تأجيل زيارة ماكرون للمغرب يعيد جدل فتور العلاقات بين الرباط وباريس إلى الواجهة

أعاد قرار تأجيل الرئاسة الفرنسية لزيارة إيمانويل ماكرون للمغرب إلى أجل غير مسمى، جدل النقاش حول إمكانيات عودة الفتور في العلاقات بين المغرب وفرنسا.

وفي هذا السياق، قال مصطفى الطوسة الإعلامي و المحلل السياسي من باريس، في تصريح للمصدر ميديا، أن قرار تأجيل زيارة الرئيس الفرنسي للمغرب، يبقى قرارا مجهول الأسباب، وقرارا مرتبطا  بالأجندات السياسية للبلدين.

وأضاف الطوسة أن “هناك من يقول ان الخلافات الجوهرية حول عدة قضايا ذات طابع إقتصادي ربما قد تكون السبب في الدفع نحو تأجيل الزيارة”.

وأوضح  الإعلامي و المحلل السياسي، أنه ” لا احد يمكن ان يجزم بأن هناك نفور أو قطيعة أو وجود علاقات سيئة بين البلدين، والدليل على ذلك الزيارة التي قامت بها مؤخرا وزيرة الدفاع الفرنسية “فلورنس بارلي” والتي أكدت ضمنها هذه الأخيرة أن باريس تعول كثيرا على الرباط في إستراتيجياتها لمحاربة الإرهاب بالمنطقة”.

وأبرز ذات المتحدث أن ” هناك بعض الأوساط تعزو توتر العلاقات المغربية الفرنسية لأسباب مرتبطة بإجتماع “برلين”، والذي تعيب الرباط على باريس ضمنه بعدم فرض القوة الكافية لفرض المغرب كطرف أساسي في حل الأزمة الليبية، وهو ما يمكن أن يكون قد تسبب في غضب مغربي وعتاب لحليفه التاريخي”.

وحول قرار إعلان ماكرون تدابير لتشديد الرقابة على التمويل الأجنبي للمساجد، لإنهاء ترشيح الجزائر والمغرب وتركيا لـ300 إمام سنوياً لفرنسا، والانسحاب من نظام يمنح إذناً للحكومات الأجنبية للتحكم في دورات اللغة لـ80 ألف تلميذ يتعلمون اللغة العربية، والتركية واللغات الأخرى من بلدانهم الأصلية، شدد “الطوسة” على  أن “فرنسا وصلت إلى تفاهم ذكي مع المغرب والجزائر، وأن المشكل مطروح مع تركيا فقط على خلفية العلاقات المسمومة والمتشنجة بين ماكرون وأردوغان”.

وأفاد الإعلامي و المحلل السياسي على أن “الرباط وباريس تؤكدان بإستمرار على متانة وحيوية العلاقات الإستراتيجية بين البلدين”

وكان مجموعة من المتتبعين للعلاقات المغربية الفرنسية قد كشفوا، في وقت سابق، عن حدوث توثر في العلاقات بين البلدين خصوصا بعد حديث عن تفويت صفقة إنجاز الخط السككي الثاني للقطار فائق السرعة والذي سيربط بين مدينتي مراكش وأكادير لشركة صينية وهو ما أغضب السلطات الفرنسية، التي أعلن وزير اقتصادها، برونو لومير أن وزارته أحدثت لجنة يترأسها هيرفي غويو، من أجل دراسة إمكانيات وطرق إعادة مصانع مجموعتي “رونو” و” PSA” للإنتاج داخل البلد، بدل الاعتماد على بلدان أخرى.

وأكد لومير الذي كان يتحدث في لقاء مع مهنيي صناعة السيارات، وفق ما أورده موقع “BFM TV” بأن قيام المجموعتين الفرنسيتين بإنتاج السيارات خارج فرنسا ثم إعادة تصديرها إلى الوطن الأم، هو “نموذج تنموي فاشل”، “لا نريده بعد الآن”.

وإعتبر وزير الاقتصاد الفرنسي، أن نقل إنتاج سيارات الشركتين خارج البلاد تسببت في “تدمير الوظائف بفرنسا”.

وجاءت تصريحات “برونو” لتضع عددا من نقط الإستفهام حول مصير الشركتين خصوصا شركة “رونو المغرب” التي أكد مديرها العام مارك ناصيف، أنها حققت “إنتاجا تاريخيا” سنة 2018 من حيث الإنتاج الصناعي لوحدتيها سوماكا ( الدار البيضاء) و طنجة، مع مبيعات بلغت 75 الف و 418 سيارة ، وحصة سوقية قارت 5،42 في المائة.

ووسط الضجة التي اثيرت حول توثر العلاقات، ترأس رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، وفدا وزاريا للمشارك في الدورة الـ14 لاجتماع رفيع المستوى بين المغرب وفرنسا، الذي إحتضنته باريس يوم الخميس 19 دجنبر 2019، والذي أجرى رئيس الحكومة ضمنه مباحثات مع الوزير الأول الفرنسي، إدوارد فليب، كما أشراف الطرفان على التوقيع على عدد من الاتفاقيات بين قطاعات وزارية من البلدين.

وأكد البلدان في البيان الختامي المشترك لأشغال الدورة ال14 للاجتماع رفيع المستوى  أن الشراكة المغربية الفرنسية تستلهم قوتها من إرادة قائدي البلدين، الملك محمد السادس، والرئيس إيمانويل ماكرون، اللذين ما فتئا يؤكدان في كل مناسبة، رغبتهما المشتركة في الدفع بالشراكة الاستثنائية بين البلدين لمستوى التميز وتكريس مكانتها كنموذج مرجعي للشراكة على الصعيدين الأورو-إفريقي والأورو-متوسطي.

كما أشار البيان إلى أن الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي للمملكة المغربية، ستشكل لا محالة، محطة قوية لتخليد الصداقة الراسخة التي جمعت على الدوام فرنسا والمغرب، وكذا لتكريس مناخ الثقة والاحترام المتبادل الذي يطبع باستمرار علاقاتنا الثنائية وإعطائها دفعة جديدة، يحدوها طموح أكبر، في تناغم تام مع الرهانات الجهوية والدولية التي تواجه كلا البلدين على حد سواء.

وشدد الجانبان على أن أهمية هذا الاجتماع تتجلى في اتفاق المغرب وفرنسا بشأن مجموعة من الأولويات للمرحلة المقبلة، دعما للعلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة.

وكان مقررا زيارة ماكرون إلى المغرب شهر مارس، غير أنه تم تأجيلها إلى أجل غير مسمى، بحيث لم تستطع مصالح الرئاسة الفرنسية تحديد موعد آخر للمغرب من أجل ذلك.

ويرتقب المغرب زيارة ماكرون من أجل حشد دعم دولته لدى الاتحاد الأوربي الذي منح مهلة للمملكة من أجل الخروج من المنطقة الرمادية في لائحة الدول التي تعد ملاذات ضريبية (Paradis Fiscaux)، في المقابل يراهن إيمانويل ماكرون، على زيارته إلى المغرب من أجل الحرص على حصول فرنسا على عقود مستقبلية تتعلق بتمديد خط القطار الفائق السرعة (LGV) وذلك لفائدتي الشركتين الفرنسيتين (Alstom) و(Colas Rail).

وتأتي الزيارة المرتقبة لإيمانويل ماكرون عقب زيارة قام بها الرئيس الفرنسي شهر نونبر 2018، حينما أشرف على الانطلاقة الفعلية لقطارالسريعي”تي جي في”، الذي يربط بين طنجة والدار البيضاء رفقة الملك محمد السادس.

وعقب انتخابه سنة 2017 خص الرئيس الفرنسي المغرب بأولى أسفاره إلى شمال إفريقيا حيث حل في زيارة سريعة إلى الرباط رفقة عقيلته بريجيت ماكرون.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد