لماذا يموت الحب بعد الزواج؟

هل تنطفئ شعلة الحب مع مرور الوقت وتتغير المشاعر كتغير الفصول؟ ولماذا بعد مرور السنوات تصبح العلاقة أقرب إلى الأخوية؟ وأين تذهب تلك المشاعر المتبادلة؟ وهل فعلا يموت الحب بعد الزواج؟ أم للحب عمر افتراضي؟

لماذا يموت الحب بعد الزواج؟

الحب هو الذي يجعل أي تنائي لا يستطيع أحدهما العيش بدون الآخر، إلا أنه في بعض الأحيان تنطفئ هذه الشرارة تدريجيا، نتيجة العديد من المشاكل لتتحول تلك المشاعر الفياضة إلى مشاعر باردة، فيحدث انفصال عاطفي بين الزوجين ويموت الحب لا بالسكتة القلبية لكن برصاصة في القلب على رأي الكاتب الشهير توفيق الحكيم.

عندما ندمن الغياب نعاني جفاف في المشاعر

تقول حليمة سيدة في عقدها الخامس، تزوجت بعد قصة حب كبيرة، إلا أن شرارته بدأت تبرد يوما بعد يوم مع كبر مسؤوليات الأولاد وضغوطات الحياة وكثرة تنقلات زوجي وأسفاره بسبب عمله، فأدمنت غيابه وأصبحت مشاعر الحب باهتة اللون بداخلي والشعور بالفتور العاطفي يتملكني، لدرجة أن العلاقة الحميمية بيننا تحولت إلى عمل روتيني بدون مشاعر، مجرد علاقة باردة لا يوجد فيها أي شيء مثير. وكثيرا ما أسأل نفسي ألم يكن هو نفسه الحبيب الذي تمنيت أن أكمل معه حياتي؟ ألم يكن هو الذي لا أصبر على فراقه لحظة؟ فهل الخطأ مني أم منه؟. كل هذه الأسئلة لا أجد لها سوى جواب واحد هو أن قلة اهتمام زوجي بي وحرصه فقط على تأمين حاجياتنا، حول العلاقة بينا إلى رسمية جدا خالية من المحبة وتعاني جفاف في المشاعر.

حب أصيب بسكتة قلبية

أما حبيبة فبدأت كلامها بالقول عندما يبرد الحب في قلب المرأة لا تعود كما كانت أبدا، وتكمل كنت متيمة بحب زوجي لكن بعد خيانته لي تغيرت كل الموازيين، أذكر كم كنا نحب بعضنا وكيف كنا نفهم بعض من نظرة عين واحدة، كلانا كان يحرص على إرضاء الآخر ولو كان الأمر على حساب ذاته، لكن مع مرور خمس سنوات على زواجنا وإنجابنا لولدين تغير زوجي كليا وأصبح يخلق مشكلة من لا شيء ولا يعيرني اهتماما مثل السابق، فدخل الشك إلى قلبي وراقبته إلى أن أثبت خيانته لي، شعرت حينها أن دنيا كلها انهارت فوقي وأن الحب عبارة عن كذبة فقط، تجاوزت الأزمة فيما بعد ولم أنفصل عنه بسبب تعلقي بأبنائي، لكن مشاعري تبدلت هي الأخرى لتنصب على أولادي وتركيزي فقط على تربيتهم ودراستهم أما حبي فقد أصيب بسكتة قلبية رغم كل المحاولات التي عملها زوجي لتنشيط وإعادة الحياة إليه، فالشيء الذي ينكسر لا يعود إلى سابق عهده.

أعيش مع امرأة لم ولن يخفق لها قلبي

أما كمال شاب في عقده الثالث متزوج وأب لطفلين يقول “تزوجت زواج تقليدي فلم أكن أمتلك أي مواصفات محددة لزوجة المستقبل سوى أن تكون متعلمة وأن يكون هناك توافق بين أهلينا لأعيش حياة هادئة، وكنت مقتنعا أنه طالما تواجد الاحترام المتبادل فإن الحب سيأتي في حينه”. يضيف “لا أنكر أنني أجد زوجتي رائعة بكل المقاييس، وتفعل قصارى جهدها لإسعادي وأن اختياري لها لتكون أم أولادي كان موفقا، بينما أنا لست سعيدا بالمعنى الحقيقي وأحس بعدم الارتياح في كل مرة أبادر فيها بكلمة حب لها لا أشعر بها وأقولها مجاملة لا غير. أصبح المنزل بالنسبة لي عبارة عن مسرحية اضطر فيها لتمثيل دور الزوج المحب الذي كنت أتمنى بالفعل أن يكون نابعا من إخلاص وصدق حقيقيين بدلا من أن يكون مجرد كذبة أمثلها كل يوم كي لا أجرح زوجتي. وفي بعض الأحيان أفكر جديا في الطلاق لكن ما يمنعني، هو رفضي للعيش بعيدا عن أولادي، ولا أود كسر قلب زوجتي التي لم أر منها إلا كل خير، كما أنها لن تتفهم أبدا دوافعي، فأختار في كل مرة أن أعيش مع امرأة لم ولن يخفق لها قلبي على أن أجعلها تكرهني. ربما لن أملك الحب يوما لكني أملك الاحترام والمعاشرة بالمعروف، ونصيحتي لكل شخص أن يؤمن بالحب ويعيشه بحلوه ومره، فالحب الحقيقي يعيش فينا ولا نستطيع زرعه في قلوبنا تجاه أي شخص فقط لأننا نرغب بذلك”.

الزواج مقبرة الحب

تسألت فاطمة في بداية كلامها معانا قائلة هل الزواج هو مقبرة الحب؟ كما يقال، فأنا تزوجت بعد قصة حب دامت لسنتين ولكن بعد زواجنا تغيرت معاملة زوجي، فالكلام المعسول واللهفة والحب الجارف تحول إلى معاملة سيئة وخيانة وجروح عميقة تبقى آثارها بادية بالرغم من مرور السنين. وأضافت “وفي ظل الحياة البائسة التي أعيشها هل سيبقى الحب موجودا داخلي؟ وهل بإمكان قلبي المجروح أن يحتوي مجددا على الحب والاحترام لمن آلمه وأذله؟ لكن هناك شيء واحد يلون حياتي هم أولادي والذين آمل أن أحقق أحلامي من خلالهم، أما أمام الناس فأكتفي بوضع قناع جميل مزيف أنني أعيش حياة جميلة”.

الحب رغبة ساذجة

وأوضحت سعاد أنها لطالما حلمت مثل غيرها من البنات بزوج رومانسي يداعب مشاعرها بكلمات رومانسية تسعدها، وقد كتب الله لها الزواج بشخص أحبته إلا أنها فيما بعد اكتشفت فيه الكثير من العيوب وأنه شخص غير مسؤول. تقول “اضطررت للعمل لأصرف على بيتي ولا أشعر بذل السؤال، وتحولت من فتاة مراهقة تحلم دائما بكلمات الحب إلى مجرد خادمة لزوج غير مبال، وأصبح الحب بالنسبة لي رغبة ساذجة لأن واقع الزواج مختلف كثيرا عن الحياة الوردية التي نرسمها في مخيلتنا، لكني أحاول أن أطمئن نفسي أنه سيتغير مع الأيام وأن هذا قدري وعليا الرضا به، وأن ليست كل الأحلام تتحقق فأحيانا تفاجأنا بالحياة بواقع مر وحقيقة أشباه الرجال”.

آراء المختصين:

تؤكد دراسة أجراها البروفيسور سيندي هازان، الأستاذ بجامعة كورنيل بنيويورك، أنه لا يوجد حب يمكنه الاستمرار مدى الحياة، وأن الحب لا يعيش مع العلاقة الحميمية إلا لمدة أربع سنوات كحد أقصى ثم يموت بعدها، بينما يبقى حسن المعاشرة والود.

ومن ناحية أخرى أكد الباحثون في لندن كوليدج أن الحب أعمى، لأن الوقوع فيه يؤثر فيه دوائر رئيسية في المخ، وأن الدوائر العصبية التي ترتبط بالتقييم الاجتماعي للأشخاص الذين نتعرف عليهم، تتوقف عن العمل عندما يقع الإنسان في الحب، وهو ما يفسر أسباب تغاضي بعض الأشخاص عن الأخطاء أو الصفات غير المرغوب بها فيمن يحبون وهو التأثير أو الغشاوة التي قد تزول مع مرور الوقت ليكشف كل طرف حقيقة الآخر ويكون إيذانا بانتهاء الحب.
في حين تؤكد بعض الأبحاث المختصة بالعلاقات الزوجية أن هناك أنواع من الحب الذي لا يموت بعد الزواج وهي:

*حب يستمر رغم الخلاف: إن الحب الذي يزول بعد الزواج لم يكن حبا يوما بل مجرد نزوة عابرة وينتهي بعد عدة أشهر من الزواج ما يكون سببا رئيسيا للطلاق، ومن هنا يجب أن تتأكدي من مشاعرك قبل الإقدام على خطوة الزواج، وبما أن الحياة الزوجية تتعرض لبعض الخلافات اليومية لا بد من حل تلك المشكلات ومواجهتها بعقلانية وإذا نجحت في ذلك فسيستمر الحب رغم تلك الخلافات.

*حب التعود: مع العشرة بينك وبين زوجك يصبح الحب نوعا من الاعتياد والتعود بينكما إذ تصبحان أقرب لبعضكما وتدركان جيدا ما يحلو للآخر وما يزعجه، وإذا غاب الشريك يوما فستشعرين بافتقاد وجوده وهذا ما يسمى حب التعود.

*حب مبني على الحقائق: إن بعض الأزواج لا يتصارحون خلال فترة التعارف والخطوبة فيدركون بعض الحقائق أحدهما عن الآخر بعد الزواج وهذا ما لا يحتمله الشريك لأنه سيفاجأ بتلك الأمور، لذلك لا بد من أن يكون الحب مبنيا على الحقائق قبل الزواج لكي يستمر بأسلوب ناجح.

*الحب العقلاني: هناك بعض الأفراد ممن يفضلون أن يأخذوا قرار الزواج بناء على معايير عقلانية لا رومانسية وهذا ما قد يؤثر سلبا بعد فترة من الزواج ويؤدي إلى الندم لذلك يجب أن يكون قرار الزواج مبنيا على العقل والقلب معا لكي يكون الحب مزيجا بين الاثنين ما يسهم في إنجاح الزواج واستمراره.

*حب الأنانية والتملك: هناك نوع آخر من الحب الذي يتصف بالأنانية حينما يشعر الشريك بأن شريكه ملك له وهذا ما يكبله بقيود ويأسره فيسبب ردة فعل عكسية ويطمح للتخلص من حياته الزوجية والتحرر من تلك القيود. لذلك يجب أن تهتم الزوجة بشريكها ضمن معايير محددة دون أن تبالغ في هذا الاهتمام لكي لا يصل لحدود التملك والأنانية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد