اليوم الوطني للمرأة المغربية: كورونا عمقت جراح المعاناة والتمكين الاقتصادي وإصلاح المنظومة القانونية هما الحل لتحقيق الاندماج الشامل

يوم 10 أكتوبر من كل سنة، مناسبة خاصة عند المرأة المغربية وهي تحتفل بيومها الوطني الذي يعد موعدا متجددا لاستحضار وتثمين الإنجازات والتقدم الذي تم تحقيقه في مجال النهوض بحقوق المرأة، والوقوف على التحديات التي لا تزال تواجه جهود تمكين المرأة من حقوقها وتحقيق اندماجها الكامل في المجتمع.

هذه المناسبة الخاصة، تحل هذه السنة في ظروف استثنائية فرضتها أزمة تفشي وباء فيروس “كورونا” المستجد (كوفيد 19) في المغرب على غرار باقي دول العالم وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية وغيرها والتي كان لها أثر مباشر على جميع أفراد المجتمع خاصة المرأة المغربية.

محنة النساء في الحجر الصحي

وفق تقرير لرابطة حقوق النساء، فإن الأخير رصد أشكال العنف الذي تعرضت له النساء المغربيات خلال فترة الحجر الصحي، حيث يبقى العنف النفسي هو المتصدر ويظل الأزواج هم أكثر المعنفين.

التقرير قدم الإحصائيات المرتبطة بظاهرة العنف ضد النساء والفتيات في الحجر الصحي، وذلك خلال الفترة الممتدة بين 16 مارس إلى غاية 10 يوليوز الماضيين، حيث أن ظروف الحجر جعلت كل مكونات العائلة من رجال ونساء يقتسمون الفضاء نفسه طيلة ساعات اليوم وعلى مدار أيام الأسبوع، وبالتالي أصبحت المرأة تعيش باستمرار أشكالا من العنف والاضطهاد.

فيدرالية رابطة حقوق النساء، سجلت ما مجموعه 2543 فعل عنف مورس على النساء والفتيات بمختلف أنواعه وتجلياته خلال الفترة ذاتها، حيث شكل العنف النفسي أعلى نسبة بمعدل 49.4 في المائة وشكل العنف الاقتصادي والاجتماعي نسبة 26.1 في المائة والعنف الجسدي 15.5 في المائة والعنف القانوني 4.7 في المائة والجنسي 3.8 في المائة والإلكتروني 0.5 في المائة.

التقرير نفسه سجل “سيادة الفكر الذكوري، حيث إن الضغوط الاقتصادية والنفسية تزامنت مع الحجر الصحي وجعلت الرجال يصبون غضبهم وعنفهم على النساء والفتيات الحلقة الأضعف داخل الأسر”، كما أن “فقدان العديد من النساء والفتيات المعيلات للأسر لمورد رزقهن، خاصة العاملات في القطاع غير المهيكل، جعل عنف الأزواج وباقي أفراد العائلة يتضاعف عليهن لعدم قدرتهن على الاستمرار في الإنفاق والاستجابة لطلبات المعنفين المادية التي لا تنتهي، خاصة منهم المدمنين على المخدرات والكحول”.

العنف الزوجي، بدوره، تؤكد الفيدرالية سجل أعلى النسب خلال فترة الحجر الصحي، حيث بلغ 84.4 في المائة، بما فيه عنف الطليق كاستمرار للعنف الزوجي، على الرغم من أن العلاقة منتهية.

إن ارتفاع نسبة العنف الزوجي خلال الحجر الصحي، توضح الفيدرالية، يطرح تحديات عديدة مرتبطة من جهة بقانون مناهضة العنف 103-13 والتدابير التي يحتوي عليها من أجل حماية الضحايا ووقايتهن من عنف يلازمهن في فضاء من المفترض أن تنعم فيه النساء بالأمن والأمان، بحيث إن هذا القانون يبقى قاصرا فيها يخص حماية النساء أو حتى من حيث تجريم بعض أفعال العنف التي تعاني منها النساء في صمت، ونخص بالذكر هنا الاعتداءات الجنسية ضد الزوجات وخاصة الاغتصاب.

تهميش اقتصادي 

على الرغم من تسخير المرأة المغربية لكافة جهودها وطاقاتها ونجاحاتها في تحقيق مكتسبات عديدة، ما زالت تعمل جاهدة من أجل ضمان المشاركة في النهوض بالتنمية في المغرب. 

والحديث عن التمكين الاقتصادي للمرأة، غير مرتبط فقط بإيجاد فرص الشغل، بل التحرر أيضا من العجز والتبعية الاقتصادية، وذلك من أجل تحقيق أجرة كريمة باعتبارها عاملة في مجال معين وتتمتع بظروف الاستقرار المادي والنفسي، والذي يبقى رهين بحجم الفرص الاقتصادية الممكنة ومرتبط كذلك بمستوى التكوين والتعليم الذي نالته المرأة المغربية.

ولتحقيق ذلك على أرض الواقع، وتفعيل مشاركة المرأة المغربية في التنمية الاقتصادية، يجب توفير الموارد المالية والبنية التحتية الأساسية للحد من بطالة المرأة، بالإضافة إلى توسيع الفرص الاقتصادية من أجل القضاء على ظاهرة الفقر في صفوف النساء. 

إن غياب التمكين الاقتصادي للمرأة، لا يؤثر فقط على وضعيتهن الاجتماعية والاقتصادية الفردية، بل يصل مداه إلى نسبة كبيرة من الأسر، حيث أفادت المعطيات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، أن نسبة الفقر في صفوف الأسر التي ترأسها نساء تبلغ 12.5 في المئة، في حين تصل نسبة البطالة في صفوف النساء إلى 53 في المئة.

الحكومة تقدم الحلول 

اللجنة الوزارية للمساواة داخل البرلمان، صادقت بتاريخ 14 يوليز الماضي، برئاسة سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، على “البرنامج الوطني المندمج للتمكين الاقتصادي للنساء في أفق 2030″، والذي يروم تحقيق ثلاثة محاور استراتيجية ذات أولويات رئيسية تتمثل في الولوج إلى الفرص الاقتصادية، والتربية والتكوين بمضاعفة نسبة خريجات التكوين المهني لتصل إلى 8 في المئة، وتوفير بيئة ملائمة للتمكين الاقتصادي للنساء.

العثماني أكد أن هذا البرنامج “سيعزز فرص الولوج المتساوي للعمل اللائق، وفرص الولوج والارتقاء المهني، من خلال التربية والتكوين وتأهيل البيئة الملائمة الآمنة والمستدامة للتمكين الاقتصادي للنساء”.

كما أفادت جميلة المصلي، وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، أنها وضعت محور التمكين الاقتصادي للنساء ضمن قائمة أولوياتها والتزاماتها المندرجة في الخطة الحكومية للمساواة “إكرام 2″، كما تحرص على تفعيل مضامين البرنامج الحكومي (2017 – 2021) الذي أكد على تقوية الإدماج الاقتصادي للمرأة والتمكين لها في الحقل التنموي.

هشاشة وضع المرأة المغربية في زمن الجائحة

في تعليقها على وضعية المرأة المغربية في زمن “كورونا”، أكدت ليلى أميلي، رئيسة جمعية جسور أن جائحة “كورونا” أبانت عن “الهشاشة التي تعيش فيها المرأة المغربية خصوصا النساء المعيلات للأسر”.

أميلي، أبرزت  في تصريحها لـ “المصدر ميديا” أن الواقع الحالي المعاش يثبت أن الحكومة مازالت بعيدة عن ما ورد من مقتضيات في دستور 2011 والاتفاقيات الدولية بالإضافة إلى المطالب التي نادت بها مجموعة من الجمعيات والحركات النسائية”.

رئيسة جمعية جسور، دعت “إلى ضرورة التفكير الجدي بعد كورونا في دراسة حقيقية وواقعية لما يمكن أن نقدمه للنساء المغربيات من أجل تمكين اقتصادي حقيقي”.

وشددت نفس المتحدثة على ضرورة تجويد قانون العنف ضد النساء وملائمته مع ما تعيشه المرأة على أرض الواقع بشكل يومي، مطالبة بضرورة خروج هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز إلى الوجود بعد ثلاثة سنوات من المصادقة عليها، بهدف تعزيز قيم المساواة والمناصفة وعدم التمييز وتكريسها وإشعاعها، والاضطلاع بدور مؤسسي كقوة اقتراحية من أجل النهوض بمبادئ المساواة والمناصفة والتمكين الحقيقي للمرأة.

بشرى عبده : الحكومة مطالبة بإنشاء صناديق دعم قارة لفائدة النساء في وضعية هشاشة وإصلاح المنظومة القانونية  

عاشت المرأة المغربية في زمن “كورونا” بين العنف الزوجي والعنف والاقتصادي، هكذا علقت بشرى عبده، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، على وضعية النساء في هذا الظرف الاستثنائي.

بشرى، أكدت في تصريح لـ “المصدر ميديا” أن اليوم الوطني للمرأة المغربية مناسبة للتأكيد على تعزيز حقوق النساء في المجتمع واهتمام الحكومة المغربية بالنساء في وضعية الهشاشة والقضاء على الفقر والإقصاء الاقتصادي.

وقالت بشرى عبده: “حان الوقت اليوم أن تنتبه الحكومة لهذه الفئة من النساء عن طريق إنشاء صناديق دعم قارة وغير موسمية من أجل المساعدة المرأة المغربية التي تعيش تحت وطأة الفقر والهشاشة، والاهتمام أيضا بعاملات البيوت وفق القانون رقم 12.19 وذلك من أجل نيل حقوقهن وخاصة ضمان توفير التغطية الاجتماعية لهذه الفئة”.

وشددت نفس المتحدثة على أن آن الأوان لتعديل بعض مقتضيات قانون الأسرة لجعلها أكثر ملائمة مع التطورات الحاصلة في المجتمع بالإضافة إلى تجويد القانون رقم 103.13 الخاص بالعنف ضد النساء وإصلاح بعض الثغرات التي وجب أن تأخذ بعين الاعتبار. 

نبيلة جلال: العنف ضد النساء يعطل قطار التنمية في المغرب وإصدار قانون إطار خاص بإمكانه الحد من الظاهرة

القانون 103.13 الخاص بمناهضة العنف ضد النساء، وفق نبيلة جلال، رئيسة فرع فدرالية رابطة حقوق النساء بالمحمدية، والمحامية بهيئة المحامين بالدار البيضاء، لا يمكنه أن يغير الظاهرة بالنظر إلى الثقافة السائدة في المجتمع”.

نبيلة أفادت في تصريحها لـ “المصدر ميديا” أن القانون 103.13 “غير كامل بل نراه فقط تعديلات لبعض فصول القانون الجنائي التي جرمت بعض الممارسات مثل: الطرد من بيت الزوجية، والامتناع عن الرجوع لبيت الزوجية، التحرش الجنسي في الفضاءات العامة، والتحرش عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما جاء ذات القانون بمجموعة من التعاريف الخاصة بالعنف النفسي، والجنسي والجسدي والاقتصادي”.

وأضافت نفس المتحدثة أن العنف ضد النساء يعطل قطار التنمية بالمغرب لأن أكثر من 51 في المائة من النساء اليوم معنفات، وبالتالي رغم بعض الإيجابيات التي جاء به القانون رقم 103.13، إلا أنه يبقى لا يستجيب لتطلعات الحركة النسائية بالمغرب”، مطالبة بضرورة إصدار قانون إطار خاص وشامل ليكون متماشيا مع ما تعيشه المرأة في المجتمع.

وتحدثت الفاعلة الحقوقية أن “جائحة كورونا عرت على الواقع المعاش وعن الوضع الاقتصادي المتدني لشريحة مهمة من النساء بالإضافة إلى المنظومة القاصرة على استيعاب مجموعة من القضايا التي يمكن التبليغ عنها إلكترونيا في ظل الحديث عن رقمنه القضاء، وتواضع المؤسسات في التعاطي مع هذه النوعية من القضايا”.

 

 

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد