ما انت بقيس وما هو بليلى !

“مجنون ليلى” أو “قيس بن الملوح” ، كما يعلم الكثير منكم هو شاعر غزل عربي، كان مغرما ومتيما بقريبته وابنة عمه “ليلى العامرية” التي نشأ معها وعشقها، ولكن أهلها رفضوا تزويجه إياها، وأعطوها لغيره، فما كان من شاعرنا العاشق الولهان إلا أن هجر ديار أهله، وهام على وجهه يجول في أرض الله، يتغنى بحبها، وينشد الأشعار في عشقها، ويحدث عنها الحجر والشجر و ودواب الأرض، حتى لقبوه “بمجنون ليلى” !

جانب مهم يظهر من قصة شاعرنا قيس، وهو الوفاء والاخلاص في وده ومشاعره في علاقته مع ليلى محبوبته … وهذا بالضبط سر اشتهار الرجل وقصائده بين أهل زمانه، وبين العرب في اللاحق من الأزمنة، حتى أيامنا هذه !

هذه الأيام التي ظهر فيها “قيس عربي آخر” ونقصد بطبيعة الحال الرئيس التونسي “قيس سعيد” والذي يشترك مع “قيس بن الملوح ” في صفة ” الجنون” ويختلف معه اختلافا جذريا في صفة “الإخلاص والوفاء” …

في أحد الأيام سئل الراحل الملك الحسن الثاني عن ردة فعله لو تعرضت تونس للخطر، فأجاب بدون تردد أن لتونس أصدقاء، ومستعدين لنجدتهم بكل الوسائل للدفاع عنها وبما فيها القوة، وكان يقصد بطبيعة الحال المملكة، وأنها مستعدة للدفاع عن أرض تونس، وشعب تونس ضد أي تهديد خارجي.

منذ سنوات كانت تونس تعيش أزمة خانقة غير مسبوقة في تاريخها الحديث، فبعد الإعتداء الإرهابي الذي طال سياحا أثناء زيارتهم لها، هجر الزوار الأجانب البلاد، وهوى الاقتصاد هناك لمستويات متدنية نظرا لاعتماد الاقتصاد عندهم على السياحة، فما كان من جلالة الملك محمد السادس إلا أن تحرك لنجدتهم، فكانت الزيارة الشهيرة لتونس، وتجواله في شوارعها بدون حراسة تقريبا لمدة ما يقرب من عشرة أيام، الشيء الذي كان له الوقع الإيجابي على صورة تونس في العالم، وعادت ثقة السائح في بلدهم، وفي الأمن عندهم، وعادت عجلة اقتصادهم للدوران.

ولكن، هل هذا كله كاف للحب، والاخلاص في الود، في نظر “قيس تونس ” أو “مجنون تونس” ؟!
لا يبدو ذلك !
فمنذ يومين استقبل “قيس سعيد” إبراهيم غالي “زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية” بمناسبة ندوة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا المقامة في تونس، فكانت بينهما خلوة وقيل أنها ودية .. !

هذا الحدث هو حتما مزعج للمغرب، لأن الطبيعي أن من أحسنت إليه يوما ما، إن لم يكن بمقدوره رد الجميل، فعلى الأقل عليه أن يكفيك شر أفعاله، ومع ذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هذا الاستفزاز المجاني انتصارا لجهة ما على المملكة !

فالمسألة بسيطة، استقبال “مجنون تونس” “لغالي الجزائر” ليس محبة فيه، وليس لأنه يحظى بشرعية ما، فهو لم يكن يوما “غاليا” على تونس، ولم يكن يوما “غاليا” على أي طرف، حتى من يدعون دعم “البوليساريو ” فهم يفعلون ذلك طمعا في بعض دولارات الجزائر، أو فقط نكاية في المغرب، ويخرجون ورقة “إبراهيم غالي وجماعته” من الدرج حتى إذا قضو منه حاجتهم، أعادوه لمخدعه حتى إشعار آخر .. !
وخلاصة القول إذا كان الشعب يشك في أستاذية قيس سعيد ،وخبرته في مادة القانون الدستوري، انطلاقا من القرارات اللادستورية التي أتخذها في بلده،فإننا نحن في المغرب، تأكدنا من جهله المطبق للتاريخ، وضعف شخصيته بانبطاحه لإرادة تبون.

وأخيرا وكما أتى في بلاغ وزارة الخارجية لابد من التأكيد على أن
“ما قام به الرئيس التونسي لن يؤثر على علاقة الأخوة التي تجمع بين الشعبين المغربي والتونسي الشقيقين، اللذان يجمعهما تاريخ ومصير مشتركين”

قد يعجبك ايضا
6 تعليقات
  1. معين شقفة يقول

    في المجمل المغرب كبير والكبير لا يلتفت للصغائر أبداً ..

  2. كريم الشيخ يقول

    مقال ممتاز وتحليل رائع

  3. مواطن غيور1 يقول

    قالوا: اتق شر من أحسنت إليه
    وقالوا: اتفق العرب على ألا يتفقوا! ولن يتفقوا.
    للأسف! والصحراء مغربية
    كلنا محمد السادس

  4. hicham يقول

    لنربهم الان العين الحمراء والبادي أ ظلم

  5. مراكشي يقول

    التونسي ديما قدامك معروف عليهم الطعن من الخلف…
    وامريكا وقعت على مغربية صحراءنا…

  6. medoujda يقول

    إذا أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت اللئيم تمردا
    فعل الخير ومد اليد للأعداء الخبثاء في دويلة الخسائر الخبيثة البليدة ودويلة توتوس القزمة المتسولة ليس من مصلحة المغرب!
    الخبيث اللئيم يعتبر حسن الخلق ضعفًا ويتمادى في خبثه!
    كفى من العاطفية والشمتة مع الأعداء الخبثاء!!! المغربي أخ المغربي فقط والباقي !

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد