أكد ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، من تيويورك، يوم امس 26 شتنبر 2018، أن المملكة المغربية ستظل من موقع المتشبث بميثاق الأمم المتحدة والمدافع عن مبادئ حركة دول عدم الانحياز، وفية لالتزاماتها في مواصلة مجهوداتها السلمية والتضامنية مع أشقائها من أعضاء الحركة…”.
وشدد بوريطة في كلمة له أمام الاجتماع الوزاري لحركة عدم الانحياز على هامش الدورة 73 للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، التي تنظم تحث عنوان “التمسك بميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حركة عدم الانحياز: الطريق نحو ثقافة السلم”، أن المملكة المغربية ستظل من ” موقع المتشبث بميثاق الأمم المتحدة والمدافع عن مبادئ حركة دول عدم الانحياز، وفية لالتزاماتها في مواصلة مجهوداتها السلمية والتضامنية مع أشقائها من أعضاء الحركة، كما ستظل مقتنعة بأن تحقيق أهدافنا وطموحاتنا المشتركة، رهين بتعزيز دور حركتنا، من خلال إسهام اعضائها الفاعل في رفع التحديات التي تواجه مسعانا إلى عالم يكون أكثر سلما وتوازنا، وإنصافا وإنسانية، بما يكفل ويضمن لشعوبنا حياة كريمة أكثر سلما وعدلا ومبعثا للأمل في مستقبل أفضل لأجيالنا الصاعدة”.
واضاف وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ” ان الاختيار الوجيه لموضوع: “التمسك بميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حركة عدم الانحياز: الطريق نحو ثقافة السلام” ليؤكد من جديد على مدى مركزية الحفاظ على السلم والأمن الدوليين ضمن اهتمامات حركة دول عدم الانحياز. ولا شك في أن مصدر مركزية هذا الاهتمام لدى حركتنا، يعود بالأساس الى دورها المتنامي عبر مسارها التاريخي في هذا المجال، و يعود كذلك إلى مراهنة أعضاءها على إشاعة ثقافة السلم، وذلك من خلال دعم دور الأمم المتحدة و الحرص على احترام ميثاقها ، انطلاقا من تشبتهم بمبادئ الاستقلال الوطني، واحترام السيادة والوحدة الترابية، والسلامة الإقليمية للدول، ومناهضة التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ورفض استعمال القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية.
واوضح بوريطة، ولا شك في أن اهتمام حركتنا بمسألة التمسك عن ميثاق الأمم المتحدة يعود الى راهنية هذا الموضوع، كما يعود إلى تماهيه مع فلسفة مبادئ باندونغ التاريخية المؤسسة لمقومات السياسة الخارجية لأعضائها. تلكم المبادئ التي كانت ولاتزال تشكل ركائز معالجة حركتنا، متضامنين، للتهديدات المعيقة لاستتباب كل من السلم والامن الدوليين. تلكم التهديدات المتمثلة في القضايا السياسية الدولية وفي الأزمات الاقتصادية العالمية، بالإضافة الى انتشار أسلحة الدمار الشامل.
وتابع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ويزيد من راهنية هذا الموضوع ومدى أهميته ان النظام المتعدد الأطراف الذي أرست أسسه منظمة الأمم المتحدة منذ نشأتها سنة 1945، لحل الأزمات الدولية، أصبح بدوره، مع الأسف الشديد، يعاني من اهتزازات تمس جوهر هذا النظام الجماعي وتتعارض مع روحه ومقاصده، مما يهدد بنسف أسسه وهدم كل البنيات التي وضعت من أجل تفعيله.
و أوضح بوريطة، لقد أظهرت هذه الاهتزازات التي يعرفها التوجه العالمي الحالي حول النظام المتعدد الأطراف عن مدى صواب اختيارات حركتنا فيما يتعلق بالانتصار لثقافة السلم والحوار والمفاوضات لتحقيق ما تصبو اليه شعوبنا وشعوب العالم من آمال في مستقبل أفضل في إطار من التعايش السلمي واستتباب للأمن الدوليين. فهل يمكننا اليوم القول باننا قد توصلنا ضمن محاولة حركتنا التكيف مع القضايا الأمنية والسلمية السياسية الدولية الراهنة، والتحديات الشمولية المرافقة لها، الى تحقيق ما نصبو اليه كأعضاء لجعل دول عدم الانحياز قوة دولية كفيلة بالإسهام الفعال في اشعاع ثقافة السلم، خدمة لشعوبنا وللبشرية جمعاء؟
وأضاف وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، إن الجواب عن هذه التساؤلات يكمن في تداولنا اليوم لهذا الموضوع، كما انه يكمن في ثنايا وثائقنا الختامية التي تبرز حجم جهودنا المبذولة، وتعكس أكثر ما تعكس مدى تمسكنا متضامنين بميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حركتنا وإيماننا بدورهما الفعال من اجل السير على الطريق الصحيح نحو توافق سلمي حول القضايا الدولية الشائكة التي نعاجها خلال اجتماعاتنا.
وأيرز بوريطة، غير انه ورغم ما حققته حركتنا في هذا المجال من اجتهادات، فإنها مدعوة الى بذل المزيد من المجهودات، و إبداء المزيد من المقترحات لسد الثغرات في نظامنا المتعدد الأطراف، تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة، التي ستظل في وجهة نظر المملكة المغربية الأداة التي لا محيد عنها لتطويق قضايانا الأمنية، ومواجهة تحدياتنا المعاصرة، فضلا على انها الأمل الواعد ونقطة الضوء الوحيدة التي تتطلع من خلالهما دول وشعوب المنتظم الدولي إلى مستقبل مشترك أفضل.
وأكد الوزير، ” ان حركتنا مدعوة الى التكيف مع مختلف اشكال التطورات السياسية الدولية السريعة، ومواكبة آليات فض النزاعات وتقنيات الوساطة ودعم مساعي عمليات السلام، ومناهج ووسائل توفير شروط نجاحها…”.
” وسيظل تكثيف التنسيق في هذا المجال فيما بين أعضاء حركتنا، عبر تبادل الممارسات الفضلى، هو السبيل الناجع لتقوية مجهوداتنا نحو رفع هذا التحدي.
التزاما بمبادئ واهداف حركتنا فإن المملكة المغربية لم تذخر أي جهد، في إطار من التضامن، من اجل اشعاع ثقافة السلم واستتباب الأمن الدوليين وذلك من خلال أدوارها ومواقفها السياسة الداعمة لإيجاد حلول للنزاعات الدولية ومحاولة التوفيق بين أطرافها، عبر التوصل الى تسوية عادلة وسلم شامل من خلال التقيد بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة”، بضيف الوزير.
” كما يعد الانخراط المستمر للمملكة المغربية في عمليات حفظ السلام، والمكانة الهامة التي يوليها لها ضمن سياسته الخارجية والدولية، أحد أوجه مساهمته في المجهودات الدولية للحفاظ على السلام وتشجيع الاستقرار، بناء على أهداف وتوجهات الأمم المتحدة ذات الصلة، ووفقا للمبادئ المسطرة في ديباجة دستور المملكة، وخاصة منها تلك التي تدعو الى احترام الوحدة الترابية للدول، علما بأن المغرب حريص على ان تكون مشاركته في عمليات حفظ السلام مشاركة ذات منحى وبُعد إنساني. وفي هذا الاطار يتشرف المغرب بمهمة تنسيق مجموعة عمل حركة عدم الانحياز المتعلقة بحفظ السلام ويثمن بهذه المناسبة انخراط ودعم كل الدول الأعضاء في عمل هذه المجموعة التي أصبحت تشكل اليوم مرجعية لا محيد عنها في كت النقاشات والمفاوضات المرتبطة بحفظ السلام”، حسب ما شدد بوريطة.
” وبحكم انتمائه المسؤول الى مؤسسته القارية الافريقية، فقد وضع المغرب تعزيز السلم في القارة الافريقية في صلب سياسته الخارجية، وذلك تجسيدا لالتزاماته مع أشقائه الأفارقة، وفق قرارات الأمم المتحدة ومبادئ وأهداف حركتنا، من خلال الإعانة على إيجاد حلول شاملة وواقعية لقضايا السلم والأمن لقارتنا.
وما انتخاب المغرب لعضوية مجلس الامن السلم للاتحاد الافريقي إلّا عربون على مدى الثقة التي وضعها فيه اشقاءه على ما اكتسبه من خبرات تحظى بالاعتراف والتقدير على الصعيدين الإفريقي والدولي.
اما على مستوى الالتزامات العربية والإسلامية للمملكة المغربية فإن الدفاع عن القضية الفلسطينية يأتي على رأس الجهود التي ما فتأ يبذلها ملك المغرب، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بصفته رئيسا للجنة القدس، لأجل المحافظة على الوضع القانوني لمدينة القدس الشريف، وصيانة رموزها الدينية المقدسة، والدفاع عن هويتها الروحية والحضارية، كفضاء للتسامح والتعايش بين الديانات السماوية، وفاءا من جلالته ومواصلة لمجهودات المملكة من أجل نصرة القضية الفلسطينية العادلة، و حرصا من جلالته “على استتباب سلام عادل وشامل في المنطقة، وفقا لمبادئ الشرعية وللقرارات الدولية ذات الصلة”، وهو ما “يقتضي تفادي كل ما من شأنه تأجيج مشاعر الغبن والإحباط التي تغذي التطرف والإرهاب، والمساس بالاستقرار الهش في المنطقة، وإضعاف الأمل في مفاوضات مُجدية لتحقيق رؤية المجتمع الدولي حول حل الدولتين”.