خلفت المخرجة اللبنانية نادين لبكي انطباعاً قوياً في مهرجان “كان” مع فيلمها “كفرناحوم” حول الطفولة المهملة والمعذبة من خلال الممثل الطفل زين الرافعي، الذي أهمله أهله فقرر مقاضاتهم.
وقالت نادين قبيل مجيئها إلى الدورة الـ 71 للمهرجان، حيث تنافس للفوز بجائزة السعفة الذهبية في المسابقة الرسمية: “هذا الطفل الذي أراه في الشارع عندما يختفي الى أين يذهب؟ ماذا يحل به؟ من هم أهله؟ كيف هي حياته؟ هذا ما كان يهمني”.
وأوضحت المخرجة التي اكتشفها مهرجان كان عام 2007 بفضل فيلم “سكر بنات” أنها حاولت من خلال هذا الفيلم أن تكون صوت هؤلاء الأطفال.
ويتبع الفيلم الفتى زين البالغ 12 عاماً، وهو طفل شارع متمرد في حرب مع والديه اللذين يرفضان إرساله إلى المدرسة ويضربانه. وبلغ هذا السخط ذروته عندما زوجا شقيقته في سن الحادية عشرة، فيهرب زين ويلتجىء إلى رحيل وهي إثيوبية
لا تملك أوراق إقامة في لبنان وستعهد بحضانة طفلها إليه لتتمكن من العمل، إلى أن اختفت رحيل في يوم الأيام… ثم تأتي المحاكمة التي ترد في أول الفيلم.
ولجأت لبكي إلى الكثير من المشاهد الاستعادية لتوضيح المسار الذي أودى بزين إلى هذه النتيجة الصعبة الفهم في البداية.
ويبرز في الفيلم أداء الفتى زين الرافعي. فهذا اللاجئ السوري البالغ 14 عاماً فقط يقيم في حي شعبي في بيروت وقد لفت نظر معدي الفيلم عندما كان يلعب مع أطفال آخرين. وهو ممثل غير محترف على غرار كل ممثلي الفيلم.
وهذا الخيار يعطي قوة وثائقية للفيلم مُظهراً هوامش المجتمع اللبناني. وإلى جانب زين يركز “كفرناحوم” على مصير طفل آخر هو يوناس ابن رحيل.
فهذا الطفل لم تصرح الأم بولادته لذا فهو غير موجود بنظر القانون، مما يرغم الأم على إخفاء وجوده. وسيضطر زين إلى الاهتمام به عندما يجد نفسه وحيداً معه.
تشكل المشاهد التي تجمع الطفلين اللذين لا أفق لهما أجمل محطات الفيلم. وتظهر نادين لبكي التي باشرت التصوير بعيد ولادة ابنتها، فيها كل أوجه العلاقة مع الطفل من التعلق به إلى نفاد الصبر مروراً بالعطف.
وقد صفق طويلاً للفيلم مساء أمس الأول عند عرضه مع أن البعض أخذ عليه الإفراط في النوايا الحسنة وطغيان الموسيقى.
وقالت لبكي، في مقابلة صحافية: “تشكل السينما واحداً من أمضى الأسلحة للفت الانتباه إلى موضوعات معينة، إنها مسؤولية الفنانين”.