دعا الخبير الإقتصادي عمر الكتاني الدولة المغربية إلى نهج “سياسة تقشفية صارمة”، ضمن محاورها خفض رواتب المسؤولين الكبار بـ15% للتصدي لتأثيرات جائحة كورونا على الإقتصاد الوطني.
وأكد الكتاني في تصريح للمصدر ميديا، معلقا على خلاصات توقعات “موجــز الظرفيـــة الاقتصادية خلال الفصل الثاني من 2020 وتوقعات الفصل الثالث”، الذي أصدرته المندوبية السامية للتخطيط، يوم امس الأحد، والذي أوضح انه “ينتظر أن يحقق الاقتصاد الوطني انخفاضا يقدر ب 13,8٪، خلال الفصل الثاني من سنة 2020، عوض 0,1+٪ قي الفصل السابق”، أن توقعلت المندوبية “توقعات منطقية”، تستدعي تبني”سياسة تقشفية صارمة” في ظل التأثيرات السلبية لجائحة كورونا على الإقتصاد الوطني.
وأضاف الخبير الإقتصادي، أن المغرب مقبل بعد الأزمة الصحية، التي عاشتها البلاد ولا تزال، على أزمة إقتصادية، تستدعي تظافر الجهود والتعبئة الشاملة للجميع من اجل خفض التأثيرات الإقتصادية والإجتماعية للجائحة، مشددا على ان الدولة يجب ان تلعب الدور المركزي في هذا الوضع من خلال المسارعة إلى خفض النفقات والبحث عن موارد بديلة من اجل إنعاش خزينة الدولة.
واوضح الكتاني، أن الدولة تستهلك خمس الدخل الوطني (22%)، مما يعني أن ضرروات خفض النفقات الثانوية داخل مؤسساتها اصبح أمرا ملحا وضروريا، من خلال تخفيض نفقات السفر والتعويضات المرتبطة بها، والبحث عن صيغ بديلة من اجل تقليل كثلة الأجور التي يفارض ان تستهلك 37,3٪ من إجمالي نفقات الميزانية العام، أي 320,66 مليار درهم، حسب تقديرات قانون مالية سنة 2020.
وكان رئيس الحكومة قد دعا عبر دورية وجهها للوزراء والمندوبين السامين والمندوب العام، حول تحيين المقترحات المتعلقة بالبرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات (2021-2023)، القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية إلى عدم برمجة إحداث مناصب مالية جديدة برسم السنة المالية 2021 على الخصوص، باستثناء قطاعات الصحة والتعليم والقطاعات الأمنية بما في ذلك وزارة الداخلية والمصالح الأمنية التابعة لها وإدارة الدفاع الوطني، مشددا على ضرورة إقتصار نفقات التسيير على النفقات الضرورية والملحة من خلال مواصلة المجهودات المبذولة لعقلنة وترشيد هذه النفقات تماشيا مع ما يفرضه سياق ما بعد الجائحة.
وأوضحت دورية رئيس الحكومة، أنه فيما يتعلق بنفقات الاستثمار فإنه يجب إعطاء الأولوية لتوطيد المشاريع التي توجد قيد الإنجاز، خاصة المشاريع موضوع اتفاقيات موقعة أمام الملك والمشاريع المستفيدة من تمويلات خارجية، مع إيلاء الأفضلية للمشاريع المنجزة من طرف المقاولات المغربية، لا سيما تلك التي تستعمل مواد محلية، مشددة على ضرورة تعزيز اللجوء إلى آليات بديلة للتمويل، لا سيما في إطار الشراكة المؤسساتية أو الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وهو القرار الذي إعتبرته فرق المعارضة قرار “خطيرا” يحد من الإقلاع الإقتصادي المنشود بالبلاد، ويرسل رسالات سلبية إلى الشركاء الإقتصاديين.
وتأتي التوجهات الموازناتية الجديدة بالنظر للاستمرار المرتقب للتأثير السلبي لجائحة كورونا على النشاط الاقتصادي وعلى وضعية الميزانية، لاسيما بعد التراجع الحاد في موارد الدولة، ما يتطلب مواصلة جهود استعادة الدينامية الاقتصادية الوطنية، وكذا استمرارية تدبير ضبط النفقات والتخصيص الأمثل للهوامش المالية المتاحة بما يسمح بالاستعادة التدريجية للتوازنات الماكرواقتصادية.
يشار أن أنه من المتوقع أن يسجل معدل نمو الاقتصاد الوطني انخفاضا يقدر بـ 13,8 في المائة خلال الفصل الثاني من 2020، عوض 0,1 في المائة في الفصل السابق، حسب تقرير الظرفية الاقتصادية خلال الفصل الثاني من 2020 وتوقعات الفصل الثالث، والذي توقع ان يتراجع دعم الطلب الداخلي للاقتصاد الوطني، خلال الفصل الثااني من 2020، متأثرا بتداعيات الازمة الصحية لكوفيد 19. حيث ستشهد نفقات الأسر الموجهة نحو الاستهلاك تقلصا في وتيرتها، يقدر ب 6,7ـ٪، عوض 1,4+٪ خلال الفصل السابق. وسيهم هذا التراجع كل من نفقات المواد المصنعة، كالملابس ومواد التجهيز وكذلك النقل والمطاعم والترفيه، فيما سيحافظ استهلاك المواد الغذائية على وتيرة نموه. فيما سيشهد الاستهلاك العمومي نموا يناهز 6٪، خلال نفس الفترة، بالموازاة مع تطور نفقات التسيير في الإدارة العمومية والخدمات الاجتماعية. في المقابل، يرجح أن يعرف الاستثمار تراجعا ملموسا يقدر ب 49,4-٪، عوض 4,8-٪، في الفصل السابق، وذلك بالموازاة مع تقلص الاستثمارات في المواد الصناعية و أنشطة البناء في ظل توقف وحدات الإنتاج وانخفاض في تخزين المقاولات . أنه ينتظر أن تشهد أسعار مختلف المواد الأولية تراجعا ملموسا في ظل تقلص الطلب عليها مقابل وفرة في العرض.
وأوضحت المندوبية أنه من المنتظر أن تتقلص القيمة المضافة للأنشطة غير الفلاحية بنسبة 14,4 في المائة، حيث سيشهد القطاع تراجعا ملحوظا في وتيرة تطوره لينخفض بـ 11,5في المائة، عوض زائد 1,6 في المائة خلال الفصل السابق، متأثرا بتقلص أنشطة النقل والسياحة والتجارة، فيما ستحافظ المواصلات والخدمات غير المؤدى عنها، وخاصة الاجتماعية، على ديناميتها مقارنة مع الخدمات الأخرى.
وأضافت المندوبية أنه من المنتظر أيضا أن يشهد الطلب الخارجي الموجه للمغرب انخفاضا يقدر ب 18٪، خلال الفصل الثاني من 2020، عوض 3,1ـ٪ خلال الفصل السابق، متأثرا بتراجع التجارة العالمية وتباطؤ النشاط الاقتصادي على مستوى الشركاء التجاريين للمغرب. وبالموازاة مع ذلك، ستعرف الصادرات الوطنية انخفاضا يقدر ب ٪25,1، متأثرة بتراجع مبيعات معظم المواد وخاصة السيارات والنسيج ومركبات الطائرات. كما ستشهد الواردات من السلع انخفاضا يناهز 26,7٪، بسبب تراجع مشتريات مواد التجهيز والاستهلاك والمواد الخام و الطاقية وكذلك النصف مصنعة. في المقابل، ستواصل واردات المواد الغذائية تصاعدها في ظل ارتفاع مشتريات الحبوب والسكر والمواد العلفية.