قال المدير العام للضرائب عمر فرج، يوم أمس الجمعة بالصخيرات، إن تحديث الإدارة الضريبية يشكل مطلبا وضرورة رئيسيين لإصلاح النظام الضريبي الوطني.
وأضاف فرج في مداخلة خلال أشغال المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات التي تنعقد تحت شعار “العدالة الجبائية” أن “أحد الاستنتاجات المهمة للأشغال التحضيرية لهذه المناظرة ، والتي عرفت مساهمة واسعة لفعاليات عديدة، أكدت أن تحديث الادارة الضريبية مطلب وشرط أساسيين لإصلاح النظام الضريبي” . وأشار إلى أن هذه الاشغال قد سلطت الضوء على اختلالات النظام الضريبي كما ركزت على الدور المركزي للإدارة الضريبية.
ونبه فرج الى أنه “يمكننا تطوير أفضل نظام ضريبي من خلال النصوص ، ولكن إذا لم تقم المؤسسة المسؤولة عن تنفيذه بعملية تتبع عند التطبيق ، فإن المخاطر تبقى كبيرة مما يؤدي إلى ضياع كل الجهود “مشيرا إلى أن جودة خدمة إدارة الضرائب ، وطريقة عملها ، والسلوكات اليومية لأطرها ، عوامل تؤثر بشكل كبير على تصور وسلوك دافعي الضرائب.
وبرأي فرج فإن الإدارة الضريبية “لم تكن أبدا متحفظة بشأن التغيير ، وقد تمكنت من التكيف ومواكبة التغييرات الحاصلة في بيئتها”.
وأشار إلى أن “هذه القدرة على التغيير هي في حد ذاتها ضمانة بأن المشاكل ستطرح دائما بلا قيود وأن الإصلاحات ستنفذ بطريقة استباقية ” مضيفا أن أحد أبعاد هذه التغييرات هي التحول الرقمي الذي انخرطت فيه الإدارة الضريبية ، والذي أدى إلى تحول جذري في طريقة عملها ، ونوعية علاقتها ببيئتها ، وفهمها لسلوك الفاعلين .
وأبرز في هذا السياق أن هذا التحول الرقمي على مستوى المديرية العامة للضرائب هو وسيلة لضبط وعقلنة ما يتم القيام به .
وقال فرج إن المرحلة الأولى من عملية الرقمنة هذه قد اكتملت ، موضحا أن “المرحلة الثانية تسائل قدرة وخبرة إدارة الضرائب على تنظيم ومعالجة وتحليل المعلومات المتوفرة توخيا للدقة واليقظة ، مع ضمان تحقيق الأهداف الاستراتيجية لإصلاح عميق للنظام الضريبي الوطني وتحسين المردودية”.
وفضلا عن ذلك فقد توقف السيد فرج عند ثلاث ملاحظات شكلت تقريبا خلاصة جميع المساهمات التي قدمت خلال الاشغال التحضيرية لهذه المناظرة والتي في حاجة إلى أجوبة ، مضيفا أن الملاحظة الأولى تتعلق بضرورة القطع مع الغموض الذي يطبع بعض بنود قانون الضرائب فيما تهم الثانية ضعف ثقة الإدارة تجاه دافعي الضرائب ، بينما الملاحظة الثالثة تؤكد على أن الانخراط في الاداء الضريبي يتطلب مزيدا من العقلانية ، على مستوى الضريبة نفسها وكذا على صعيد سلوك مستخدمي الإدارة.
وأضاف أن المديرية العامة للضرائب قد ساهمت بفعالية في الحفاظ على التوازن الماكرو اقتصادي للبلاد ، مع متوسط نمو سنوي من إيرادات الضرائب الإجمالية بلغ حوالي 5 في المائة على مدى السنوات الأربع الماضية.
من جانبه ، أشار رئيس اللجنة العلمية للمناظرة محمد برادة إلى أن الضرائب موضوع يحظى براهنية ، ليس فقط في المغرب ، ولكن في جميع أنحاء العالم ، مشددا على أن هذه المناظرة قد أدت الى بروز انتظارات عديدة .
وبعد ان ذكر بمسلسل التحضير للمناظرة، قال برادة إن إصلاح النظام الضريبي يفرض نفسه اليوم أكثر من أي وقت مضى وذلك لمحاربة البطالة ، وبصفة خاصة وسط الخريجين الشباب ، والحد من تفاقم التفاوتات الاجتماعية.
وأوضح “أن كل عنصر يؤثر في الآخر ، فكلما زاد معدل البطالة ، تفاقمت أوجه عدم المساواة” ، مضيفا أنه من أجل حل هذه المشكلة فإنه يتعين تحسين وتشجيع الاستثمارات المنتجة والمدرة للشغل بشكل دائم ، وليس تشجيع الاستثمارات التي تؤدي إلى الريع.
كما أشار إلى أن الهدف ، من خلال هذين المناظرة ، يتمثل في صياغة قانون إطار لتحديد عدد من التدابير التي يتعين اتخاذها على مدار السنوات الخمس القادمة.
وتنعقد أشغال هذه المناظرة، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس والمتواصلة حتى يوم غد السبت، في سياق التفكير القائم من أجل بلورة نموذج تنموي جديد أكثر شمولية ودينامية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والترابي والبيئي.
وتتوخى هذه المناظرة أيضا تحديد معالم نظام جبائي وطني جديد يكون أكثر إنصافا وتنافسية وأفضل أداء يستوعب المبادئ العالمية للحكامة الجيدة، وذلك في إطار تفكير جماعي ومقاربة تشاورية.
وستتوج أشغال المناظرة بصياغة مشروع قانون-إطار يرسي برمجة زمنية لمختلف مراحل إصلاح النظام الجبائي الوطني.