تحدث النائب البرلماني عبد الغني مخداد، عضو فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، عن تنمية العالم القروي والمناطق الجبلية، وعلاقته بالعديد من الخطط والبرامج الحكومية والقطاعية الخاصة بتأهيل هذه المناطق وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، وجبر الضرر وإنصاف الساكنة بها، من منطلق حفظ الكرامة الإنسانية لهذه الساكنة، وضمان حقها في الثروة والتوزيع العادل لعائداتها.
وقال عبد الغني مخداد في مداخلته الموجهة لرئيس الحكومة بإسم فريق البام النيابي، خلال الجلسة الشهرية المخصصة لأسئلة السياسة العامة التي يجيب عنها رئيس الحكومة، التي عقدت بعد زوال أول أمس الإثنين 25 نونبر 2019، بمجلس النواب بخصوص “تنمية المناطق النائية المهمشة وتنميتها في إطار الجهوية المتقدمة”، أن موضوع تنمية العالم القروي والجبلي مرتبط بشكل كبير بتفعيل ورش الجهوية المتقدمة، مشيرا إلى أن كل الفاعلين، بمختلف مواقعهم ومشاربهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية، كانوا في انتظار تفعيل ورش الجهوية المتقدمة، وإحداث نوع من التقدم الملموس فيما يتعلق باللاتمركز الإداري، وإيلاء الحكومة اهتماما خاصا لهذا الموضوع، والتفاعل معه تفاعلا جديا وفق مقاربة تشاركية.
وأبرز النائب البرلماني أنه لا شيء من كل هذا تحقق في إطار تصور شامل ومتكامل، سواء في نقل الاختصاصات والسلط، أو في التحول الهيكلي في بنية النظام الإداري لبلادنا، أو في إحداث قطيعة مع ما كنا عليه من مركزية، أو في تمكين الجهات لتصبح قادرة على قيادة برامجها التنموية والاستجابة لحاجيات المواطنات والمواطنين بطريقة ذاتية.
وذكر ذات المتحدث، أنه يوجد اليوم حوالي 18 خطابا ملكيا يكرر الدعوة لتفعيل هذا الورش الهام، وفي المقابل اعتبر أنه لا تطور حاصل في مجال آليات التنزيل والحكامة، ولا في مجال تنظيم الهياكل الإدارية، ولا في مجال تدبير الموارد البشرية، ولا في مجال المراقبة والتدبير المالي والمحاسباتي، ولا في مجال توسيع مفهوم التفويض ليشمل الاختصاص والسلطة والمهام، ولا في مجال التكوين والتواصل.
ووجه عبد الغني مخداد عددا من الأسئلة لرئيس الحكومة، من قبيل: “هل يستفيد المواطن المغربي من كل هذه البرامج المسطرة من طرفكم كحكومة؟ وهل تنجز هذه البرامج ما سطرته من تدابير وإجراءات؟ وهل تحقق هذه المخططات ما وضعته كغايات وأهداف؟ وما هو السقف الزمني المحدد والمعول عليه في الانتهاء من الاشتغال على هذا الملف، وحل كل المشاكل والقضايا المرتبطة به؟ وهل ستقوم هذه المخططات والبرامج بالعمل على جبر الضرر وإنصاف هذه المناطق وساكنتها؟ أم أن الأمر لا يتعدى سقف الحديث عن الاستراتيجيات والملايير دون أن نلمس لكل ذلك وقعا على أرض الواقع؟”.
وخاطب مخداد سعد الدين العثماني قائلا: “كان المطلوب من الحكومة تفعيل القانون والتزام الحكامة المالية والإدارية وتوفير شروط الالتقائية والانسجام في أداء القطاعات الحكومية ورفع تحدي التغلب على نسب الإنجاز الضعيفة التي تهدر زمن الإصلاح والتجاوب مع مطالب المواطنات والمواطنين، إن ما أردتم فعلا الارتقاء بأدائكم إلى مستوى النجاعة المطلوبة للتغلب على قضايا ومشاكل العالم القروي والمناطق الجبلية”، مضيفا، “الحال أنكم أثبتم لجميع المغاربة، أنكم بالإضافة إلى فشل سياساتكم العمومية والقطاعية في تقديم خدمات للعالم القروي والمناطق الجبلية البعيدة لتجنيبها واقع العزلة والفقر والتهميش، فإنكم لم تكونوا في مستوى مواكبة الجهات في وضع تصور للتنمية الترابية المندمجة ولا في مستوى تشجيع التخطيط الاستراتيجي الإقليمي، ولا في مستوى الإشراف على بلورة مشاريع مندمجة للتنمية المجالية، فبالأحرى النهوض بأوضاع العالم القروي والمناطق الجبلية والبعيدة”.
وفي الجانب المتعلق باللاتمركز الإداري، استحضر مخداد في مداخلته تحدث رئيس الحكومة عن القانون والمرسوم الذي خرج إلى حيز التنفيذ بمجرد نشره في الجريدة الرسمية، لكن “الواقع ينطق بحال غير الحال الذي تحدثتم عنه”، مذكرا بأن وزارة الداخلية وحدها من أخرجت التصميم المديري وأرسلت الجداول الخاصة بذلك، وكأنها وحدها المعنية بهذا القانون.
وفيما يخص الجهوية المتقدمة، عاتب النائب البرلماني على رئيس الحكومة، تعامله معها بسياسة الكيل بمكيالين، حين عمد إلى الإفراج عن القانون وأبقى على المراسيم معلقة، مسترسلا بالقول: “وصرفتم الأموال وأخذتم منها بحجة أنكم ستهيئون برنامج الفوارق المجالية. لكنكم تركتم كل ذلك حبرا على ورق، فلا الجهوية المتقدمة تم تفعيلها، ولا تعليمات صاحب الجلالة والخطوط العريضة التي سطرها لإعداد التراب الوطني تمت أجرأتها، علما بأنها تشكل منطلقات أساسية للجهوية”.
وخلص عبد الغني مخداد إلى أن فشل الحكومة ورئيسها، في كل ذلك مرده لسبب في غاية البساطة، وهو أنها لا تملك تصورا أو توجها فعليا محدداً، على الرغم من أنها مسؤولة على التوجهات السياسية الكبرى.