عادات ليلة القدر عند المغاربة: أجواء وجدانية ودلالات روحانية

ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان التي توافق ليلة القدر، كما هي متداولة في عرف المغاربة، تحظى بطقوس خاصة يتم تخليدها بشكل مختلف عن سائر الليالي الرمضانية الأخرى لما تحتويه من معاني وجدانية ودلالات روحانية.

ليلة خير من ألف شهر

ارتبطت ليلة القدر بنزول القرآن الكريم، حيث وردت في محكم التنزيل في سورة الدخان: “حم، والكتاب المبين، إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم، أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين، رحمة من ربك إنه هو السميع العليم”، وقوله تعالى في سورة القدر: “إنا أنزلناه في ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر”، فهي توجيه واضح لأهمية القرآن وعلو شأنه، وما ينبغي أن يكون عليه حال المؤمن معه تلاوة وتدبرا وعملا وحفظا.

خلال هذه الليلة المباركة التي خصص لها الله تعالى سورة في القرآن الكريم، يكثر المغاربة من العبادات من صلاة وصدقة وذكر و تلاوة للقرآن وصلة الرحم، ومنهم من يعتكف في المساجد إلى ما بعد صلاة الصبح إحياءا لليلة القدر التي أنزل الله فيها القرآن على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، كما يرافق الأطفال آباءهم إلى المساجد لأداء صلاة التراويح في جو روحاني مفعم بنفحات إيمانية ربانية.

أول صيام

من أشهر العادات لدى المغاربة في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك الاحتفال بأول أيام الصيام للأطفال وما يحتويه من مظاهر العادات التقليدية المغربية التي تكرس الانتماء الديني للطفل المغربي المسلم وتماسك الأسرة المغربية.

ويتبارى الأطفال الصغار فيما بينهم خلال هذا اليوم المبارك لتجريب الصيام الأول لهم والذي سيلازمهم طوال حياتهم عند بلوغهم، حيث تعمل الأسر المغربية على تحفيز أبنائهم لإتمام الصيام ليحتفى به عند موعد الإفطار وبعده.

ومن بين العادات المغربية التي تميز إفطار الطفل بعد تناول الحليب والتمر عند أذان صلاة المغرب وقضاء أول يوم صيام له، هو تناوله لبيضة كاملة والذي كان يحظى بنصفها قبل ذلك، بعدها يتم تجهيز الفتيات الصغيرات بارتدائهن للقفطان المغربي وتلطيخ أياديهن بالحناء وظهورهن في أبهى حلة، فيما يرتدي الذكور الجلباب المغربي التقليدي أو “الجابادور” و”البلغة” وسط زغاريد الأمهات المسرورات بإكمال صيام أول يوم لأطفالهن في جو احتفالي بهيج يدخل الفرحة والغبطة إلى قلوب الصغار.

واعتادت الأسر المغربية على شراء الهدايا لأبنائهم ومنحهم النقود احتفاءا بهم بعد صيام يوم كامل تحفيزا لهم على صيام ما تبقى من أيام الشهر الفضيل ليتعودوا على صيام نصفه أو كله في الأعوام المقبلة.

تجارة موسمية 

خلال ليلة القدر، تزدهر الحركة التجارية في عدد من الأسواق والمحلات المغربية، حيث يكثر إقبال الزبائن على اقتناء الملابس التقليدية المغربية الرجالية والنسائية  وأنواع العطور والبخور بأنواعها، كما تظهر استوديوهات التصوير في أبهى حلة لاستقبال الأطفال الصغار وعائلاتهم لأخذ صور تذكارية توثق لتلك اللحظة، حيث تتربع الفتاة على “العمارية” الصغيرة كالعروس في ليلة زفافها.

أطباق متنوعة

تسهر المرأة المغربية على إعداد أطباق متنوعة خلال ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك، ويفضل المغاربة تناول الكسكس أو الرفيسة أو “الرزيزة بالدجاج”، كما يتم تحضير “كصعة” كسكس إضافية تبعث للمسجد، ويجري تبادل الأطباق مع الجيران، في مظهر يكرس قيم التضامن التكافل الاجتماعي لدى المغاربة.

لليلة القدر مكانة متميزة لدى المغاربة تظهر تشبتهم بقيم دينهم الإسلامي الحنيف وتبرز خصوصية الأجواء المفعمة بالإيمان والتضرع لله تعالى تعكس مظهر التدين الشعب المغربي طمعا في نيل رضا الله تعالى.

 

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد