عريضة البيض .. صحوة ضمير

يحكى أنه وفي إحدى الدول الأوروبية بعثت إحدى السيدات ابنها ذي الرابعة عشر لاقتناء البيض من البقال المجاور لبيتهم، وعندما أتى الصبي الى التاجر اكتشف ان ثمن البيض قد ارتفع بشكل كبير دون سابق انذار وبلا سبب منطقي ، فما كان منه إلا ان رفض شراء البيض بالثمن الجديد وفي طريق عودته لبيته اتخذ قرارا ان هذا الامر فيه جور وظلم على المستهلك وانه يحب ان يفعل شيء حيال ذلك.

فقرر الطفل حديث السن ان يكتب عريضة يقاطع فيها المتجر وشراء البيض حتى ترجع الأمور الى نصابها وبدأ على الفور بحملة جمع توقيعات من جيرانه ضد ما رآه تجاوزا من طرف تاجر البيض.

لم تمر أيام قليلة حتى خضع التاجر لإرادة الصبي ومن وراءه أهل الحي بل وحتى كان في الأمر درس للتجار الاخرين في المدينة والذين كانو ينتظرون نتيجة صراع القوة بين الطرفين قبل أن يتخذوا قرارات مماثلة برفع أثمنة المواد الغذائية ، فصار الصبي أيقونة في مدينته ومثالا حيا على تحمل المسؤولية وأخذ المبادرة بدون تباطؤ ولا انتظار تحرك الآخرين من أجل التغيير الإيجابي في المجتمع !

الخطاب الملكي الأخير جاء في طياته تحذير واضح، أن من لم يتحمل مسؤوليته كما يجب في سبيل إصلاح الشأن العام، قد يقع تحت طائلة العقاب و هذا الأمر فتح الباب لردود أفعال متفاوتة بحسب الأطراف المختلفة فهناك من أسرع بركوب موجة انتقاد المسؤولين وفضح بعض مواضع الخلل في تدبير الشأن العام، كما حدث مع المغنية نجاة عتابو في الفيديو الشهير، وهناك من تفاعل بإيجابية مع الموضوع وقرر ان يساهم في إصلاح الشان العام كما قام بعض الفنانين بالمساهمة بجزء من مداخيلهم لتنمية مناطقهم ، وكان الردان الأكثر اثارة للانتباه وأسالا الكثير من المداد على امتداد الاسبوع الماضي ، كلام بنكيران الذي لم يكن يخلو من لغة التحدي حين صرح بمدينة فاس في لقاء شبيبته انه يقبل بحل حزبه من طرف الملك إن ثبت تقصير من طرف حكومته إتجاه مشكل الريف والموقف الثاني والذي جاء أيضا مربكا للمشهد السياسي هو استقالة الياس العماري من رئاسة حزبه وما تلى ذلك من تحليلات حول الدوافع ومن وراءها وما الحكمة منها وما قد يتلوها من خطوات قد يقوم بها من يهندس المشهد السياسي في البلاد.

قد تستغربون موقع القصة التي اوردت اعلاه من كل هذا ،قصة الصبي وبائع البيض وعلاقته بهذا الحراك الذي تعرفه الساحة هاته الايام ولكني أكاد اجزم ان ذاك الصبي فقه ما لم تفقهه شرائح كبيرة من هذا المجتمع وخصوصا من كانت لهم ردات فعل على الخطاب الملكي كما اسلفنا !

المسألة برمتها تتعلق بروح المبادرة وتحمل المسؤولية وهل هي ثقافة متجدرة فينا ؟ ام مجرد رد فعل يظهر كلما كنا تحت ضغط مهما عظم شأنه يتلاشى مع الوقت لتعود ريمة لعادتها القديمة ؟ هل “النخبة السياسية ” من المفترض ان تكون قاطرة وقوة اقتراحية لجر البلد نحو الأفضل ام هي مجرد فرقة فلكلورية تظهر للعلن لتأدية وصلتها الفنية كلما استدعت الضرورة وتعود لسباتها في انتظار الحملة الموالية ؟

الى أن نجيب على هذه الأسئلة ونتخذ توصيات حقيقية للدفع بالأمور الى مسارات افضل لا أعتقد أن الدار ،دار لقمان سيطرأ بها جديد.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد