خبير سنغالي: استراتيجية المغرب بإفريقيا مصدر إلهام لدول المنطقة

أكد المدير التنفيذي للمركز الإفريقي للتجارة والاندماج والتنمية بالسنغال، الشيخ تيديان ديي، أن المغرب يتوفر على استراتيجية مهمة لتعزيز وتنويع أداءه الاقتصادي على مستوى القارة الإفريقية، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، على الخصوص، يتعين أن تكون مصدر إلهام لدول المنطقة.

وقال ديي في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “المغرب يقوم حاليا في إطار استراتيجيته على مستوى إفريقيا بما يتعين على غالبية الدول الإفريقية فعله، إنه يقوم بمبادرات يتعين على الآخرين استلهامها ولا سيما في ما يتعلق بالاستباق واتخاذ المبادرة وتملك رؤية واضحة لمصالحه”.

وبعدما ذكر بأن المغرب يعد المستثمر الإفريقي الأول على مستوى القارة، أبرز ديي أن المملكة تسعى إلى “تكريس تموقعها على مستوى السوق الإفريقية الواعدة، وتتوفر على عناصر وممارسات عملية تتيح لها تحقيق أهدافها الاستراتيجية”، معتبرا أن “مواصلة هذه الدينامية التي نشيد بها ستكون مفيدة للمغرب وللدول الإفريقية على حد سواء”.

وفي معرض رده على سؤال حول طلب المغرب الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، أكد الخبير الاقتصادي، أن الأمر يتعلق “بقرار منطقي ومدروس جيدا”، ويبرز أن المغرب “يعرف ماذا يريد وأين يريد أن يمضي وكيف يوظف قوة القارة”.

وأوضح الخبير السنغالي أنه “صحيح أنه لم نقم بتحليل معمق على مستوى المركز، بخصوص إيجابيات وسلبيات الطلب المغربي، لكنني باعتباري مواطنا من غرب إفريقيا، أفترض أنه أمر قابل للتحقق ويمكن أن يكون إيجابيا”، مؤكدا على أن “المطلوب أن يقوم هذا الانضمام على علاقة مربحة للطرفين”.

واعتبر أن البعد الجغرافي للمملكة عن المنطقة لا يجب أن يكون هو الحاسم في البت في هذا الطلب، قبل أن يستدرك أن هذا البعد أمر يتعين مساءلته “ذلك أن المناطق الجنوبية للمغرب مثلا هي أقرب إلى غرب إفريقيا من بعض مناطق النيجر ومالي” العضوين في المجموعة.

وأوضح في هذا الصدد أن المغرب الذي يوفر رؤوس الأموال ويستثمر في إفريقيا، ويتوفر على خبرة مهمة على المستوى التكنولوجي، يمكن أن يكون مفيدا لدول غرب إفريقيا، مشيرا في هذا الصدد إلى قطاعي النسيج والصناعات الغذائية التي راكمت فيهما المملكة تجربة مهمة.

فعلى مستوى قطاع النسيج، يقول ديي، فإن دول غرب إفريقيا التي تنتج كميات مهمة من القطن، ولا تتوفر حاليا على الكفاءات والتكنولوجيات والمصانع لتنتقل من تصديره كمجرد مادة أولية إلى مستوى أعلى من سلسلة الإنتاج، يمكن أن تستفيد من التجربة المغربية المتميزة في قطاع النسيج، على أن تحرص المملكة على نقل التكنولوجيات ومباشرة المراحل الأولى للإنتاج في هذه الدول فيما يتم إكمال التصنيع في المغرب.

وأضاف أن هناك قطاعا آخر مهما يمكن للمغرب أن يعزز فيه حضوره على مستوى منطقة غرب إفريقيا، ويتعلق الأمر بقطاع الصناعات الغذائية. “هناك العديد من المنتوجات المحلية في غرب إفريقيا يتم تصديرها على شكل مواد أولية، من قبيل الكاجو، إلى الهند وفييتنام. ومن الأفضل أن يستثمر المغرب في تصنيع هذه المنتجات على مستوى دول المنطقة”.

وفي إطار السعي لتحقيق هذه الشراكة المربحة للطرفين، قال الخبير الاقتصادي إن “الرهان هو تأهيل الأداء الاقتصادي غرب الإفريقي، حتى نرى الشاحنات التي تأتي محملة بالسلع من المغرب إلى دول المنطقة، عائدة إلى المملكة محملة بالمنتوجات المحلية”.

وعن رأيه في مشروع خط الأنابيب الذي سينقل الغاز بين المغرب ونيجيريا، والذي وقع البلدان اتفاقيتين لتنفيذه مؤخرا، قال المدير التنفيذي للمركز الإفريقي للتجارة والاندماج والتنمية، إن هذا المشروع يشكل “محتوى ملموسا” للإسهام المغربي في تطوير اقتصاد القارة.

واعتبر أن هذا المشروع “ستكون له انعكاسات إيجابية جدا، سواء بالنسبة لنيجيريا التي ستبيع أكثر وبشكل شهل، أو بالنسبة للمغرب الذي سيلج لهذا المورد، وكذا بالنسبة للدول التي يعبرها هذا الخط”.

وفي تعليقه على العودة التاريخية إلى الاتحاد الإفريقي، قال ديي، إن الأمر يتعلق بخطوة صحيحة تقطع مع سياسة الكرسي الفارغ التي لا تعد خيارا مجديا البتة، مضيفا أن هذه العودة تعد “فوزا اقتصاديا ودبلوماسيا وسياسيا للمغرب”.

وخلص ديي إلى أن التفرقة لا تصب أبدا في مصلحة الدول الإفريقية والقارة برمتها، والمطلوب هو تعزيز فكرة التكتل، “وعودة المغرب إلى الاتحاد الافريقي تعد خطوة استراتيجية ومهمة. بالنظر إلى مستوى الاستثمار الحالي للمغرب في القارة، وبالنظر لقدرات المملكة وللسوق التي توفرها، إضافة إلى كونها مدخلا لدول المنطقة إلى أوروبا”.

ويهدف المركز الإفريقي للتجارة والاندماج والتنمية بالسنغال التابع لمنظمة (إندا-العالم الثالث)، إلى دعم جهود الدول الإفريقية لتحقيق أهداف التنمية التي تؤثر إيجابا وبشكل مستدام على ظروف عيش الساكنة ولا سيما الفقراء منهم.

ويطمح المركز إلى التموقع كمركز رئيسي للموارد والخبرة حول التجارة والاندماج والتنمية سواء بالنسبة للمجتمع المدني والقطاع الخاص، أو للحكومات والمؤسسات الإقليمية وغيرها.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد