عيد الأضحى.. عادات وتقاليد وأفراح تزرع قيم التآزر والتكافل بين المغاربة

الاحتفال بعيد الأضحى في المغرب أو (العيد الكبير) كما يسميه المغاربة، يزخر بمجموعة من الأجواء المفعمة بالفرحة و السعادة الغامرة والروحانية الصافية، حيث مازال المغاربة يحافظون على معظم العادات والتقاليد والطقوس المنبثقة من تراثهم العريق، الذي يشكل تنوعا فريدا في طرق الاحتفال بهذه المناسبة الدينية.

فقبل حلول العيد بنحو عشرة أيام، تنتشر أسواق بيع الأكباش بمختلف أنواعها (الصردي و البركي و تيمحضيت، والدمان …) في كافة مدن ومناطق البلاد في حركة تجارية نشيطة ، كما تنتشر إلى جانب بيع الأكباش ، مهن موسمية مرتبطة بهذه المناسبة كعملية بيع علف الأغنام وسط شوارع وأزقة الأحياء، و شحد السكاكين ، والاتجار في الفحم والشوايات والقضبان الحديدية وغيرها من لوازم العيد.

و من جانب آخر، تعرف تجارة التوابل رواجا منقطع النظير، حيث تحرص الأسر المغربية على اقتناء مختلف أنواعها لاستخدامها في تحضير وجبات خاصة بمناسبة العيد ك “المروزية” و “التقلية” و استعمالها كذلك في تجفيف اللحم تحت أشعة الشمس (القديد) ، علاوة على تحضير أكلات مختلفة تختلف من منطقة إلى أخرى من مناطق المغرب.

تلاحم عائلي و تباهي اجتماعي

يحتفل المغاربة بعيد الأضحى المبارك في أجواء دينية و عائلية متميزة، حيث يحرصون على ارتداء الملابس التقليدية الجديدة، والذهاب لصلاة العيد و التزاور والتسامح بين الأهل والأقارب. و تظهر عادة خاصة في عيد الأضحى لدى جل المغاربة و هي التفاخر بحجم أضحية العيد، إذ يبدي البعض اهتماما متزايدا بامتلاك كبش كبير الحجم بقرنين ملتويين، و تتحول هذه الظاهرة إلى هاجس لدى الكثير من العائلات، التي تعتبر حجم الأضحية معيارا أساسيا للاحتفال بالعيد.

و تبدأ مراسيم الاحتفال بعيد الأضحى عند المغاربة صباحا بالتوجه إلى المصلى و المساجد لأداء صلاة العيد، ثم يعودون بعدها لنحر الأضحية في أجواء عائلية تقليدية، كما يخصصون الفترة المسائية من يوم العيد لتبادل الزيارات العائلية. و تختلف طريقة الاحتفال بالعيد في المغرب من منطقة لأخرى، والتي تتم وفق عادات و طقوس متوارثة. ولا تخلو الموائد من الحلويات المغربية التقليدية ، حيث تحرص الأسر على استقبال المهنئين بالعيد، بالشاي والحلويات المحضرة على طريقة الأصيلة مثل “كعب الغزال” و”الغريبة” و غيرها من الأشكال الأخرى.

صلاة العيد و الأضحية

تهتز مصليات و مساجد المملكة المغربية صبيحة العيد بالتكبير والتهليل والتحميد، الذي يضفي على جو هذا اليوم نسمات روحانية، ترسخ في النفوس معاني التقوى والإيمان و الخشوع و التقرب إلى الله، وبعد الاستماع إلى الخطبة و أداء صلاة العيد ، يشرع المصلون في تبادل التهاني والتبريكات بالعيد السعيد مرددين عبارة “عيد مبارك سعيد و كل عام و أنتم بخير”، قبل أن يعودوا إلى منازلهم لتقديم التهاني للأسر و الجيران، والشروع في عملية ذبح أضحية العيد، و يحرص الكثير من المغاربة، على ذبح الأضحية بعد ذبح الإمام الذي صلى بهم صلاة العيد.

وفي ثاني أيام عيد الأضحى المبارك، تعمل الأسر المغربية على تقطيع الأضحية، وإعداد ما لذ و طاب من أطباق متنوعة مكونة من لحم الأضحية احتفالا بأيام العيد.

و يبقى جلد الكبش ( الهيدورة ) أول ما تتخلى عنه الأسر المغربية اليوم عكس ما كان عليه الحال في السابق، لترمى في حاوية الأزبال أو تعطى لحرفيي الصناعة التقليدية، حيت اندثرت عادة غسل وتشميس جلد الأضحية، ليتحول إلى فراش يستعمل في الجلوس خاصة خلال فصل الشتاء.

و في ميزة خاصة لعيد الأضحى، لا يبالي الأطفال بالعيدية في هذه المناسبة كما هو الحال عليه في عيد الفطر، و يرغبون في المشاركة في طقوس العيد، فيجتمع أطفال كل حي من أحياء المدن من الصباح الباكر ليوم العيد إلى اقتراب غروب الشمس لشي رأس الأضحية ( تشواط الراس) في جو تعمه الغبطة و السرور فيما بينهم عائدين إلى بيوتهم في المساء و الكل مبتهج وسعيد بما حصل عليه من مال مقابل مجهوده طيلة اليوم.

أكلات العيد

اعتاد المغاربة على الإفطار بكبد الخروف ( بولفاف) في اليوم الأول من عيد الأضحى، و تناول “التقلية” في وجبة الليل،  كما للمرأة المغربية شأن خاص في هذه الأيام المباركة ، حيث تجتهد كل واحدة في إعداد الشهيوات المكونة من لحم الأضحية، و تتبادل بعض الأسر الوجبات فيما بينها.

ومن أشهر الأطباق المغربية في عيد الأضحى، أكلة “المروزية” وهي وجبة حلوة تحضر بالعظام المتبقية، والسكر واللوز والزبيب، ويحتفظ بأجزاء من لحم الأضحية لتجفيفه (القديد)، أما ما يسمى بـ “الذيالة”، فيحتفظ بها إلى غاية يوم عاشوراء لطهيها في الكسكس.

السفر و التنقل في عيد الأضحى

تعرف مختلف المحاور الطرقية بالمملكة المغربية قبل موعد العيد بأيام، ازدحاما كثيرا و حركة غير عادية، ما يدفع بمؤسسات النقل العمومية والخاصة إلى اتخاذ تدابير و إجراءات استثنائية، ضمانا لانسيابية عادية خلال أيام العيد، و بما أن عدد المسافرين يرتفع بشكل ملحوظ في هذه المناسبة ، تتعمد الكثير من شركات النقل إلى رفع أسعار التذاكر بعيدا عن أعين المراقبة، الشيء الذي يخلق نوعا من الفوضى و العشوائية.

و تبقى مناسبة عيد الأضحى، من بين أهم المناسبات لدى المغاربة قاطبة، توحد الجميع ليعودوا من خلالها إلى مجتمع العادات والتقاليد الغني و المتعدد.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد