الوزير العاق

“الحسد بلا منفعة لأن صاحبه في طريق بحثه عن ما يؤذي به الآخرين  يفقد طريقه الى ما يصلح به حاله” (الفيلسوف اليوناني ديموكريطوس)، لم يكن الوزير الجزائري للشؤون الخارجية عبد القادر المساهل وهو يكيل الشتائم والتهم للمغرب يدرك أنه يسيء لحقيبته ولبلده وقبل كل هذا للغالبية العظمى من دول ماما أفريقيا الذين قرروا الانخراط في شراكات تنموية إستراتيجية مع المملكة المغربية .

الرجل وفي عنترة إعلامية غير مسبوقة قرر أن يخرج عن جميع الأعراف والتقاليد الدبلوماسية ويتهجم على جيرانه العرب الشمال أفريقيون ابتداء من مصر الذي وصفها بالدولة الفاشلة اقتصاديا والتهكم على ليبيا والانتقاص من قدر تونس وصولا الى قمة الإساءة والاعتداء اللفضي حيث حاول التزييف من حقيقة الوجود المغربي المتميز في القارة الأفريقية عبر بوابة الاقتصاد والتعاون المشترك بينه وبين دول قارتنا الأم أفريقيا باعتباره تبييضا لأموال الحشيش المغربي (هذا اذا كان في المغرب حشيشا )في القارة السمراء وأن كبريات الشركات المغربية ذات السمعة الطيبة أفريقيا كشركة الطيران المغربي الوطني تنخرط في عمليات تهريب مشبوهة.

هاته الصورة الكاريكاتورية التي صور بها الوزير الجزائري النجاحات المبهرة التي حققتها المملكة في السنوات القليلة الأخيرة ربما تكون صادمة للوهلة الأولى للشعب المغربي وللمسؤولين هنا ولكن بعد انقشاع التأثير الأولي المباشر لتصريحات ذلك الرجل وبعدما نجلس ونحلل الخطاب بهدوء وعقلانية لنفهم دوافعه ومدلولاته، ربما تتحول الصدمة الى نوع من الراحة النفسية وربما الاعتداد بوضعية البلاد التي لا تقارن بالوضعية التعيسة للجارة، موطن الوزير السالف الذكر.

عبد القادر المساهل يمثل نظام جزائري متهالك سياسيا ومخنوق اقتصاديا ومهتز اجتماعيا ، فرأس النظام السياسي المفترض صورة بلا روح (اللهم لا شماتة) والصراع بين أخيه سعيد بوتفليقة ومنافسيه في الحكم على أشده والضربات فوق الحزام أصبحت أكثر حضورا في تقارير الصحافة الغربية ذات المصداقية
اقتصاديا، ذلك البلد الذي لا يتمتع بأي أسس لاقتصاد حقيقي كصناعة عصرية أو فلاحة منتجة أو تجارة قوية فقد الامتياز الذي كانت تعطيه إياه أثمنه المحروقات المرتفعة بحيث انخفض ثمن البرميل الخام الى ما دون الخمسين دولار بعدما كان يتجاوز بكثير سقف المائة دولار على امتداد السنوات القليلة الأخيرة.

على مستوى أخر يعرف المجتمع الجزائري انقساما عموديا وأفقيا ، أفقيا بين المكون العربي والأمازيغي حيث سكان القبايل لا يخفون حنقهم على السلطات الذي تعتبرهم مواطنين من درجة متدنية وحقوقهم الثقافية والاقتصادية مهضومة وخير دليل على ذلك الإضطرابات المتكررة التي تعرفها تلك المناطق وعموديا الفوارق الطبقية الحادة تندر بما لا تحمد عقباه في ذلك البلد حيث الأقلية المرضي عنها من طرف النظام تحوز أغلب الامتيازات وباقي الشعب يعاني في صمت وربما عما قريب لن يبقى على ذلك الحال.

كما لاحظنا معا فالوزير الجزائري نهج سياسة كلاسيكية مقصودة بمهاجمة الأشقاء ومحاولة خلق آزمة وهمية معهم لتوجيه أنظار الشعب الجزائري المسكين نحو خصم خارجي مزعوم للتغطية على فشل نظام بلاده في تحقيق أي شيء في كل شيء، وإن كان هذا الهدف مقصود وأهدافه مدروسة فما لم يفطن له كبير دبلوماسيي الجارة الشرقية هو أنه باتهاماته السخيفة تلك أساء من حيث لا يدري الى كل الدول الأفريقية التي انخرطت مع المغرب في هذا المسلسل التنموي الأفريقي الرائد واعتبرتها كلها سماسرة وتجار مخدرات وكأن أُمَّنا المشتركة نحن والجزائر وسائر دول القارة الأفريقية الآخرين أصبحت مجرد وكر للاتجار في المخدرات وليست قارة كبيرة بإمكانياتها وبرجالاتها فبأس الوزير الولد العاق.

قد يعجبك ايضا
تعليق 1
  1. المخرج محمد جلال اباظة يقول

    اُسلوب راقي ومتميز للأستاذة حجببة يعبر عن فكر يحترم العقل وبلغة عربية عذبة تميل الي الحرية في إطلاق الكلمات
    فتحية تقدير
    المخرج / محمد جلال اباظة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد