سيدتي سعدية ما لك إلا صبر أيوب

بقرار من الأمم المتحدة تم اعتبار السابع عشر من أكتوبر من كل سنة اليوم العالمي للفقر، ونحن على أعتاب هذا الحدث وككل سنة بدون مقدمات يزورني طائف سيدة لا أعرفها حق المعرفة ولا تربطني بها صلة، وكل علاقتي بها لم تتجاوز دقائق معدودة ولكنها أثرت في أشد التأثير وكان لقصتها صدى كبير في قلبي وفي وجداني الى يومنا هذا .

في أحد أيام شهر فبراير عند الساعة السادسة مساءا والجو ماطر والبرد قد استقر في الجو وتأثيره باد على وجوه سكان مدينة الدار البيضاء الكبرى حيث الكل يسارع الخطى والحركات للعودة للبيت بعد انتهاء ساعات الدوام ، قبل حلول الظلام وتوحش الليل وفي خضم تلك الفوضى العارمة أثار انتباهي صورة من الطرف الآخر للشارع لامرأة نحيلة، لباسها رث وفوق ظهرها فتى علمت من بعد أنه في الرابعة عشر من عمره !

نعم سيداتي ساداتي امرأة ضعيفة متقدمة في السن وتحمل على أكتافها أبنها المصاب بالشلل التام ويفوقها وزنا وهي على ناصية الشارع تحاول إيقاف سيارة أجرة، ومن سخرية القدر أن أصحاب وسائل النقل كانو يتجاهلونها عمدا وهو تصرف قطعا لا قانوني و لكن قبل ذلك لا إنساني بالمرة !

اقتربت من المسكينة واسمها سعدية، تجاذبت معها أطراف الحديث واكتشفت منها بعض جوانب حياتها التعيسة فهي أم لأربعة أبناء اثنان منهم في حالة إعاقة تامة والزوج كان قد فقد أصابعه بين ماكينة النجارة وهو كذلك نزيل المنزل الدائم ولا قدرة له لا على الشغل ولا على الانتاج ، حاولت أن أواسي السيدة بما استطعت من جهد تلك اللحظة وفارقتها وآلم تأنيب الضمير يعتصر قلبي، تأنيب الضمير هذا سببه لأنني أحسست أننا بطريقة أو بأخرى مسؤولون عن حالة هاته المسكينة وأمثالها من ضعفاء وفقراء هذا الوطن، والسؤال الذي يحيرني كلما تذكرتها هو كيف يمكن أن نعيش نحن وهم على نفس الرقعة الجغرافية ونشترك معهم نفس الهوية ونفس الانتماء ولا نقدم لهم ما يصلح حالهم أو على الأقل ما يخفف من آلامهم بشكل جدي؟

أخشى ما أخشاه أن تمر علينا هاته المناسبة في السابع عشر أكتوبر من هذا العام والعام القادم وربما الأعوام الكثيرة القادمة وحالة السيدة سعدية ومن هم في نفس وضعيتها تزداد سوءا ولسان حالنا يوصيهم بالصبر والتآسي بسيرة سيدنا أيوب (عليه السلام) .

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد