طقوس الشيعة في عاشوراء بين الشريعة والتاريخ

بأدوات حادة مختلفة، وخلال إحياء ذكرى “عاشوراء”، يقدم عدد من مسلمي الشيعة إلى ضرب رؤوسهم وأكتافهم، في مشاهد دموية مرعبة تنتشر في شوارع وطرقات بعض البلدان الشيعية كالعراق وإيران و باكستان وغيرها، وذلك استحضارا لليوم الذي قتل فيه الإمام الحسين بالقرب من مدينة كربلاء في القرن السابع للميلاد.

فتمثل عاشوراء عند هذه الفئة ذكرى حزينة وأليمة، ترمز إلى الظلم والاضطهاد الذي تعرض له الحسين بن علي بن أبي طالب، الذي قتل وأهل بيته في مثل هذا اليوم بعد محصارتهم لمدة أيام من جيش يزيد بن معاوية، منع خلالها الماء عنهم، فقطع رأس الحسين وسبيت النساء، وتأتي هذه الذكرى لتشمل تمثيل هذا الحدث أو ما يعرف بـ”التشابيه” فتقام عروض مسرحية تروي أحداث هذه واقعة التي حدثت عام 680 ميلادية.

منافاة للشريعة 

لايستثنى من الطقوس الدموية كبير أو صغير، ولا يفرق فيها بين رجل أو امرأة، فضرب الرأس والكتفين بأدوات حادة والذي يطلق عليه اسم “التطبير”، يشجعه “قراء العزاء” الذين يذهبون إلى القرى والبوادي لإقامة مجالس التعزية، ورغم ثقافتهم البسيطة فهم قادرون على إثارة حماس وعواطف من ينصت إليهم عن طريق قراءة بعض القصص عن واقعة كربلاء.

ويرى علماء الشريعة الإسلامية أن هذه الممارسات التي يقدم عليها هؤلاء الطوائف في ذكرى عاشوراء هي عادات وتقاليد مشينة لا دليل عليها في أصل الشرع، ولم يمارسها أئمة أهل البيت في حياتهم.

ويرى عدد من العلماء أنه لم يعد الرأي العام يتقبل هذه الشعيرة كما كان يتقبلها في الماضي، بل إن بعضهم يرى أنها قد تستغل من قبل أعداء الدين الاسلامي كسلاح دعائي ضد الإسلام و المسلمين، ولذلك ينصح العلماء بترك التطبير واستخدام بدائل أخرى لإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين وعدم السماح لأعداء الدين بإستغلال هذه الشعيرة ضد الدين و المذهب.

وصول ظاهرة التطبير إلى الشيعة

أكد المؤرخ إسحاق نقاش، في كتابه “شيعة العراق”، أن أول من أدخل التطبير والتسوط أي ضرب الجسد بالسلاسل وشق الرؤوس بالسيوف إلى مدينة النجف إحدى أبرز مدن العراق عام 1919، هو الحاكم البريطاني الذي خدم سابقا في “كرمنشاه” إحدى محافظات إيران، ونقل الممارسة إلى العراق عبر الهنود الشيعة، بهدف إضعاف الحوزة وهي المدرسة الفقهية التابعة للمذهب الجعفري حينها.

وكشفت بريطانيا عن ذلك في عام 1970 في كتاب “دليل الخليج” لمؤلفه ج. لوريمر، أن إضعاف الحوزة راجع إلى تأثيرها القوي على الشارع، وبالتالي قدرتها على تقويض الاحتلال البريطاني وإنهائه، فكان لا بد من إلهائها.

ويعد التطبير من الطقوس المستحدثة عند الشيعة، وصلهم من وفود الزوار من الهنود والأتراك الشيعة ممن حملوا معهم هذه الطقوس إلى كربلاء أثناء زيارتهم لضريح الحسين، ولم تقتصر فقط على ضرب الرأس، بل تجاوزتها للزحف على الأرض حتى إدماء الوجه.

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد