لماذا لسنا سعداء؟

تقوم هيئة تابعة للأمم المتحدة تسمى بشبكة حلول التنمية المستدامة سنويا بإصدار تقرير السعادة العالمي، وهو مقياس لرفاه وسعادة شعوب ودول العالم، وقد كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت قرارا في يوليو من سنة 2011 يدعوا دولها الأعضاء إلى قياس مؤشر السعادة هذا عند شعوبها للمساعدة في توجيه سياساتها العامة، وفعلا صدر أول تقرير في 1 أبريل سنة 2012.

ويتم تحديد مستوى سعادة شعوب الأرض وفقا لمعايير منها مستوى الفساد أو بالأحرى قلة فساد الحكومات وسلامة بيئة الأعمال والاقتصاد وكذلك الدعم الاجتماعي للمواطنين، ونصيب الفرد من الناتج المحلي ومتوسط العمر والحريات المكتسبة وسخاء الدولة على مواطنيها.

وإن كانت التقارير الستة الصادرة إلى حد اليوم قد احترمت المنطق فيما يخص الدول المتصدرة للمؤشر العالمي، كدول أوروبا الشمالية المتطورة اقتصاديا واجتماعيا وحقوقيا وعلى مختلف الأصعدة الأخرى كما وقد تذيلت الترتيب الدول الأفريقية وإجمالا دول العالم الثالث كما كان متوقعا ، إلا أن الأمر لم يخلوا من مفاجئات غريبة فدولة كالجزائر والتي تعتبر منغلقة سياسيا ويقودها رئيس شبح ولا أحد يعرف كيف ومن يسير الشأن العام هناك واقتصاديا بلد غني بالنفط والغاز ومازال أبنائه يمتطون قوارب الهجرة السرية ولازالت النساء الحوامل تموت على أبواب المستشفيات ، هذا البلد حصل على المرتبة 53 في مؤشر السعادة هذا !

ودولة كليبيا تمزقها الحرب الأهلية منذ 5 سنوات وتحكمها على الأقل حكومتين واحدة في بنغازي والثانية في طرابلس وتتنازع الأطراف مليشيات مسلحة لا حصر لها ولا عدد والقتل والاختطاف مستفحل في البلاد بشكل مريع والحصول على قطعة سلاح أسهل من الحصول على دواء لعلاج الأمراض المستعصية تحصل على الترتيب 68 في مؤشر الرفاه والسعادة العالمي !!

أما نحن هنا في المغرب وهنا تبرز المفاجأة الكبرى حصلنا على المرتبة 84 بفارق 9 نقط عن الصومال الذي حصل على المرتبة 93 !
فأين الخلل ؟ وماهي عوامل السعادة التي تنقصنا ؟

المغرب لا شك أنه تجربة فريدة في الاستقرار مقارنة مع عدة دول جعلها التقرير فوق رؤوسنا، وأحواله في عدة مجالات لا بأس بها لكن هل هذا يكفي لكي ننافس مجتمعات وشعوب العالم في مجال الرفاه والسعادة وهل قبل كل هذا نستطيع أن نقول أن المجتمع المغربي بكل المقومات الإيجابية التي تتوفر عليها الدولة قد أخذ حقه من كل من الثروة والعناية الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية ؟ أو كنا بحاجة لهذا النوع من التقارير حتى نكتشف هذا الوضع الغريب ! لأن المؤشرات الدولية لا تكذب عادة ولا ترحم !

رغم أن مايحصل في الأشهر الأخيرة من تفاقم حالات الانتحار يجعلنا أمام مجتمع يفتقد للسعادة فعلا لدرجة اليأس….

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد