سأكتب عن البتنجان!

المصدر ميديا : أسامة عبد الرحيم

في أحد المرات التي قررت الكتابة فيها لمؤسسة صحفية عزيزة عليَّ، انتاب رئيسة التحرير مخاوف من أن أشطح خارج الصندوق، وبكل لباقة أخذت تتحسس كلماتها حتى لا تجرح قلمي، فهمت “الفولة” وهى طايرة في الهوا وطرأت في عقلي فكرة خاطفة، وقلت لماذا لا أكتب لها عن الباذنجان.

ولوهلة تصورت أنني أعدت اختراع “العجلة”، وسبقت العقاد وهيكل في تناول الباذنجان بقلمي الصحفي، إلا أن الحقيقة أن أحدهم سبقني إلى السوق واشترى كمية كبيرة منه تكفي لعمل سلسلة مقالات متعددة النكهات.

“هائل، هذا موضوع عظيم”، ربما يكون هذا رد فعل رئيسة التحرير بعدما وجدت مساحة شاسعة بين الباذنجان وما يدور في طاحونة المنطقة العربية، ولربما قالت “أنا في انتظار المقال”، لكنها لم تسألني عن أي أنواع الباذنجان أكتب الأسود أم الأبيض؟ الممشوق أم المنفوخ؟.

عدت إلى صاحبنا الذي سبقني بالكتابة عن الباذنجان، فوجدت لديه إجابة أكثر دقة: هذا يتوقف على الطريقة التي ستكتب بها المقال، كيف؟ المقال المشوى والمخلل يحتاج إلى الممشوق، أما المقلي، فيفضل له المنفوخ!

تهللت أساريري وقلت: رائع، سهلت عليّ الأمر، حسناً الفرصة مفتوحة أمامي الآن للكتابة عن أي نوع وأي طريقة لتجهيز الباذنجان حتى ندرك أننا نعيش في ظل نظام عالمي يؤمن بالتعددية، ويعطي معارضيه حق الاختلاف معه.

ولأن صاحبنا الذي سبقني للكتابة عن الباذنجان اعتاد أن يكتب عما يحب، وكان يحب المقلي أكثر، وكذلك “المسقعة” – أكلة مصرية شعبية- فقرر أن يجعل المقال مقليا، فاشترى ثلاثة كيلوغرامات، وعاد إلى البيت سريعا، وطلب من زوجته أن تقليها.

نظرت المرأة إلى الكيس المملوء على آخره، وقالت له: هذا سيحتاج إلى زيت كثير قال لها: لا بأس، عادت تقول: سيكون فائضا عن حاجتنا، رد عليها: التجربة تستحق أن ندفع من أجلها!

وجلست المرأة إلى جانبه بعد أن انتهت من قلي الباذنجان وتجهيزه، لتحسب له التكلفة، وفمه يتسع دهشة مما يسمعه، وهنا طرأ على ذهنه أن يبدأ سلسلة مقالات عن الباذنجان بمختلف تجلياته، ثم وضع عنوانا للمقال الأول: “تكلفة طبخة باذنجان لأسرة من خمسة أفراد”.

وحرص في المقال على أن يكتفى بالعرض دون تحليل أو تقييم أو إبداء رأي، حتى يضمن مرور المقال بسلام، فراح يصف منظر الباذنجان وهو متراص على العربة في السوق، وهو يتزاحم في الكيس، ثم وهو يصير شرائح رقيقة يتراقص بعدها في الزيت المغلي!

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد