تحويل الأندية المغربية إلى شركات رياضية: الصعوبات والعوائق

لقد باتت الرياضة المغربية أمام حتمية الدخول لعالم جديد، فمع دخولها عالم الاقتصاد الرياضي، أصبحت كرة القدم على الخصوص والرياضة بشكل عام، في حاجة ضرورية لخارطة طريق للمستقبل.

تستعد كرة القدم المغربية إلى الدخول لعالم الشركات الرياضية، والتحول التدريجي من جمعية إلى شركة يمر بمراحل جد معقدة تفرض تدخل كامل الأطراف الفاعلين في تدبير الشأن الكروي، والاستعانة بخبراء ومراكز أبحاث تعبد طريق الرياضة المغربية لهذا العالم الجديد.

الإشكال القانوني المرتبط بتحويل الأندية المغربية إلى شركات رياضية

يقول رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ،فوزي لقجع، بخصوص تحويل الأندية المغربية إلى شركات رياضية والتي سيتم العمل بها خلال الموسم الرياضي الجديد:” نعمل على إخراج الشركات الرياضية إلى حيز الوجود باعتبارها مرحلة مهمة في مسار تطوير كرة القدم الوطنية وبالتالي إنهاء العمل بالصيغة القديمة وقد حددنا موعدا مهما وهو 15 غشت لإنهاء عملية مطابقة قوانين الأندية مع القانون الجديد 30-09 الذي يلزم الأندية الوطنية بضرورة التحول للشركات الرياضية، وسنكون في الموعد الزمني المحدد لهذه الغاية، وقد كانت هناك إجتماعات متواصلة مع وزارة الشباب والرياضة ومع الوزير رشيد الطالبي العلمي وطرحنا هذا المشروع في شقيه قانون النادي وقانون الشركة وكانت هناك ملاحظة من السيد الوزير هي أن تعمل الأندية على مطابقة قوانينها مع القانون الجديد وهو الشيء الذي ستقوم به الأندية خلال جموعها العامة وستكون هذه العملية جاهزة خلال 15 غشت القادم”.

في ظل ما تعانيه عدد من الأندية المغربية من أزمات مادية خانقة بسبب اختلال التوازنات، تطفو على الواجهة الكثير من الأسئلة ترتبط معظمها بحال المشهد الكروي  الذي سيكون عليه الموسم المقبل في حال تشبت جامعة لقجع بموقفها الذي يقر بأن تلتزم أندية النخبة بما يفرضه قانون التربية البدنية 30-09 في الشق المتعلق بنظام الإحتراف طبقا لمقتضيات المادة 15 منه والتي تنص: “يجب على كل جمعية رياضية (بمعنى نادي رياضي) لها فرع رياضي (بمعنى فريق) يتوفر على 50 في المائة من المحترفين المجازين البالغين سن الرشد، أو يحقق للجمعية خلال ثلاثة مواسم متتالية معدل مداخيل يفوق المعدل المحدد بنص تنظيمي، أو يتجاوز معدل كتلة أجوره خلال ثلاثة مواسم رياضية مبلغا يحدد بنص تنظيمي أن تحدث شركة رياضية وأن تظل شريكة فيها لأجل ضمان تسيير الفرع المذكور”.

وتشير نفس المادة (المادة 15) إلى أن الشركات الرياضية تخضع لقانون شركات المساهمة، ويتكون رأسمالها وجوبا من أسهم إسمية، حيث يجب أن تملك الجمعية الرياضية 30 في المائة على الأقل من أسهمها، و30 في المائة على الأقل من حقوق التصويت.

إشكال قانوني آخر مرتبط بالانتقال إلى شركة رياضية، وهو ما تضمنته المادة 11 من قانون 30-09 التي تنص: “يجب أن تكون الجمعيات الرياضية معتمدة من قبل الإدارة”، الإدارة تعني هنا (وزارة الشباب والرياضة)، الأمر الذي يضع الأندية المغربية بقسميها الأول والثاني على المحك لأنها لا تزال غير معتمدة بعد من قبل الإدارة كما ينص القانون.

وينص القانون نفسه إذا توفرت في النادي الشروط المحددة في المادتين 15 و16، يصبح تحويله إلى شركة إجباريا، حيث تنص المادة 17 من قانون 30-09: “تقصى من المنافسات والتظاهرات التي تنظمها الجامعات الرياضية كل جمعية رياضية يتوفر فيها على الأقل أحد المعايير المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 15، والتي لا تمتثل لأحكام المادتين 15 و16 داخل أجل سنة يحتسب من التاريخ الذي أصبحت فيه مستوفية للشرط المذكور”.

قانون رقم 30-09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضة أقر ربط التنزيل الميداني لكثير من فصوله خاصة المتعلقة بإنشاء الشركات الرياضية، بصدور نصوص تطبيقية عن وزارة الشباب والرياضة، إلا أن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تقيد الأندية بضرورة إطلاق الشركات الرياضية مع بداية الموسم الرياضي الجديد 2018-2019 لإنهاء ما يمكن تسميته بحالة الجفاء المعلن مع القانون.

اختلالات أخرى كثيرة

محيط الأندية المغربية يعيش اختلالات كبيرة على كثير من الأصعدة لا يصلح لتطبيق نظام الشركة الرياضية، خصوصا في الجانب المتعلق باحترام عقود اللاعبين وكذا المدربين، بالإضافة إلى تراجع كبير في اخترام شروط دفتر التحملات.

عدد من الأندية المغربية لا تحترم معايير التنظيم المتعارف عليها وظروف عمل الصحافيين وغيرها من الشروط التي يتضمنها دفتر التحملات كتحسين وضعية الملاعب بدليل أن عدد من الملاعب اليوم في وضعية كارثية.

ومن المتعارف عليه أن الانتقال إلى شركة رياضية لن يتحقق بدون تسويق جيد للمنتوج الكروي، فالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم عجزت عن تسويق جيد لكرة القدم على صعيد الأندية عكس المنتخب الوطني، بحيث أن التلفزيون مازال يستفيد من حقوق نقل المباريات بموجب العقد القديم، الذي تركه المكتب الجامعي السابق الذي كان يرأسه علي الفاسي الفهري، كما أن عقود المحتضنين الرئيسيين مازالت كما كان عليها العهد سابقا، ومازالت أغرب الفرق تعتمد في تمويلها على المساعدات بنسبة تفوق 80 في المائة، الشيء الذي يستحيل معه تحويل الأندية إلى شركات رياضية، فخبراء التسويق في عالم كرة القدم يرون أنه عندما لا يقدر التلفزيون على تمويل 60 في المائة على الأقل من حاجيات الفرق، فلا يمكن الحديث بتاتا عن تسويق كروي وهو الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة.

الشركات الرياضية وعلاقتها بأداء الضريبة

عند تحويل الأندية المغربية إلى شركات رياضية، ستلتزم بأداء الضريبة كسائر الشركات العادية وبالتالي ستكون مطالبة بتأدية الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الأرباح ناهيك عن الاقتطاعات الأخرى المتعلقة بالتغطية الصحية والتقاعد والتأمين على اللاعبين وغيرها من الأمور الأخرى، فالقانون الضريبي المغربي حاليا لا يراعي ضمن مقتضياته الانتقال إلى شركات رياضية.

على ضوء هذه المعطيات، من الصعب تحويل الأندية المغربية إلى شركات رياضية لأن أرضية تطبيق مقتضيات قانون 30-09 هشة لا تصلح لإنجاح هذه التجربة.

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد