكية السامية، كفيل بمواجهة تحديات البطالة والأمية والهشاشة والفوارق الاجتماعية والمجالية، والتحولات في البنية العمرية للساكنة، مشيرا إلى أن هذا النموذج سيمكن من تحقيق وتيرة سريعة للتنمية المتوازنة والمستدامة.

وأبرز أن فريق التجمع الدستوري يسجل تخصيص مشروع قانون المالية الجديد لـ7 ملايير درهم للرفع من النفقات الموجهة للقطاعات الاجتماعية وخاصة التعليم والصحة، بتوجيهات من جلالة الملك، و3,3 مليار درهم برسم التطور السنوي لكتلة الأجور عن السنة الجارية، “وإن كانت غير كافية لتلبية متطلبات حوار اجتماعي منتج”، وزيادة 5 ملايير درهم للاستثمار العمومي في إطار الميزانية العامة و2,7 مليار درهم لمواصلة وتعزيز الإصلاحات لاسيما في مجال الجهوية وإصلاح العدل والتقاعد والمراكز الجهوية للاستثمار.

وثمن مواصلة الحكومة لمجهودها الإرادي لدعم الاستثمار العمومي بشأن الاستراتيجيات القطاعية والأوراش الكبرى للبنية التحتية مع إعطاء الأولوية للقطاعات والأوراش ذات القيمة المضافة المرتفعة، مثل مخطط التسريع الصناعي ومخطط المغرب الأخضر، مشيرا إلى أن هذا المخطط يعد نموذجا رائدا بالنسبة لعدد من الدول الإفريقية أو السائرة في طريق النمو.

من جانبه، قال السيد محمد مبديع رئيس الفريق الحركي، إن مناقشة مشروع قانون المالية تشكل حدثا ديمقراطيا مهما وفرصة سنوية لمناقشة وتقييم مختلف الاستراتجيات والمشاريع العمومية في أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، وأثر ذلك على المواطنين بصفة خاصة وعلى الاقتصاد الوطني بصفة عامة، مضيفا أن المناقشة تمكن أيضا من الوقوف على مدى تنزيل التزامات البرنامج الحكومي والتقدم في البرمجة المالية المرتبطة بأولوياته وإجراءاته.

وأبرز السيد مبديع المجهود الذي بذلته الحكومة في إعداد هذا المشروع، مشيرا إلى أن هذا المشروع يأتي في سياق في ظرفية دولية تتسم بهشاشة التوازنات الجيوستراتيجية القائمة في مناطق إنتاج البترول، مما ينذر بأزمة نفطية واسعة يواكبها ارتفاع أسعار النفط.

ودعا، في هذا الصدد، إلى ابتكار حلول كفيلة بمواجهة هذا الخطر المحدق بالسوق الداخلي وبتنافسية المقاولات الوطنية وبالقدرة الشرائية، من خلال التعجيل بتدابير استباقية تجنب المملكة صدمة طاقية، مؤكدا أن على الحكومة مواصلة بذل المجهودات وتعبئة الامكانيات للسير قدما في بلورة النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية بما يضمن تطورها وازدهارها.

من جهته، سجل السيد شقران امام، رئيس الفريق الاشتراكي، واقعية الاختيارات والتوجهات المحددة في مشروع قانون المالية 2019، مبرزا أن إعداد ميزانية سنة 2019 تم في “ظروف اقتصادية صعبة تلقي بظلالها على الوضع الاجتماعي وتنذر بتكريس الإحساس بانسداد الأفق”، مما يستوجب فتح نقاش هادئ وعميق حول الاختيارات والتدابير المقترحة وحول هامش الإبداع والجرأة والمسؤولية في اتخاذ بعض القرارات ليقف المواطن عند حقيقة ما ينجز بالبلاد من إصلاحات.

وأكد السيد شقران أن مناقشة مشروع القانون واكبها عمل جدي بميزانياته الفرعية بمختلف اللجن البرلمانية، مشيرا إلى أن الحاجة باتت ملحة لمبادرات مواطنة تهم جميع المؤسسات بالبلاد، بقصد بلورة تعبئة وطنية تضامنية مسؤولة تستهدف المساهمة الجماعية في تقديم إجابات لعدد من الإشكالات المجتمعية.

من جهتها، قالت السيدة عائشة لبلق رئيسة المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية، إن مناقشة القانون المالي تعتبر محطة دستورية هامة ولحظة سياسية قوية تعكس مدى وفاء الحكومة بالتزاماتها وترجمة برنامجها الحكومي، مشيرة إلى أن الرهان يظل على هذا القانون المالي ملحا وقويا لتقديم الإجابات الضرورية على كل الإشكالات المطروحة.

وسجلت السيدة لبلق المجهود الذي بذلته الحكومة لإضفاء الطابع الاجتماعي على مشروع القانون المالي لسنة 2019، من خلال تضمينه إجراءات مهمة ودالة من قبيل الرفع من ميزانية التعليم والصحة، ومناصب الشغل، وتعزيز البرامج الاجتماعية “تيسير” و”راميد”، إضافة إلى روزمانة من التدابير التي تهدف إلى تنشيط الدورة الاقتصادية.

ودعت الحكومة إلى نهج مقاربة جديدة ومختلفة تذهب إلى عمق الإشكاليات لمعالجتها، من خلال مقاربة إصلاحية جريئة تجعل من الميزانية أداة تدخل قوية، تضمن النجاعة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية معا، مؤكدة على محدودية الأطروحات التي تراهن على آلية السوق لوحده في ضمان التوازن الاجتماعي، وأولوية التركيز على التوازنات الماكرو- اقتصادية.

في المقابل، قال رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، السيد نور الدين مضيان، “إن مناقشة مشروع قانون المالية اليوم، تأتي في ظل حكومة تفتقد للرؤية الاستراتيجية في مواجهة تحديات كبرى، أهمها تعاظم أزمة غياب الثقة في المؤسسات، وفي الفعل والفاعل السياسي، وفي ظل سياق وطني يعرف عودة الاحتجاجات الاجتماعية، وظاهرة الهجرة السرية والعلنية، والتي تشكل علامة واضحة على فشل الحكومة في الجواب على مختلف الرهانات والمطالب الاجتماعية والاقتصادية الملحة.

واعتبر أن “مشروع قانون المالية 2019 يبقى عنوانا بارزا لعجز الحكومة، إذ كان من المفروض أن يتضمن التحولات الأولى للنموذج التنموي الجديد، بدل اعتماد اختيارات اقتصادية تقليدية سمتها الأساسية، تدخلات عمومية تفتقد للنجاعة، بحيث تبقى أرقام مشروع قانون المالية دون جدوى ما دام أثرها غير محسوس في المجتمع”، مشيرا إلى أن توزيع الاستثمار العمومي الذي يبلغ 196 مليار درهم على المستوى الجهوي، يبقى خير دليل على استمرار الحكومة في تكريس الفوارق المجالية، وتوسيع هوة التنمية للمناطق الهشة، وخاصة المناطق الحدودية والجبلية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد