كيداي:شغب الملاعب ”إقصاء مفتعل” للشباب وتهميش لقدراتهم

عادت ظاهرة شغب الميادين، لتسكن مدرجات الملاعب الوطنية وتزهق معها أرواحا خاصة في صفوف الشباب، إذ أن الاصطدامات التي تشهدها بعض مباريات البطولة الوطنية في قسمها الأول و الثاني بين أنصار الفرق، تكون دامية في الغالب، و تؤدي إلى وقوع ضحايا بالعشرات أغلبهم شباب في مقتبل العمر، بل إن الصراع على ألوان الفريق يمتد ليشمل المحيط الخارجي للملاعب حيث تكون مباراة في كرة القدم الشرارة الأولى لانطلاق ”حرب أهلية” لا تحمد عقباها وهو بالضبط ما حدث عقب مباراة الوداد البيضاوي و شباب الريف الحسيمي بين مشجعي الفريق، حيث أودت أعمال الشغب التي عرفتها الحسيمة السبت الماضي بحياة العشرات ، يومان فقط بعد أن رخصت وزارة الداخلية عودة ”الأولتراس ”إلى الملاعب بعد قرار الويكلو.

وفي هذا الإطار أوضح عبد اللطيف كيداي أستاذ باحث في علم الاجتماع في تصريح خص به المصدر ميديا، أن ظاهرة الشغب تخضع لمقاربة شمولية يمتزج فيها ما هو نفسي بما هو اجتماعي، مبرزا أن الشغب داخل المدرجات هو صورة تعكس العديد من المشاكل الاجتماعية و النفسية خصوصا في صفوف الشباب الذين يعيشون تحت وطأة ”الإقصاء المفتعل” الذي له ارتباط بالمحيط الأسري، ولعل أبرز مشكل يعترض هؤلاء الشباب و المراهقين هو مغادرتهم المدرسة في سن مبكرة و الذي يعود بالأساس إلى ضعف المنظومة الأسرية التي تحتضنهم.

و أكد كيداي أن اجترار الشباب في أعمال التكسير و التخريب التي تكون السمة الطاغية في ظل أعمال الشغب التي تولدها مباريات كرة القدم في أبعادها التنافسية التي لا تلامس ضوابط الروح الرياضية، هو تعبير عن عدم رضى للأوضاع الاجتماعية ، أمام تفشي الفقر و الأمية والبطالة ، مضيفا أن هذه الظواهر مجتمعة تؤدي إلى غياب الآفاق بالنسبة لهؤلاء الشباب مرتكبي أعمال الشغب، فضلا على أن أغلبهم ينتمون إلى 42 ألف تلميذ ممن يغادرون المدارس سنويا.

وعرج الباحث في علم الاجتماع، إلى أن الأسباب المباشرة لاستفحال ظاهرة الشغب داخل المجتمع، لها ارتباط مباشر بتعاطي المخدرات بجميع أنواعها و سهولة الحصول عليها، مبرزا أن المسؤولية تتحملها الجهات المعنية بتطوير المنظومة التعليمية التي تعتبر الفضاء الحقيقي لصد كل الظواهر الخارجية المؤثرة، حيث إن هذه المنظومة؛ تعتبر ”إقصائية” و تزيد من تكريس منطق ”الفراغ المعرفي” الذي يولد العنف اللفظي والجسدي لدى هذه الفئة و هو ما نشهده خلال المباريات التي تعتبر ”محفزا” وليس عاملا من ”عوامل الشغب ”، يجد من خلاله المشجع الشاب متنفسا للتعبير عن إقصائه و كرهه للمجتمع.

و نفى كيداي ارتباط أعمال الشغب بمنطق التشجيع في كرة القدم. مؤكدا أن ارتباط مشجع بفريق دون آخر هو مسألة طبيعية ليس لها علاقة مباشرة بأعمال العنف التي تتولد بعد نهاية المباراة عكس ما يتم الترويج له، مشيرا إلى أن المشكل يقتصر على أبعاد سيسيوثقافية في ظل غياب التأطير و المراقبة القانونية.

ولفت المتحدت ذاته أنه من العوامل التي تدخل في سياق أعمال الشغب، تتركز في ضعف النظام التربوي الذي يفتقد لأسس المنافسة وتكريس التربية الرياضية و الضوابط المؤطرة لها، عبر خلق مناهج تكوينية مركزة تعتمد على منطق التشاركية و التعبير، والإبداع، مضيفا أن ما تم تغييبه على مستوى المنظومة التربوية في المغرب هو الاستثمار الإيجابي في الشباب و في طاقاتهم.

و أشار كيداي في ختام تصريحه على أن الجهات المسؤولة يجب أن تتخد كل الاجراء ات اللازمة، للحد من هذه الظاهرة، والتركيز على تأطير الشباب و خلق عدد من مجالات الإبداع التي ستساعدهم على تفريغ طاقاتهم السلبية ورفع نسبة الوعي لديهم من خلال تنويع الأنشطة التشاركية التي لا تقتصر فقط على مجال الرياضة بل تشمل المسرح و الثقافة والفن و الموسيقى وغيرها من المجالات الأخرى المعروفة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد