عبدالرحيم العلام: خرجة محمد الأشعري الأخيرة أثارت اندهاشي واعتذاره لي يبين إدراكه لحقيقة الأمور

استضاف اتحاد كتاب المغرب، لأول مرة في تاريخه، المؤتمر العام التاسع لاتحاد كتاب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، بمشاركة رؤساء اتحادات القارات الثلاث، بين 11 و13 يناير الجاري بمدينة الرباط، تبعا لقرار اتحاد كتاب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، في اجتماع سابق للمكتب الدائم بدولة السينغال.

هذا، المؤتمر صاحبته بعض التصريحات التي تفيد بمقاطعة اتحاد كتاب العرب له، إضافة إلى خرجة الرئيس السابق لاتحاد كتاب المغرب محمد الأشعري عشية انعقاد هذا المؤتمر الدولي الهام التي يتساءل فيها عن مصدر تمويله.

“المصدر ميديا”، واكبت هذا الموضوع عن كثب من خلال لقاءها مع عبدالرحيم العلام، الرئيس الحالي لاتحاد كتاب المغرب، وأجرت معه الحوار التالي:

– حدثنا عن الأجواء التي انعقد فيها المؤتمر العام التاسع لاتحاد كتاب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية بمدينة الرباط؟

بالفعل، استضاف اتحاد كتاب المغرب ونظم في الفترة من 11 إلى 13 يناير الجاري، فعاليات المؤتمر العام التاسع لاتحاد كتاب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، بحضور ومشاركة اتحادات وروابط الكتاب من القارات الثلاث، فضلا عن مشاركة بعض رموز النضال والصداقة والثقافة في فعالياته الموازية، وتحديدا في المائدة المستديرة الدولية حول “القدس في الساحة العالمية”، والتي عقدت بمقر المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالرباط، بحضور سعادة سفير دولة فلسطين بالمغرب، ومعالي الوزير رئيس منظمة الصداقة الإفريقية الأسيوية، ورئيس وكالة بيت مال القدس بالنيابة، فضلا عن وفد الكتاب الفلسطينيين وغيره من وفود روابط واتحادات الكتاب العربية والأجنبية.

ولقد أجمع الحاضرون والمشاركون، في ختام أشغال هذه التظاهرة الدولية، على نجاح المؤتمر العام الذي ينعقد لأول مرة ببلادنا، بما أسفرت عنه الأشغال من نتائج إيجابية وبيانات ومواقف داعمة للقضية الفلسطينية ولمختلف أشكال التعدد الثقافي واللغوي في العالم.

كان من بين نتائج هذا المؤتمر العام، انتخاب اتحاد كتاب المغرب نائبا أول للأمين العام، لأول مرة في تاريخ اتحادنا، وما تخلل فعالياته من لحظات تضامنية مع ضحايا الإرهاب، ومن أجواء احتفائية واحتفالية رفيعة، بكل من الرباط وطنجة.

وليس ذلك بأمر غريب عن منظمتنا ولا عن بلادنا ومؤسساتها، بما عودتنا عليه من دعم لافت، ومحبة للآخرين وترحيب بهم، وأيضا بما دأب عليه اتحادنا من انفتاح على المشاهد الثقافية في العالم، في إطار نوع من التواصل والحوار والتعايش والتسامح والسلام والوئام…

– راجت بعض الأقاويل مفادها أن اتحاد الكتاب العرب، قاطع مؤتمركم الأخير، ما مدى صحة هذه الادعاءات؟

هي ادعاءات مغلوطة من الصادرة عنهم، ربما لجهلهم أيضا واقع الحال، وهذا هو المرجح، ما قد يستدعي تصحيح وتوضيح هذه المغالطات والمناسبة شرط كما يقال، إذ ما فتئ بعض أصحاب النوايا المغرضة، يروجون في بياناتهم وأقوالهم، هنا وهناك، وبكل خبث للأسف الشديد، لهذا الادعاء، فقط بغاية خلط الأوراق، والتعتيم على حقيقة الأمور، فالقول بأن اتحادات الكتاب العرب قد قاطعت مؤتمرنا العام هذا، هي مزاعم لا أساس لها من الصحة، بل إنها مجرد أوهام تعشعش في رأس من يروج لها ويبيعها ويشتريها، فاتحاد كتاب العرب لا علاقة له باتحاد كتاب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، هما اتحادان مختلفان، تفصل بينهما بحور وشطآن، ولكل أمينه العام، والأول ممثل في الثاني، ببعض الاتحادات فقط، التي تواصل انخراطها فيه، والتي لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة، جلها كانت ممثلة في مؤتمر الرباط، بما فيها اتحادات من أفريقيا وآسيا وأمريكا، في حين اعتذر أحدها عن الحضور، بمبرر التزامه بحضور المؤتمر العام المقبل لاتحاد الكتاب العرب المهرب بأبو ظبي. وتلك حكاية، شرعت في تفصيل الحديث فيها، في “الكتاب الأسود للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب” قريب الصدور…

تلك مجرد مزاعم إذا، غايتها التشويش، بكل وقاحة وضغينة على مؤتمر الرباط، وعلى مواقعنا الأمامية، لكن السحر انقلب على الساحر، فحضر من حضر من الاتحادات الأخرى، ومن بين ممثليها من تابع رحلته من الرباط إلى أبو ظبي، حتى يعقد المقارنة ويحضر المهزلة.

– ما هي قصة تدوينة الرئيس الأسبق لاتحاد كتاب المغرب، محمد الأشعري، وماذاكان يقصد بقوله؟

ما تفضلت وأشرت إليه بخصوص تدوينة الأخ والصديق العزيز والكاتب الكبير الأستاذ محمد الأشعري، الذي نكن له كامل الاحترام والتقدير، ونثق في حصافته، ونعتز بتجربته في الحياة الثقافية، بمثل ما نثق في سداد رأيه، بما يكنه من تقدير واعتبار لمنظمتنا التي سبق له أن أشرف على تدبير شؤونها، رغم ما واكب التجارب السابقة ومؤتمراتها من كبوات وردود فعل وشد وجذب، سياسي وإيديولوجي وشخصي، منذ الولاية الأولى للرئيس الراحل الدكتور محمد عزيز الحبابي…

وجدير بالذكر أن الخرجة الإعلامية الأخيرة للأستاذ الأشعري، بعد صمت طويل نقدره وغياب نحترمه، وهو ما أكده هو نفسه في تدوينته وفي تصريحه لأحد المواقع الإلكترونية، قد أثارت اندهاشي كما أثارت اندهاش آخرين، دون أن أتحدث عن ردة فعل أصحاب القراءات الآثمة والتآويل الضيقة لتلك الخرجة…

لقد حاولت البحث، مثل آخرين، عما قد يبرر خرجة الأشعري تلك عشية انعقاد مؤتمر اتحاد كتاب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، والذي كنا ننتظر منه، وهو الرئيس الأسبق للاتحاد ووزير الثقافة الأسبق، أن يكون أحد الوجوه البارزة الحاضرة بقوة وأريحية في فعالياته، في استجابة كريمة منه لدعوة المكتب التنفيذي، التي وجهناه له، بمثل ما وجهناها لباقي رؤساء الاتحاد السابقين، ممن يقيمون بيننا لحظة انعقاد المؤتمر.

وعوض أن يتكرم الأستاذ الأشعري بدعم مؤتمرنا بحضوره الوازن وبمشاركته المضيئة والداعمة لاتحادنا، اختار بشكل غير منتظر منه هو تحديدا، أن يظهر في صورة لا تليق بشخصه، إنسانا ومثقفا ورئيسا للاتحاد ووزيرا أسبق، فهذا المؤتمر العام لم يأتنا على طبق من ذهب، بمثل ما لم يأت مؤتمر اتحاد الكتاب العرب السابق بالدار البيضاء بطريقة اعتباطية أيام رئاسة الأستاذ الأشعري لاتحادنا، بل جاء نتيجة لجهود حثيثة بذلناها مع أصدقائنا في اتحاد كتاب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، في اجتماع المكتب الدائم بالسينغال، وتفعيلا لالتزام سابق من اتحادنا تجاه قرار اتخذ منذ سنتين خلت في الاجتماع إياه، بما هو قرار يعبر عن مدى تقدير اتحادات القارات الثلاث لمنظمتنا، بالرغم من أن أحد اتحادات الكتاب العربية المناوئة لاتحادنا سعت، وبكل الأساليب المنحطة، المعلنة منها والمضمرة، الشرعية وغير الشرعية، إلى تهريب هذا المؤتمر إلى حلبة سباق البعير.

– ما ردكم على الاتهامات التي وجهها الأشعري لاتحاد كتاب المغرب؟

لا ولن أشك لحظة في أن الأستاذ الأشعري سيكيل في يوم ما الاتهامات لمنظمة تربى لسنوات في بيتها، وواكب بعض تحولاتها، وعاين مشاكلها عن كثب، ما جعلنا نحن نستغرب أيما استغراب، حينما طرح صديقنا الأشعري تساؤلاته الغريبة تلك، من قبيل تساؤله عن مصدر تمويل مؤتمرنا الدولي الأخير. فلو كان قد تكرم وحضر الجلسة الافتتاحية الرسمية للمؤتمر، لكان قد سمع ما يرضيه ويشفي غليله وغليل من يحرضه، رغم أنه أكبر من العروض، بكل تفصيل وشفافية ومرجعية، لجهات التمويل الوطنية، والتي يسعدنا، مرة أخرى، أن نجدد لها الشكر والامتنان على دعمها اللافت لمؤتمر دولي، تعلم علم اليقين مدى أهميته لبلادنا، ومدى إسهامه في تعزيز صورة بلدنا المضيئة في العالم، وفي تقوية حضورها الثقافي والديبلوماسي، على الأقل في القارات الثلاث (أفريقيا وآسيا وأمريكا…) المشاركة في مؤتمرنا، وذلك من منطلق ثقتها النبيلة في مساعينا وفي وطنيتنا، وشعورا منها بمدى أهمية انعقاد مؤتمر دولي للكتاب ببلادنا.

أما نحن فلسنا بقاصرين حتى لا نتعرف، كما أشار الأستاذ الأشعري أمام استغراب الجميع، على البلدان التي تعاكس قضية وحدتنا الترابية، علما بأن مؤتمرنا هو بالأساس مؤتمر للكتاب وليس للمعارضين السياسيين من الخارج، كما أن تأشيرت الدخول إلى أرض الوطن، تمنح من وزارة الخارجية تحت مراقبة وزارة الداخلية، وبكل يقظة وحنكة وتبصر، ولا يمنحها اتحاد كتاب المغرب، وإلا فما معنى أن الشقيقة الجزائر تعارض قضيتنا الوطنية الأولى، لكن كتابها ومثقفيها ومبدعيها مرحب بهم ببلادنا، وبدون تأشيرات حتى، لا أشك في أن الأستاذ الأشعري قد غابت عنه مثل هذه الأمور، هو الذي استضاف، سواء وهو رئيس للاتحاد أو وهو وزير للثقافة، عديد الكتاب من بلدان شقيقة وغير شقيقة…

وما يثير الاستغراب حقيقة، هو كيف فات الأستاذ الأشعري، وهو الدبلوماسي المحنك، إدراك هذا المعطى البسيط، وكأن من أملى عليه هذه الأفكار الجهنمية، يظن أنه بفعله ذاك سيورطنا مع الجهات المسؤولة ببلادنا، بإطلاق مثل هذه المزايدات البليدة.

لقد كانت لحظة الوقفة التضامنية لوفود اتحادات كتاب القارات الثلاث المشاركة مع أسر ضحيتي العملية الإرهابية الوحشية بمنطقة حوز مراكش، وتنديدها بالعمل الإرهابي في العالم، خير تعبير عن مدى قدرة اتحادنا على تعبئة الكتاب والمثقفين للتكتل صوتا واحدا في مواجهة الإرهاب، رغم اختلاف الهويات واللغات والثقافات والإيديولوجيات…

ولا يخفى على أحد أن انعقاد مؤتمر اتحاد كتاب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، بما تيسر له من دعم وطني، بقدر ما هو تقدير لمكانة اتحادنا التي أصبحت قوية أكثر من أي وقت مضى، فهو تأكيد من مؤسساتنا الوطنية، هي أيضا، على مدى شرعية اتحادنا وهيئاته، ومدى قوة حضوره محليا ودوليا، ناهيك عن شرعيته بموجب القوانين المنظمة له، وقرارات مؤتمره الأخير بطنجة. فليس من عين العقل أن يتهم اتحادنا بأنه قد صار “منظمة سرية” تعمل في الخفاء… فهو اتهام خطير له ما له وعليه ما عليه، من غير أن أتعرض لباقي الادعاءات الأخرى وما يرتبط بها من عوالق وأوهام، لأنها لا تفيد اتحادنا ولا الرأي العام في شيء، ولا تستحق حتى أن نمر عليها مرور الكرام … فاتحادنا لم ولن يدخل ردهات المحاكم أبدا، خلافا لما يدعيه البعض بكل خبث وتجريح، فقضية الشكاية، هي مسألة شخصية تتعلق بالسب والقذف والتشهير والافتراء، صرفت عليها من قوت أبنائي، ولا شأن للاتحاد بها ولا لأي كان مهما علا شأنه، لا من قريب ولا من بعيد، ومن حقي أن أدافع عن نفسي وعن وضعي الاعتباري، في جميع المحافل وبكل الوسائل التي يتيحها القانون. هكذا، إذا، تنجلي الحقائق تباعا، ما ظهر منها وما خفي، فأنا يا أستاذ الأشعري لست الذي يبحث عن شهود وهميين من بين رؤساء الاتحاد وأعضائه ليورطهم إلى جانبه في محنه. فحتى الشهادة، متى كانت زورا لا تعفي صاحبها من المتابعة القضائية …

– ماهي الرسالة التي توجهونها إلى محمد الأشعري عبر المصدر ميديا ؟

في الحقيقة، لم نتعود في الاتحاد أن نوجه أية رسائل لحكمائنا، بل العكس هو ما ننتظره منهم، لكن كلام الأشعري الأخير، وللأسف الشديد، جاء محملا برسائل ملغومة مجانبة للصواب، لم يكن أبدا في حاجة إلى إرسالها، بعد كل ما بناه من مجد أدبي، يعز علينا أن نراه ينهار أمام مرآى الحاسدين والحاقدين، ممن يبيعون له الأوهام، مع العلم أن حقيقة الأمور لا يمكن أبدا إخفاؤها بغربال.

لقد كان حريا بالأستاذ الأشعري أن ينصفني وأن ينتصر للحق، ضد كل ذلك الكم من الشتائم والتشهير والاتهامات التي وجهت لي، عوض أن ينتصر للوجه المظلم في تلك القصة المفبركة، وقد أوضحنا بعض خيوطها علانية، وأمام المؤتمرين، في مؤتمر طنجة. كما كان عليه أن يوجه اللوم لمن خرب مؤتمرنا الأخير الذي مولته الدولة، حتى لا نسأل مرة أخرى عن مصادر التمويل، فراحت أموال التمويل، بدون وجه حق، هباء منثورا… ألا يستحق هؤلاء يا أستاذ الأشعري دعوى قضائية أخرى، باسم الاتحاد هذه المرة، لمحاسبتهم عن هدر المال العام، وتفويت الفرصة على مؤتمرنا، فمن المسؤول إذا عن ضياع ما صرف من مال وفير لدافعي الضرائب…

لا نشك في أننا تعلمنا الكثير من عطاء الأشعري الإبداعي والإعلامي، وارتوينا من نبع عين عقله، بما علمه لنا من مبادئ الديموقراطية وقيم الحرية، والتي أشك أن الأشعري، باسمها اليوم، يطالبني بالتنحي من رئاسة الاتحاد، بدون سبب مقنع حتى، أو مبرر قضائي أو دستوري، بمثل ما يحرض آخرين على ذلك، وكأن المنصب الوهمي ل “رئيس الاتحاد” أصبح اليوم يعادل منصب “حارس الجنة”، علما بأن كل الديموقراطيات في العالم وكل نواميس الكون، تقر بأن لا فرق بين هذا وذاك إلا بالتقوى، كما تكفل حرية الانتماء، سياسيا كان أو جمعويا، وإلا فمتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا…

لا أشك، كذلك، في أن الأستاذ الأشعري – وغيره من المحرضين – قد نسي أنه قد واجه هو نفسه مثل هذه الدعوة التحريضية، وهو لحظتها رئيس للاتحاد، فدافعنا عنه وعن حقه في الاستمرارية رئيسا، بكل استماتة وغيرة ومحبة لكاتب يكبرنا سنا – بمثل ما سرنا وراء القديرة ثريا جبران، في مسيرة بمكناس دعما لترشيحه لمقعد بالبرلمان- حصل ذلك حين دعاه أحد كتابنا الكبار إلى مغادرة الاتحاد، واصفا إياه ب “الجنرال” في مقال منشور، وبعنوان الوصف نفسه (الجنرال)، لما يكون قد رآه صاحب المقال، وهو اليوم حي يرزق أطال الله في عمره، من أسباب دفعت به إلى كتابة ذلك لحظتها عن الأشعري، وكاتبنا آنذاك عضو مسؤول في المكتب المركزي للاتحاد، لكن يبدو كما غنى الغيوان أن “الماضي فات” !!!

لكن ذلك كله، وغيره كثير، لم يأخذه الأستاذ الأشعري بعين العقل والاعتبار، فقط لكونه انطلق في أحكامه وتصريحاته، من معطيات مغلوطة من ذوي القربى، وهو يدرك اليوم، بكل وضوح ونورانية، أهداف أصحابها المدمرة لاتحادنا، والتي ليست حتما هي نفسها أهداف المكتب التنفيذي.

ورغم كل هذا، فصديقنا الفاضل محمد الأشعري، المعروف كما قلنا بحصافته ورزانته وسعة صدره، سرعان ما أدرك حقيقة الأمور، بمثل ما أدرك حجم التدليس الذي تعرض له وكان ضحيته، وما خفي أعظم؛ هو الذي ابتعد، حسب قوله، عن أجواء الاتحاد، ما سر منها وما حزن، فبادر، بكل شموخ وجرأة أخلاقية وعزة نفس وإحساس بالمسؤولية تجاه منظمتنا ومستقبلها، إلى الإعراب الصادق عن “اعتذاره” وعن مدى “الاحترام” الذي يكنه لرئيس الاتحاد، بمثل ما نكنه له نحن، معبرا عن أسفه عن التورط في “أمر كان ينبغي أن يظل بعيدا عنه”، كما تفضل بالقول في رسالة رقيقة منه وجهها إلي.

وهنا أعود لأقول، إن الأستاذ محمد الأشعري أبعد ما يكون عن مثل هذه الترهات، ولم يحصل قط أن سقط في شركها بمثل ما سقط اليوم، ربما هم “سماسرة السراب” و”جوقة العميان” و”فريق البجع”، ممن يدورون في فلكه، ويرغبون في أكل الثوم بفمه، وفي تعطيله عن شغله ومشاريعه التي ينتظرها مغربنا الثقافي والإبداعي، بعيدا عن أية صراعات وهمية وحروب صغيرة، يبقى الأشعري أكبر وأشرف منها بكثير.

– ماذا عن علاقتكم اليوم باتحاد الكتاب العرب، بعد كل المضايقات التي تعرض لها اتحاد كتاب المغرب، منذ المؤتمر السابق بأبو ظبي عام 2015، واتحاد الكتاب العرب اليوم على مشارف عقد مؤتمره في نهاية هذا الأسبوع؟

للعلم فقط، لم توجه لاتحادنا الدعوة للحضور والمشاركة في المؤتمر العام المقبل للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، الذي سينعقد نهاية هذا الأسبوع بأبو ظبي، ونحن بذلك نؤدي ضريبة وفائنا للمبادئ التي تأسس عليها اتحادنا، وضريبة تفويض أمر تدبير شؤون اتحادنا العام لشخص تنعدم لديه روح المسؤولية في تدبير شؤون صرح ثقافي بناه سلف كبير لخلف صغير.

لقد تعود اتحادنا دائما على أن يجهر برأيه وبمواقفه، في مؤتمرات واجتماعات مشهود له بحضوره المؤثر فيها، وكلنا يتذكر طبيعة ومستوى حضور اتحادنا في المؤتمر العام الشهير بالجزائر، أيام رئاسة الشاعر حسن نجمي لاتحادنا؛ تعودنا على الجهر بذلك دون أن نخشى في ذلك لومة لائم. فمنظمتنا معروفة بمواقفها التاريخية وباستقلاليتها الثابتة، وبإسهاماتها اللافتة في تأسيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، واتحاد كتاب أفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية، واتحاد الكتاب المغاربيين، وغيرها من الإطارات الثقافية، وذلك حتى قبل أن تظهر بعض الاتحادات القطرية للكتاب إلى الوجود، وتتولد لدى بعضها أوهام التسلط، بل وأصبحت تتحدث اليوم باسم الديموقراطية والشفافية ومحاربة التطبيع؟

وها هو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، سيعقد مؤتمره العام نهاية هذا الأسبوع في أبو ظبي، بعد أن تم تهريب هذا المؤتمر من المغرب إلى الإمارات عن غير وجه حق، وتلك كانت أهم نقطة أفاضت كأس الأزمة داخل الاتحاد العام، بلجوء السيد الأمين العام وزبانيته إلى تهريب المؤتمر العام المقبل من المغرب، كما كان قد تقرر رسميا في المؤتمر العام السابق بأبو ظبي عام 2015، إلى الإمارات، ضدا على قوانين الاتحاد العام وعلى قرارات المؤتمر العام السابق ومحضره وبلاغاته المنشورة، خصوصا وأن النظام الأساس للاتحاد العام ينص على أن قرار تحديد مقر مؤتمر الاتحاد العام يتخذ في المؤتمر السابق، وهو ما تم فعلا مقابل تنازلنا للأمين العام عن منصب الأمانة في أبو ظبي، لكن غيابنا عن اجتماع المكتب الدائم بالجزائر، لأسباب معلومة، جعله يخرج أنياب أطماعه، ليحول مكان المؤتمر من المغرب إلى الإمارات، ما يجعل المؤتمر العام المقبل مؤتمرا غير شرعي وغير قانوني، وعلى الاتحادات الأخرى الشريفة أن تقول كلمتها الفصل فيه، فالأمين العام الحالي، سامحه الله، تعمد، بإيعاز من مدبري محنه، عدم توجيه الدعوة لاتحادنا لحضور المؤتمر المهرب -بغض النظر عن حضور رئيسه أو غيره- خوفا من تداعيات حضورنا ومن انفجار المؤتمر.

والسؤال المطروح، هو كيف يرضى الأمين العام أن تجدد له ولاية ثانية، في ظل مؤتمر مهرب وغير شرعي، دون خجل أو استحياء، لا من بلاده التي سيعقد على أرضها المؤتمر ولا من مثقفيها ولا من اشتعال رأسه. وكيف يسمح لنفسه بأن يجيش حشده ضد رئيس اتحاد عريق وعضو مؤسس، ما يثير العجب والسخرية في آن، فهل أصبح رئيس اتحاد كتاب المغرب يثير الخوف والرعب ويقض مضجع الأمين العام إلى هذه الدرجة، ومتى اتحد سياسيو وطننا العربي حول قرار ما، لتتحد اتحادات كتابه حول إدانة رئيس شرعي ومنتخب من مؤتمر عام، بشكل يصعب على أمثال الأمين العام أن يحظوا بالثقة نفسها في مؤتمر وطني كبير، يحظره أعضاء الاتحاد من المؤسسين والجدد، وليس في “جموع عامة” مزورة ومغلقة وغير معلن عنها ومهربة إلى الصحراء، ما يجعلها فاقدة لكل شرعية.

هنا الفرق بين اتحاد عريق بمؤسسيه ورموزه وأعضائه ونخبه وأجياله المتعاقبة وبمصداقية خطابه ومواقفه، وبين اتحاد يبيع الوهم للناس ويضحك على من اشتراه.
من المؤكد، إذا، أن في الأمر خللا ما، ربما هو فكر البداوة السائد، رغم أن التحولات التي يشهدها عالمنا اليوم، بما يواكبها من تغيرات مجتمعية متسارعة في بلادنا العربية، قد تؤشر حتما وبما لا يدع مجالا للشك على أن الخلل متجدر وقائم ومتواصل .

وعموما، فقد يطول سرد كل التفاصيل، فهي مؤلمة ومملة، وتسيء لحال الثقافة العربية ولاتحادنا العام، بمثل ما تسيء لصورة المثقف في دولة الإمارات وفي باقي الاتحادات العربية الأخرى.

– ما هي انتظارتكم اليوم من الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، بعد استفحال أزمته؟

لسنا نحن من ينتظر، بل اتحادنا العام هو من ينتظر منا الشيء الكثير بعد كل هذه التراجعات التي شهدها في الفترة الأخيرة تحت القيادة الرشيدة للأمين العام. فمن موقع مسؤوليتنا التاريخية، سنظل نسند هذا الصرح الثقافي العربي الذي بناه الأسلاف، بالنقد والغيرة ولو عن بعد، رغم ما تعرضنا ونتعرض له من إبعاد وإقصاء ممنهج، وبشكل غير مسبوق في تاريخ الاتحاد العام، من حضور الاجتماعات، ومن حضور المؤتمر الاستثنائي بالقاهرة، وتجريدنا من منصب النائب الأول، ومنعنا من دخول الإمارات، وحذفنا من الجروب الجماعي بالفايسبوك، بل وتم إبعادنا أيضا من حضور المؤتمر العام القريب والمهرب بأبو ظبي، فقط لأن اتحادنا، بمواقفه وانتقاداته وآرائه، يثير غضب البعض ويوثر أعصابهم…

فلو كان “الأمين العام” قد التمس منا، كما فعل عشية المؤتمر العام السابق بأبو ظبي، أن نتنازل له، مرة أخرى، عن استضافة المؤتمر بأبو ظبي، لما ترددنا ولما ضايقنا طموحه، مادام أن ذلك سيحقق له لذة ونشوة مغايرتين ومفتقدين لديه، وقد لوحنا له بهذا من قبل، فذلك آخر ما يمكن أن يسعى إليه اتحادنا، هو الذي يعيش اليوم فرحة نجاح مؤتمر دولي كبير، يضم اتحادات الكتاب القارات الثلاث، بما حققه من نتائج ومكتسبات.

ولا ننسى أن اتحادنا سبق له أن استضاف، في وقت سابق بالدار البيضاء، مؤتمرا عاما لاتحاد الكتاب العرب، أيام رئاسة الأديب الكبير محمد الأشعري لاتحادنا، ولم يحظ بشرف نيل منصب الأمين العام، رغم وعود الخونة، ما معناه أن اتحادنا قد تعود على المؤامرات والخيانات منذ زمن بعيد، لكن ذلك ليس معناه أنه قد فقد الثقة في المستقبل.

فمن واجبنا نحن ومن منطلق مسؤوليتنا التاريخية والثقافية والأخلاقية أن نواصل حرصنا ودفاعنا، وبكل استماتة، عن اتحادنا العام، فهو ملك لنا جميعا وليس ملكا لأي كان كيفما علا شأنه واشتد يأسه وبأسه. ولنا أمل في أن يغادر هذا الاتحاد سرير المرض في أقرب الأيام، بمثل ما سيغادر المعطوبون، هنا وهناك، حياتنا العامة والخاصة إلى مزبلة التاريخ وبدون رجعة.
لهذا، فالاتحادات الشريفة هي مطالبة اليوم بمواصلة أداء رسالتها التاريخية، وألا تترك هذا الاتحاد العام يموت بين أيد عابثة ومرتجفة وغير مسؤولة، ولن نسمح لأي كان، رغم كل ما حيك ضد منظمتنا وضد حضورنا وضد الجهر برأينا من دسائس، أن يمس منظمة عتيدة، تحتفي هذه الأيام بذكراها الستين. ويكفينا هذا العمر ليقف العابثون إجلال وتقديرا.

– ما جديد حضورك اليوم بعد نجاح المؤتمر العام التاسع لاتحاد كتاب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية المنعقد بالرباط؟

بعد أن أجاب المؤتمر العام التاسع لاتحاد كتاب أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، على جميع الأسئلة العالقة، وبدد كل الأوهام والتكهنات الخبيثة والمحاولات اليائسة، سأسافر إن شاء الله إلى القاهرة، للمشاركة في مؤتمر دولي مهم حول “التنمية الثقافية المستدامة وبناء الإنسان”، بدعوة كريمة من المجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة، الذي تربطني به علاقة تقدير واحترام قديمة، بمثل ما تربطني بعديد أمنائه العامين وموظفيه، علاقة ود ومحبة.

سأشارك بمداخلة في محور لا يخلو من أهمية وراهنية، حول “منظمات المجتمع المدني وتعزيز التنمية الثقافية المستدامة” ببلادنا، وذلك من منطلق ما يكتسيه هذا المؤتمر الدولي الكبير من أهمية، وما يطرحه من محاور وأسئلة وقضايا، على مستوى جميع المشاريع الثقافية التنموية ببلدان المعمور.

دون أن أنسى الإشارة إلى أننا في المكتب التنفيذي وفي اللجنة المنتدبة من المؤتمر الوطني التاسع عشر الأخير للاتحاد بطنجة، نواصل بكل مسؤولية وتفان، الإعداد لمؤتمرنا القادم، والذي نتمنى أن يشكل، هو أيضا، نقلة أخرى نوعية في مسار منجزات اتحادنا ومكتسباته.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد