عبدالفتاح البلعمشي: الزيارة الملكية للخليج تفعيل للوساطة تجاه الأزمة الخليجية

تأتي زيارة جلالة الملك محمد السادس لدولة الإمارات العربية المتحدة و بعدها دولة قطر خلال هذه الأيام، في سياق الأزمة الخليجية التي اندلعت شهر يونيو الماضي بعد قرار كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر قطع علاقاتها مع دولة قطر مبررين دواعي اتخاذ هذا القرار بدعم قطر للإرهاب.

علاقة المغرب بالأزمة الخليجية

طرحت الزيارة الملكية عدة تساؤلات تتمحور جميعها حول تفعيل دور الوساطة المغربية، التي تقدمت بها المملكة  المغربية رسميا يوم 11 من شهر بونيو الماضي، أي ستة أيام بعد اندلاع الأزمة ، إذ كان موقف المغرب جادا في إيجاد حل للأزمة الخليجية التي لا تزال قائمة إلى اليوم و القيام بدور الوساطة ملتزما بالحياد، حيث ذكر بلاغ الخارجية: “إذا أبدت الأطراف الرغبة، فإن المغرب مستعد لبذل مساع حميدة من أجل تشجيع حوار صريح وشامل على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ومحاربة التطرف الديني والوضوح في المواقف والوفاء بالالتزامات”، كما صدر بلاغ ثاني للخارجية يوم 12 يونيو ينفي ربط الموقف المغربي من هذه الأزمة بأي حال من الأحوال، مع مواقف أطراف غير عربية أخرى، تحاول استغلال هذه الأزمة لتعزيز تموقعها في المنطقة، والمس بالمصالح العليا لهذه الدول، ساردا بعض المحطات التاريخية التي تؤكد تضامن المغرب مع الدول الخليجية كحرب الخليج الأولى، و دعم سيادة الإمارات على جزرها الثلاث، و المشاركة في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن إلى غير ذلك من المحطات الأخرى، كما أمر جلالة الملك محمد السادس في نفس اليوم (12 يونيو 2017) بإرسال مواد غذائية لدولة قطر في مبادرة ملكية إنسانية أخوية لا علاقة لها بالجانب السياسي للأزمة. بعدها أوفد الملك محمد السادس وزير الشؤون الخارجية و التعاون الدولي، ناصر بوريطة، إلى كل من المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة و دولة الكويت، كل هذا يوضح و بشكل جلي الجهود التي يبذلها جلالة الملك محمد السادس لاحتواء الأزمة الخليجية.

الزيارة الملكية و أجرأة الوساطة 

أكد الدكتور عبدالفتاح البلعمشي، الخبير في العلاقات الدولية، في تصريح لـ “المصدر ميديا”، أن الزيارة الملكية التي تأتي هذه الأيام لكل من الإمارات العربية المتحدة و دولة قطر تدخل في إطار الدينامية و التراكم الذي حققه المغرب في علاقته مع الإمارات العربية المتحدة و المتمثل في الوفد المرافق لجلالة الملك محمد السادس و النشاط الأساسي المتمثل في افتتاح متحف “اللوفر” بأبو ظبي، و أضاف قائلا: ” المغرب أخذ توجها في سياسته الخارجية يحدد الأولويات و المحاور الرئيسية لتفاعل المغرب في محيطه الإقليمي و الدولي، و لعل دول الخليج العربي هي من أوليات السياسة الخارجية و محور أساسي في التعامل الدولي للمغرب”.

و أوضح عبدالفتاح البلعمشي، في ذات التصريح أن زيارة جلالة الملك محمد السادس لدولة قطر في هذه الظروف بالذات تؤكد أن المغرب سيقوم بأجرأة الوساطة التي عبر عنها إبان اندلاع الأزمة الخليجية، خصوصا و أن التطورات المتسارعة التي تعرفها المنطقة عموما و بالأخص العربية السعودية و حملة التطهير التي يقوم بها الملك سلمان بن عبدالعزيز لعدد من الشخصيات داخل المملكة، مضيفا بالقول: “التوجه الذي يتخذه المغرب في علاقاته الدولية مبني على الحوار و على تجنب المواجهة و تجنب العنف بكل أشكاله”.

و أشار البلعمشي أن صوت الحكمة من المملكة المغربية باعتبارها دولة صديقة سيبدد و لو جزء من هذا الاحتقان الموجود داخل منطقة الخليج العربي ، و تابع بالقول: ” خطاب جلالة الملك محمد السادس في القمة الخليجية المغربية أرسى دعائم هذا التوجه و بالتالي فالمغرب يستمر في الوفاء للتعامل مع أشقائه الخليجيين و يصر على أن تنعم هذه المنطقة بنوع من التوافق و الاستقرار، كنموذج يحتدى بالعمل التشاركي الذي عرفه مجلس التعاون الخليجي كتجربة اندماجية راقية لا يمكن لكل هذا الرأسمال أن يضيع سدى انطلاقا من بعض المواجهات السياسية أو انطلاقا من التجاوب مع بعض التدخلات الأجنبية”.

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد