جولة”الضحك” بجنيف

انتهت جولة مفاوضات المائدة المستديرة حول الصحراء المغربية التي انعقدت يومي 5و6 دجنبر بجنيف، بما لها وما عليها، وبقيت تحليلات هذا الطرف أو ذاك تمتاح من مداد مايؤمن به ويدافع من أجله. وقليلا ما نجد من يحلل ويكتب ويناقش بعيدا عن الذاتية وبموضوعية أصبحنا نفتقر إليها ونبحث عنها بكل أنواع مكبرات الصور.

لقد أطلت علينا نهاية اليوم الأخير من المفاوضات بتفاؤل كبير من كل الأطراف بما فيها الوفد الممثل القادم من مخيمات تيندوف. ومع ذلك فلابد من الإشارة إلى ملاحظتين أساسيتين تعبران عما هو أهم من ذلك التفاؤل وهما:

أن الجبهة لمحت إلى اصطدام إرادتها في الدفع بالقضية إلى الأمام بغياب الإرادة السياسية المغربية ،وهذا ماصرح به ممثلها بنيويورك.

أما وزير الخارجية المغربي فقد أكد أن المغرب ليس مستعدا للانخراط في مباحثات عقيمة ويعتبر أن هذا سيكون مضيعة للوقت بالنسبة إلى المجتمع الدولي ،وكذا لن يكون في صالح التوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع.

وهذا ما يعني أن التصريحات الموغلة في التفاؤل يبدو أنها كانت للإستهلاك الإعلامي وحتى لا يقال أن طرفا ما يعرقل هذه المفاوضات أو ساهم في إفشالها.

يبدو أن المغرب حقق هدفه الذي كان يسعى إليه وذلك باجتماع كل الأطراف على طاولة واحدة حيث تم جر الجزائر إلى عملية تفاوضية كانت ترفض الانخراط فيها .كما أن الجبهة -كما تدعي- وجدت في قبول حضور الطاولة انطباعا للضغوطات الدولية التي مورست على المغرب.

وبعيدا عن كل هذه الآراء والتحليلات فإننا لا نرى أية فائدة أو جدوى من هذا الإجتماع أو غيره من الاجتماعات القادمة غير نقطتين مهمتين تحسبان لفائدة ملفنا الوطني أولاهما:

إن جلوس وفد جبهة البوليساريو مع وفد يمثل ساكنة الأقاليم الجنوبية يعتبر اعترافا صريحا بأن التمثيلية لم تبق حصرا عليهم وبذلك نزعوا عن أنفسهم صفة (الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي)، ولا نعتقد أن ذلك تم دون ضغوط من الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة.

ثانيتهما تتمثل في رسالة بعث بها شاب من ساكني مخيمات تيندوف لوزير خارجية الجزائر منشورة في جريدة المستقبل الصحراوي التابعة لجبهة البوليساريو، على إثر تصريحه الذي أدلى به عقب انتهاء المحادثات حيث قال بمنتهى السخرية والاستهزاء :(جينا انضحكوا اشوية)
لقد حملت رسالة الشاب الصحراوي من الحزن والألم والاحتجاج الصارخ والقوي على الوزير الجزائري مالا مزيد عليه.وأعتقد أن ما شعر به هذا الشاب الصحراوي هو ما سيشعر به بقية ساكنة تيندوف.خاصة حينما يقرؤون في فقرة منها:

“قبل الجولةالقادمة من مسلسل(جينا انضحكوا شويا)أريد تذكيرك معالي الوزير بالمعاناة الصامتة لالآف اللآجئين الصحراويين على الأراضي الجزائرية،ويضيف قائلا : “…..وليس من المعقول أن يحرم اللاجئ الصحراوي الذي يقيم على الاراضي الجزائرية منذ أكثر من 40 سنة من حق العمل الذي تكفله كافة القوانين الدولية…. لازال اللاجئ الصحراوي محروم من كل المهن في الجزائر بحجج سياسية واهية في وقت بلغت فيه نسبة البطالة بمخيمات اللاجئين الصحراويين ارقاما قياسية ناهيك عن انتشار المجاعة وفقر الدم” ويضيف متسائلا بمرارة….”هل يعقل ان يعاني اللاجئ الصحراوي من المجاعة على أرض الجزائر التي بلغت إحتياطاتها من العملة الصعبة في السنوات الاخيرة ارقاما قياسية، إن ما اتحدث عنه يعتبر من أبسط الحقوق التي على البلدان المستضيفة توفيرها للاجئين مثل حق العمل والتملك والسفر وحمايته من الامراض المرتبطة بالمجاعة مثل فقر الدم”….انتهى كلامه.

إن الرسالة تحمل بين طياتها ما تعانيه ساكنة المخيمات من فقر وبؤس وحرمان .وتعامل يندى له الجبين من طرف السلطات الجزائرية وهو الإحساس نفسه الذي تشعر به بقية الساكنة.وعسى أن يطلع على هذه الرسالة كل متعاطف مع الجبهة لكي يعرف أن الجزائر ومنذ بداية المشكل لا تسعى إلا إلى الضحك والاستمتاع بمعاناة هؤلاء الابرياء الذين يتألمون في صمت وكبرياء في حين تتمتع نخبتهم بالثراء والترف وهي ترفل في رغد من العيش كبقية بعض من النخب الصحراوية الموجودة داخل أرض الوطن.

آخر الكلام..

سيلعب وزير الخارجية الموريتاني دورا كبيرا في تسهيل مأمورية المبعوث الخاص نظرا لخبرته الاممية وللثقة التي يحظى بها في دوالب الامم المتحدة الشيء الذي سيستفيد منه المغرب حتما

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد