رمضان بعيون مغاربية “ليلة القدر”

تعجز الكلمات عن وصف أجواء رمضان بربوعنا المغاربية، فكل شيء مختلف ومميز، عبادة، وتقاليدا ووجبات….، إنه شهر الإيمان والتآخي والخيرات بلا منازع، والذي لا يكتمل في منطقتنا المغاربية إلا بخصوصيات ذات تقاليد واعراف تميز كل منطقة عن غيرها، وتجعل من هذا الشهر الأبرك ايقونة رمضانية بطابع ونكهة خاصة.

المصدر ميديا ربطت الإتصال بمجموعة من المواطنين المغاربيين، وتتبعت عبرهم، مميزات وطقوس “ليلة القدر” من شهر رمضان الأكرم بكل من تونس، المغرب، الجزائر، وليبيا.

تونس

تختلف ليلة القدر، في تونس عن باقي ليالي الشهر الكريم؛ حيث تحتل مكانة كبيرة لدى الشعب التونسي نظراً للروحانيات التي تكون في تلك الليلة فضلاً عن العادات والتقاليد التونسية التاريخية المستمرة حتى الآن، وينتظر الجميع طوال شهر رمضان ليلة القدر بشوق كبير؛ ففي العشر الأواخر من الشهر الفضيل يتسابق التونسيون إلى المساجد وتزداد وتيرة العبادات فيها كصلاة القيام والتهجد والاستغفار والإكثار من الدعاء.

تعيش تونس أجواء رمضانية، تشبه كثيرا باقي ربوع المنطقة، إلا أن ما يميز تونس فعلاً ليلة القدر المعروفة باللهجة العامية “بليلة النص”، هي تلك الإحتفالية  الخاصة، حيث تستقبل الأسواق في ليلة القدر جحافل المتسوقين، الذين يحضرون طبقاً موحداً “الكوسكوس” التونسي، ورغم اعتماد هذا الطبق، خلال أيام الشهر، إلا أن طريقة إعداده في ذلك اليوم لها طقوسها الخاصة، حيث تتحول الأسواق إلى إلى وجهات أغلب المواطنين التونسيين، في تسابق للظفر بالمواد الطازجة  الأساسية لتحظير طبق “الكوسكوس” التونسي لـ “ليلة النص”.

وبعد الإفطار، تعم الأجواء الرمضانية تونس فتكثر الخطب الدينية والمواعظ، وينتشر في المساجد رجال يحملون مرشاة فضية تقليدية، فيها ماء الزهر وعطور لرشها على المصلين، ابتهاجاً بالليلة المباركة، ويتم تبادل الزيارات ويكثر الضيوف في المنازل، وتردد عبارة “إن شاء الله ليلة مبروكة علينا الكل.. وإن شاء الله من المقبولين عند رب العالمين”، وفي هذه الليلة، يختار البعض إقامة حفلات الخطبة للمقبلين على الزواج، ويصار إلى ختان بعض الأطفال الذكور.

فهذه الليلة موعد لتواصل الأرحام وتلاقي الأسر في مناسبات قلما تتكرر على مائدة الشاي والحلويات، وأشهرها الزلابية والمخارق ويصاحب ذلك السمر والحديث طوال هذه الليلة.

المغرب

يحتفل المغاربة في رمضان بليلة القدر بالتبرك بالقرآن وبإعداد طبق الكسكس أو “التريد” أو طبق مغربي حلو والتصدق منه للفقراء والمساكين أو تقديمه للمصلين في المساجد، وفي ليلة 27 من شهر رمضان (ليلة القدر) يتزين الأطفال باللباس التقليدي المغربي ووضع الحناء للبنات، ويكافئون بما لذ وطاب أثناء الإفطار،  وتجوال في الشارع احتفالاً بصيامهم الأول.

كما تتسم ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان، التي يعتقد الكثير من المغاربة أنها توافق ليلة القدر، بالعديد من الاحتفالات التي تشهدها الأسر المغربية، بدءاً من زفّة الصغار لمناسبة صيامهم الأول، وانتهاءً بطقوس إشعال الشموع ترحيباً بالأرواح الخفيّة.

