متعة الشاي، نبتة بنكهة الأناقة وكرم الضيافة

يحمل الشاي معاني كثيرة متوارثة أبا عن جد، عنوانها في جهات العالم الجود والكرم وحسن الضيافة، فمن الأخضر إلى الأحمر مرورا بالأسود، بالسكر أو من دونه، يظل الشاي أكثر المشروبات استهلاكا في العالم بعد الماء، ويترافق تقديمه مع بعض العادات كما لدى الانجليز “موعد تناول الشاي أو تي تايم”، وحفل الشاي في اليابان، أو طقوس شرب الشاي الخاصة بالمغاربة.

والشاي موجود منذ آلاف السنين ومعلوم أن استهلاكه بدأ في الصين قبل خمسة آلاف سنة!. وي عتقد أن أصل الشاي، المصنوع من أوراق شجرة الشاي، نشأ في شمال شرق الهند وشمال ميانمار وجنوب غرب الصين، لكن مكان ظهور هذه النبتة بالضبط غير معروف حتى اليوم. ومن ناحية أخرى، فإن استهلاك هذا المشروب الذي يزخر بفوائد عديدة، ترافقه العديد من التقاليد والأساليب حول تحضيره وتقديمه وتناوله.

ويعتبر إنتاج وتحويل الشاي إحدى المصادر الاساسية للدخل بالنسبة لملايين العائلات في البلدان النامية.

وفضلا عن ذلك، فإن هذه النبتة، التي تلعب دورا مهما في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا تخلو من فوائد صحية متعددة ولاسيما الوقاية من بعض السرطانات، والمساعدة على الحفاظ على وزن صحي، والحد من خطر الإصابات، وكذا مساعدة الدماغ على أداء وظائفه جيدا.

ويمنح الشاي، الذى يحتوي على مضادات الأكسدة تحد من الجذور الحرة المسؤولة عن الشيخوخة المبكرة لخلايا الجسم، طابعا وديا للعلاقات بين الأصدقاء والأسر. وهو يحتل بذلك مكانة مهمة في ثقافات بعض البلدان بما فيها المغرب.

وللتعرف على المزيد حول هذا الموضوع، أجرت وكالة المغرب العربي للأنباء حوارا مع الخبير الاجتماعي، علي الشعباني الذي أكد أن جلسات الشاي أصبحت من دعائم تقوية أواصر العلاقات الاجتماعية، موضحا أنه لا يخلو بيت من بيوت المغاربة من الشاي الذي يرمز إلى حسن الضيافة والود.

وأضاف الخبير في تصريح بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للشاي (21 ماي) أن هذه النبتة تحولت، مع مرور السنين، إلى مشروب شعبي ابتكر له المغاربة طقوسا خلال الولائم والمناسبات المختلفة، إذ لا يمكن تصور لقاء بين العائلات أو الأصدقاء دون شاي.

وأكد الخبير أن الشاي، يستهلك في جميع الاوقات في المغرب، ويشكل مكونا أساسيا في المنظومة الغذائية المغربية.

ومن جهتها، قالت الشابة المغربية صفاء، العاشقة للشاي أنها تبدأ يومها بشرب القهوة قبل تناول الشاي المغربي، ويظل هذا المشروب بالنسبة لها مهما في وجبة الفطور، ويكتمل طقسها اليومي باستراحة عائلية لاحتساء كأس من الشاي مع حلوى مغربية بعد الغذاء.

وأكدت صفاء لوكالة المغرب العربي للأنباء: “كنت أنفر تناول الشاي في صغري، لكن ألفت الاستمتاع به خلال الحجر الصحي وخاصة الشاي المغربي”، معتبرة أن الشاي يظل بالنسبة لها، أكثر من مشروب، فهو مشروب متوارث يمنح الراحة ويعزز الروابط العائلة وعلاقات الصداقة.

أما سمية، فقد بدأت قصتها مع الشاي منذ زمن طويل إذ تقول: “بالنسبة لي، هذه النبتة مقوية ومصدر للسعادة وطقس مرح يجسد قيم التضامن والتقاسم”.

وتوضح هذه العاشقة الكبيرة للشاي الأخضر في تصريح مماثل “منذ صغري، كنت معجبة بالتجمعات العائلية حول صينية الشاي. كانت اللحظة المناسبة لكل واحد منا للحديث والتعليق على قضايا الساعة وحل المشاكل أو البوح بالأسرار التي لا يمكن تقاسمها أثناء تناول وجبة جماعية”.

وتقول سمية معبرة عن اعجابها بالروعة والأناقة التي تطبع طقس الشاي في المغرب: “كنت أيضا معجبة بالطريقة التي كانت هذه النبتة تفرض بها نفسها في طقوس تحضير الشاي وتقديمه من قبل العائلات المغربية خاصة في الماضي”.

وأضافت السيدة سمية أن طقوس تحضير وتقديم الشاي تتسم بالود وبحسن الضيافة، “كان كل مضيف يحاول أن يضع الشاي في أجمل إبريق يتوفر عليه ويختار أجمل صينية من الفضة أو النحاس، وكؤوس “حياتي” أو “العنبة” (كؤوس مطبوعة برسم لعناقيد العنب) وعلب فضية أنيقة حيث يحتفظ بعناية بقطع السكر المخروطي الشكل (سكر القالب)، و عروش النعناع المنظف جيدا وكذا الشاي المختار بعناية”.

وأوضحت سمية: “كنت معجبة أيضا بتحضير الشاي حيث كانت المهمة توكل إلى أكبر فرد في العائلة أو الضيف الأكثر حكمة”، قبل أن تختم بالقول “كان هذا الطقس يحيرني في صغري ولم أفهم رمزيته ودلالته إلى أن كبرت”.

من إسطنبول إلى نيويورك مرورا بالرباط أو لندن، يظل الشاي، المشروب الأكثر استهلاكا بعد الماء دون منازع، ورمزا للود وحسن الضيافة والتجمع بين الأصدقاء و العائلات. و تبقى جميع المناسبات فرصة سانحة لاحتساء وتذوق كأس شاي، من الأفضل أن يكون دون سكر!.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد