“إن خطابي لك اليوم، لا يعني المؤاخذة أو العتاب؛ وإنما هي طريقة مباشرة، للتعبير لك عن تخوفي، من استمرار ارتفاع عدد الإصابات والوفيات، لا قدر الله، والرجوع إلى الحجر الصحي الشامل، بآثاره النفسية والاجتماعية والاقتصادية” مقتطف من الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، خطاب وضع النقط على الحروف ، خطاب مبهج رغم مايحمله من حديث مؤلم عن الاجتياح الكبير لفايروس كورونا لبلادنا، لانه ببساطة كان خطابا من القلب للقلب، صريح وواضح وبلغة مبسطة، خطاب يحمل في ثناياه الخوف اكثر من اللوم، وهو لوم مشروع في اطار الحفاظ على أرواحنا وارواح كل من نحب.
تتميز الثقافة السياسية المغربية بخصوصيات عدة من ناحية التركيبة ومن ناحية الأداء، بحيث يتمتع الفاعلون والمتدخلون في الشأن العام من أحزاب وهيئات سياسية بقدر كبير من الحرية والمناورة فيما يخص القضايا المختلفة التي تشغل بال المواطن والمجتمع المغربي، فيؤدي السياسي دوره سواء في إطار الحكومة أو المعارضة بقدر كبير من الاستقلالية، كما وتتمتع الصحافة الوطنية وكذلك عموم المواطنين بحق دستوري للمشاركة في كل نقاش يهم مصلحة الوطن، ومن مميزات المملكة أن القضايا الكبرى التي تؤثر على مصير الأمة عندما تصل إلى باب مسدود أو إلى منعطف مصيري وتصبح في وضع تحتاج فيه إلى قرارات وخطوات استثنائية تتدخل اليد الحكيمة للمؤسسة الملكية لضمان التقدم إلى الأمام واجتياز المصاعب والتأكد من وضع قاطرة البلاد على السكة الصحيحة ..
الخطاب الملكي جاء ليؤكد هذا الاستثناء المغربي، جاء مناسبا من ناحية الظرفية الزمنية ومن ناحية حمله لأجوبة على أسئلة كانت محط جدل واسع داخل المجتمع المغربي، الكل يتسائل عن حقيقة وضعيتنا الصحية مع هذا الوباء اللعين، وعن مستقبل البلاد في ظل استمرار انتشار المرض، العديد من الأسئلة التي كانت تحتاج لحسم وردود حازمة وجدت الجواب الشافي في الخطاب الملكي، الذي كان قويا ووضع خارطة الطريق للحد من هذا الوباء، خارطة يجب التقيد بها من طرف الكل وفي المقابل على الحكومة ان تتحمل مسؤوليتها، وهو أمر طالب به الملك في كل خطبه، وعلى الاحزاب السياسية التي تصدح اصواتها في كل استحقاق سياسي ان تسخر هذه الأصوات لتوعية المواطنين الذين تعتمد عليهم وتسعى لكسب أصواتهم حينما تريد الوصول لغايتها. ولكن قبل هذا وذاك يجب توفير الشروط الانسانية والمادية التي تساعد المواطن على الالتزام بواجباته.