وتبدأ الطقوس المختلفة عند معظم الأسر المغربية، خاصة منها تلك المنتمية إلى الفئات الفقيرة والمتوسطة، مع حلول ليلة السابع والعشرين، منذ مغيب شمس اليوم إلى الساعات الأولى من فجر اليوم التالي، من خلال التركيز على الاحتفاء بالأطفال الذين يصومون أول مرة، وتحويل الصغيرات الصائمات إلى عرائس جميلات، والتعبد والإعتكاف في المساجد، وثلاوة القرأن…

أجواء رمضانية عطرة تتم ضمنها الزيارات للأقارب والأحباب، وتتزين موائد عشائها بأطباق الكسكس، وحلاوة الحديث الذي يجمع الجميع في هذه الليلة المباركة.

الجزائر

يتنافس المسلمون في الجزائر خاصة في هاته الليلة، على تأدية الشعائر الدينية وذلك بالإكثار من الصلوات وتلاوة القرآن آنثاء الليل وأطراف النهار، ناهيك عن إعمار المصلين المساجد في أوقات الصلاة وصلاة التراويح وقيام الليل وحتى خارج أوقات الصلاة.

 ويحظى الأطفال الصائمون لأول مرة باهتمام ورعاية كبيرتين من طرف ذويهم وتشجيعاً لهم على الصبر يتم تحضير مشروب خاص بالماء والسكر والليمون مع وضعه في إناء (مشرب) بداخله خاتم من ذهب أو فضة من أجل ترسيخ وتسهيل الصيام على الأبناء مستقبلاً.

ورغم تباين واختلاف العادات والتقاليد على مستوى مناطق الجزائر، يختلف الاحتفال بهذه الليلة في جزئيات صغيرة من حيث الأطباق التي تحضر لهذه المناسبة، فعلى مستوى العاصمة الجزائر والمناطق المحيطة بها تحضر مختلف الحلويات، مثل حلوى “البسيسة” التي تحضر بدقيق القمح والزبدة وتمزج بالعسل وتزين بعد ذلك بالجوز واللوز، وهذه الحلوى تعطي قوة تحمل أكثر، خاصة لمن يقوم الليل حتى الفجر، مع تحضير أطباق أخرى كالرشتة والكسكسي.

وفي الشرق تحرص النساء على تحضير “الشخشوخة” بمختلف أصنافها، وعلى مستوى مناطق الغرب تحضر الحريرة والكسكسي بالخضر.

ولا يمكن لهذه المناسبة أن تمر دون أن يكون للحناء موقع فيها، فهي رمز الفرح والسرور والاحتفاء بالمناسبات الدينية، لذلك تعمد النسوة إلى استعمال الحناء لأنفسهن، ولأولادهن بمختلف الأشكال والأنواع.

ليبيا

تختلف أجواء ليلة القدر كثيرا بليبيا، خاصة فيما يتعلق بالمأكل والملبس، حيث نجد أن أطباق الليبيين وملابسهم في هاته الليلة تختلف بحسب مدنهم، مما يضفي على رمضان أجواء مميزة، بتنوع طرق احتفاء الليبيين بالشهر الفضيل.

 فالليبييون يترقبون رمضان بشغف ويحيون ليله ونهاره بالعبادة خاصة في العشر الأواخر، ويستقبلونه بتحضير العصبان والكسكسي الليبي وحلويات العيد، والتمر واللبن أو الحليب الذي يخلطه البعض بعصير اللوز، والعصائر الطبيعية ثم تتناول الأسرة الشوربة الليبية التقليدية التي يدخل في مكوناتها لسان العصفور، أو أنواع أخرى من الشوربات مثل “الحساء” و”الدشيشة”.

ويجتمع اللليبيون، في البيت الكبير لكل أسرة، حيث يجتمع الأولاد في البيت الكبير ويتعاون الجميع في تجهيز مائدة لتناول الإفطار مع الجد والجدة والأبناء والأحفاد. ويتزاور الأقارب والأصدقاء عادة بعد صلاة التراويح، وقد يتناولون السحور معا. ويقبل الجميع على الصلاة في المساجد.

ويحرص الناس خلال ليلة القدر على أداء الصلوات بما في ذلك التراويح في المساجد، وعلى تلاوة القرآن وختمه والاستماع للمحاضرات الدينية، وقد تصلي الأسر المغرب جماعة في بيوتها. وقد يتم تقديم وجبات خاصة الكسكسي” و”الرشدة” في العشر الأواخر.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد