فين واصلين لبغال ؟

أخبرتني أحدى صديقاتي بقصة في ظاهرها طريفة وفي باطنها حزينة جدا ، حدثت معها وهي واقفة في انتظار اجتياز معبر باب سبتة ؛ حيث سمعت حديثا لبعضهم عن ثمن البغلات وعن ارتفاع ثمنهن الى 1500 درهم ويتحدثون عن الأمر باهتمام شديد فدفعها الفضول الى سؤالهم عن مدى حاجة الناس في مدينة يعيش الناس فيها بمستوى اوروبي الى البغال ؛ فاجابها أحدهم ساخرا ان البغلة ما هي إلا امرأة مغربية تنقل السلع المهربة على ظهرها من سبتة الى داخل تراب المملكة !

البغلة أصبحت ب 1500 درهم !

قالت لي صديقتي انها ولمدة أيام وتلك الكلمات يتردد صداها في أذنيها وتقلق راحتها لما وصل إليه حال بعض نساء هذا الوطن ! هؤلاء السيدات المناضلات (وهو اللقب الأنسب لهن في تقديري ) هن نساء عرين عن سواعدهن وأظهرهن (جمع ظهر) ليعرين ذكور هذا البلد من رجولتهم وعرين معها واقع بلد يسوق لنفسه كبلد المساواة وحقوق النساء، ومن يرى ما يتكبدن أولئك النسوة من مجهود بدني رهيب تحت لهيب الشمس، وبظهر مقوس، يسرن المسافات عبر الحدود من سبتة وإليها تحت نظرات إحتقار موظفي الحدود الاسبان و في ظل لا مبلاة موظفي الحدود المغاربة يعرف أن ما اخرجهن الا “الشديد القوي” وان خروجهن قسري بالضرورة لإطعام بطون أبناءهن و كسوتهن بما يليق بأدميتهن، هؤلاء النسوة لو كان عند المسؤولين والرجال بصفة عامة في هذا البلد ما يكفي من النخوة لما فرطوا في حقهن ولما عرضوهن للاذلال بل وحتى الموت، وهذا ما حدث بالضبط منذ ايام حيث أستشهدت سيدتين (شهيدات لقمة العيش) على أثر تدافع حصل في المعبر الحدودي، خبر ينزل علينا من حين لاخر كالصاعقة لأنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة بالتأكيد، نساء يحملن على أكتافهن وجع السنين، وثقل الهموم لينضاف اليهما ثقل البضائع المحملة على ظهورهن، مايتعرض له نساء المغرب عند معبر سبتة هو وصمة عار في جبين الحكومات المغربية المتعاقبة على هذا البلد، وفي جبين رجال يتشدقون بالرجولة في مجالسهم الخاصة مع أصدقائهم، في حين يحمل كل واحد منهم وزر مايحصل للعديد من زوجاتهم وأمهاتهم وأخواتهم.

لم يعد عمل المرأة نابع من كونها تريد اثبات ذاتها أو المساواة مع الرجل ، بل أصبح الامر أشبه بعقاب لها يفرضه عليها المجتمع وكأنه يعاقبها على المطالبة بحقوقها وبمسواتها مع الرجل.

هذا الحدث المأساوي بكل المقاييس وخصوصا بالنسبة لأهل وذوي هؤلاء المسكينات، يعيد طرح نفس الأسئلة عن المسؤول وعن الحل وعن كيفية إيقاف هذا النزيف الإنساني !

يقول مثل أفريقي :
عمل الأمهات غذاء الأبناء.

اللهم أرحم أمهاتنا ونساء البلد قاطبة

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد