بأي حال أصبحت يا بلد ؟

اغتصاب الأطفال ، زنا المحارم، الانتحار ……..

وأنا صبية الهو مع صديقاتي في ساحة حينا والنساء واقفات بإحدى زواياه يتبادلن أطراف الحديث جاءتهن أحدى الجارات مهرولة لتنقل إليهن خبرا عاجلا مفاده أن أحد الرجال في الحي المجاور مات معلقا بحبل في فناء بيته ! وبحكم صغر السن سمعنا الخبر ولكن لم نستوعب حقيقته إلا بعد فترة من الزمن حيث فهمنا أن ما قام به الرجل هو عملية انتحار وأن ذلك ربما راجع لتدهور كبير في حالته النفسية وأنه ربما كان يمر من حالة اكتئاب مزمنة لم ينفع معها علاج، أتذكر تفاصيل هذه القصة إلى يومنا هذا لسبب وجيه وهو أنها كانت حالة شاذة في وقتها فالإقدام على الانتحار كان شيء جد نادر بالمقارنة مع ما أصبح عليه الان.

فما الذي تغيير حتى أصبحت الظاهرة تتكرر بوتيرة أكبر في الفترة الأخيرة خصوصا وإن أضفنا إليه ظواهر أخرى أكثر شذوذا وذات مفاعيل تدميرية على نسيج المجتمع كاغتصاب الأطفال وزنا المحارم ؟

مما لا شك فيه أن المجتمع المغربي يمر بفترة غير طبيعية من تاريخه المعاصر حيث رحلة البحث عن الهوية لازالت مستمرة والاستقرار الاجتماعي والثقافي معالمه لا زالت لم تتضح وإذا أنضاف إلى ذلك كله إكراهات الحياة المعاصرة من أوضاع اقتصادية التي ليست دائما بالمثالية نجد أن بعض المواطنين يفقدون اتزانهم العاطفي والوجداني فيقدمون على أعمال مضرة بذواتهم من قبيل الانتحار، ومن جهة ثانية يقوم بعض المنفلتون من عقالهم والمتجردون من إنسانيتهم باستغلال الثغرات السائدة في المجتمع للقيام بجرائم خسيسة مثل اغتصاب الأطفال أو ارتكاب رذيلة زنا المحارم.

قد لا يختلف اثنان على توصيف مثل هاته الظواهر المشينة وبداية تفشيها بشكل غير مقبول في المجتمع لكن في اعتقادي الأهم هو وضع الأصبع على مكمن الخلل ووضع خطة عاجلة لوقف النزيف .

وفي تقديري كل شيء يبدأ بالتربية المتزنة والتي ترافقها توعية مناسبة يتم فيها فتح أبواب النقاش مع النشئ في جميع المواضيع الحساسة بلا طابوهات ولا حدود وبطبيعة الحال مع مراعاة سنهم واختيار الأسلوب الأمثل الذي يحقق لهم التحصين وفي نفس الوقت يحترم الأسس الثقافية للمجتمع كالتربية الجنسية من طرف الوالدين في البيت حيث يستوعب الطفل والطفلة أن لهم ذات وأنها ملك لهم وحدهم وأن المسؤول الوحيد عن الاعتداءات الجنسية هو المعتدي (لأن الكثير من الأطفال المعتدى عليهم أو الذين يتعرضون للتحرش الجنسي قد يعتبرون الأمر عادي أو قد يخافون من الحديث في الأمر).

وعلى مستوى آخر يتوجب على المشرع والسلطة التنفيذية أن يتحملوا مسؤوليتهم اتجاه هذه الحالات حيث العقوبات يجب أن تكون رادعة لمثل هؤلاء (كالإعدام لمغتصبي الأطفال أو الإخصاء الكيميائي لهم) كما هو مطبق في بعض البلدان حيث أصبحت الإحصائيات تشير الى تدني ملحوظ في نسبة الاعتداءات الجنسية وممكن أيضا أن يتم وضع سجل وطني للمعتدين الجنسيين يكون مفتوحا للجميع للإطلاع عليه قبل الموافقة على قبول شخص ليسكن في نفس العمارة أو الحي ( المثال المطبق في أمريكا).

الدولة أيضا مطالبة بوضع استراتيجية للحد من ظاهرة الانتحار عبر توفير مراكز خاصة لاستقبال الأشخاص الذين يحتاجون لمساعدة لتجاوز مشاكلهم النفسية الصعبة والتي قد تؤدي بهم لاتخاذ القرار الخطأ وقتل النفس.

هاته أوراش يجب الاشتغال عليها بجدية لأنها لا تقل أهمية عن أوراش إعداد البنية التحتية للبلد لأنه لا فائدة من اصلاح حال الأرض والشعب حاله سيء.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد