قانون الإطار الجديد للتعليم تعزيز لنفوذ لغة الأجنبي أم حقيقة انفتاح؟!

أخيرا وبواقع 25 صوتا ب ” نعم ” وصوتين إثنين ب” لا ” وامتناع 3 أعضاء عن التصويت، تمت المصادقة يومه الثلاثاء 16 يوليوز2019 بلجنة التعليم والثقافة والاتصال المنبثقة عن مجلس النواب وبالأغلبية على مشروع القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، في إنتصار للمترافعين لصالح فرنسة التعليم المغربي.

القانون الذي أثار موجة سخط عارمة في صفوف مناصري “التعريب” ضد ما إعتبروه محاولة لـ” تعزيز للنفوذ الأجنبي”، بعد أن إعتبر رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بنكيران، ضمن سياقه، ان الجهات التي تسعى الآن إلى تدريس اللغات العملية بالفرنسية، هي “اللوبي الفرنسي المفرنس أكثر من الفرنسيين”، والذي “يحاول طمس الهوية المغربية والإسلامية والعربية”، وتوقيع بيان مشترك من طرف 76 شخصية سياسية وفكرية وأكاديمية ودعوية، يوم أمس الخميس 18 يوليوز، رفض لتمرير مشروع هذا القانون الإطار، معتبرين أنه “تم السعي لفرض فرنسة التعليم خارج المنطق الدستوري والمؤسساتي”، في “خطوة عنادية ومفروضة على مناهجنا التعليمية، وتمثل غزوا فرنسيا جديدا يجب مقاومته”، وفق تعبيرهم.

وتعليقا على تمرير القانون الإطار بلجنة التعليم والثقافة والاتصال، إعتبر عبد الرحيم الشيخي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، أن “مشروع قانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين لم يحترم مقتضيات الفصل 5 من الدستور”.، مؤكدا في تصريح للمصدر ميديا، على أن قانون الإطار لم يحترم مقتضيات الفصل 5 من الدستور والتي تنص على ان اللغة العربية تظل اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها، وأن اللغة الأمازيغية تعد أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة، بدون استثناء.

واوضح رئيس حركة التوحيد والإصلاح، على ان مشروع قانون الإطار لا يستجيب لمسألة التعريب التي تعد مسألة جوهرية وأساسية كلغة للتدريس ضمنه، معتبر على ان المدافعين عن التعريب في تدريس المواد العلمية والتقنية ضد “الفرنسة” ضمن مضامين المشروع ليسوا ضد الإنفتاح ولغاته، التي إعتبرها “الشيخي” مطلبا اساسيا اليوم، لكن الأمر يتعلق بلغة التدريس بعيدا عن اللغات الرسمية للبلاد.

وأبرز الشيخي، ان المطالبين بتدريس اللغة العربية ضمن المقررات الدراسية ليسوا ضد الإنفتاح، عكس ما يحاول المدافعون عن “الفرنسة” الترويج له، لكنهم مع إعتماد اللغة العربية كلغة رسمية للبلاد في التدريس بشكل كامل، تم تحقيق الإنفتاح ضمن هذا المسار، مشددا على ان تجارب مختلف الدول المتقدمة تدرس بلغاتها الوطنية أولا، تم تنفتح بعد ذلك على باقي لغات التدريس العالمية الأكثر تداولا.

وتابع رئيس حركة التوحيد والإصلاح، أن المغرب راكم مسارا ناجحا من خلال إعتماد العربية كلغة للتدريس، ونجح لما يقارب 30 سنة في إرسائها ضمن مناهجه ومقرراته، موضحا ان الأمل كان في ان يرتقي إعتماد العربية كلغة للتدريس في التعليم العالي مع الإنفتاح على اللغات الأجنبية.

وكانت حركة التوحيد والإصلاح، قد اصدرت مساء الثلاثاء الماضي، بلاغا ينتقد البرلمان على تصويته على مشروع قانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين الذي صوت لفائدته أعضاء من الذراع الدعوي لـ”البيجيدي”، بعد ان صوت أربعة عشر برلمانيا من أعضاء حركة التوحيد والإصلاح على تمرير القانون الذي حاربته الحركة، وعلى رأسهم محسن مفيدي، الرئيس السابق لمنظمة التجديد الطلابي، وحسن اعديلة ومولاي البشير طوبا وإسماعيل شكري، بالإضافة إلى برلمانيات ينتمين للحركة ومنظماتها النسائية الموازية كمينة مودن وسعاد العماري.

وفي ذات السياق، أكد الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي عبد الرزاق الإدريسي، في تصريح للمصدر ميديا، أن تجاوز مسألة النقاش القائم حول اللغة ضمن مشروع قانون إطار رقم 51.17 يتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، الذي صوتت عليه لجنة التعليم والثقافة والاتصال، أمر جيد، لكن لايجب أن يحجبنا عن رؤية تفاصيل مضامين المشروع الذي يحميل في طياته تفاصيل أخرى غير مسألة اللغة، كمجانية التعليم، ونظام التعاقد، والإنفتاح الموجه نحو دعم المدارس الخاصة في مقابل تقليل وتحجيم دور المدارس العمومية.

وأبرز الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم، أن مسألة النقاش القائم حول اللغة، أمر صحي وجيد، لكن يجب أن يتم في إطار إحترام اللغات الوطنية والتمكن من الإنفتاح على اللغات العالمية الأكثر تداولا، والتي أصبحت تفرض نفسها اليوم كوسيلة مهمة من اجل الانخراط في سياق التسارعات العلمية والإقتصادية التي يعرفها العالم، والوعي بمضامين المشروع في كل تفاصيله اللغوية والإقتصادية والإجتماعية…، مضيفا ان المغرب لا يشكل إستثناءا في هذا الباب، فهناك عدد من الدول التي لاتزال محافظة على لغتها أولغاتها الوطنية، ومنفتحة، في الباب ذاته، بشكل كبير على اللغات الأجنبية العالمية الأكثر تداولان.

وكانت لجنة التعليم والثقافة والاتصال المنبثقة عن مجلس النواب قد صادقت يومه الثلاثاء 16 يوليوز2019 بالأغلبية على مشروع القانون الإطار، في إنتصار للمترافعين لصالح فرنسة التعليم المغربي، بعد صراع بين تيار “التعريب و”الفرنسة”، الذي دخل ضمن سياقه كل رئيس الحكومة الأسبق عبد الإله بنكيران، الذي أكد، في وقت سابق، خلال مداخلة بالمؤتمر الوطني للغة العربية، أن مستقبل 90% من المغاربة يبقى مجهولا في ظل خيار تدريس هذه المواد باللغة الفرنسية، مبرزا أن تدريس العلوم باللغة الفرنسية قد يعني زيادة نسبة الرسوب في الباكالوريا، مما سيقتضي إلى خفض عتبة النجاح، وهو ما سينعكس على التعليم بأكمله، داعيا إلى تصحيح مسار القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين في البرلمان، مؤكدا أن “التصحيح ليس عيبا رغم مروره أمام الملك في المجلس الوزاري، وأمام المجلس الحكومي، لأن البرلمان فرصة للتفكير بشكل جماعي فيما إن كان هذا القانون سيصير مقبولا في المجتمع أم لا”، وعضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي نور الدين عيوش، الذي رد بدوره، في تصريح سابق للمصدر ميديا، أن بعض المدافعين عن إعتماد اللغة العربية كلغة لتدريس المواد العلمية، ضمنهم مسؤولون ووزراء يرسلون أبنائهم للدراسة بالبعثات الأجنبية، وبدول تعتمد الفرنسية والإنجليزية، ويقفون ضد تمكن أبناء الشعب من نيل حضهم من الإنفتاح الذي أصبح سوق الشغل به مرهونا بالتمكن من اللغات الأجنبية.

يذكر أن مشروع قانون الإطار يندرج في إطار” الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي 2015-2030″ ، التي اقرت بعد فشل المخططات الإصلاحية التعليمية، والتي فرضت على المغرب ضرورة إعادة النظر في نموذجه التعليمي.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد