“الهيدورة”: موروث تقليدي مغربي يحتضر

العديد من العادات التقليدية المرتبطة بعيد الأضحى المبارك باتت في طريقها للزوال، بعدما كانت لا تغيب عن البيوت المغربية، حيث تخلت عدد من الأسر في السنوات الأخيرة على الكثير من التقاليد المرتبطة بهذه المناسبة العظيمة، من أهمها رمي “هيدورة” الكبش التي كانت تعد في يوم من الأيام من بين الأشياء الثمينة التي تحتفظ بها الأمهات والجدات لما لها من دلالات عميقة في الهوية الثقافية والتراثية للمغاربة، ويحرص عليها الشخص حتى لا تتعرض إلى أي تمزيق وتقطيع أثناء عملية سلخ الأضحية من أجل الحفاظ عليها لاستعمالات عديدة، كافتراشها في المنزل، أو صنع “التعريجة أو الطبل”، في حين يتم استعمال ” الصوفة ” لصنع الخيط أو الأفرشة أو الملابس وماشبه ذلك.

أصبح المتجول اليوم في الأزقة وشوارع المدن خلال أيام عيد الأضحى المبارك بعد عملية ذبح الأضاحي، يلاحظ عددا كبيرا من جلود الكباش أو ما تسمى عند عامة الناس ب”الهيدورة” أو “البطانة”، قد تم التخلص منها في القمامات أو تم وضعها على بعض أسوار جنبات الحي وذلك لأن جيل اليوم من المغربيات لم يعدن قادرين على الاحتفاظ بهذا الجزء المهم من الأضحية وتخلين عنه نهائيا لأسباب متعددة.

الرائحة الكريهة 

تقول السيدة “ح.أ” ربة بيت أنها لا تحب الاحتفاظ ب”الهيدورة” في بيتها بسبب رائحتها الكريهة التي لا تتحملها، وتتخلص منها مباشرة مع باقي النفايات بعد الانتهاء من عملية الذبح مباشرة، لأن غسل جلد الخروف والعناية به حتى يصبح جاهزا للاستعمال يتطلب مجهودا كبيرا، وتضيف أن “عملية غسل الدوارة والأمعاء تقوم بها بصعوبة بالغة وباشمئزاز كبير ولا تستطيع تحمل رائحة الهيدورة بتاتا”.

أمراض التنفس والحساسية 

تحكي السيدة “نادية” أنها لا تحتفظ ب”الهيدورة” بسبب مرضها بضيق في التنفس وتعاني من حساسية “الصوف” حيث أنها بمجرد ملامستها للصوف تنتابها نوبة من العطس والحكة على مستوى الأنف الشيء الذي يجعلها تتفادى الصوف بجميع أنواعه، ولذلك فهي تقدمها لأحد جيرانها إن طلب منها ذلك أو لأحد المارة الذين يجمعون “البطاين” عشية العيد أو في اليوم الموالي، وترى أن نساء اليوم أصبحن يعشقن الصالونات العصرية والأفرشة التركية وتبقى “الهيدورة” بالنسبة لهن موضة قديمة ومن الأثاث البالي الذي أكل الدهر عليه وشرب.

تطور الأفرشة سبب التخلي عن “الهيدورة” 

التطور الكبير الذي عرفته الأفرشة في السنوات الأخيرة والتي اكتسحت أسواق المغرب، أصبح يلبي طلب العائلة المغربية في كل ما تحتاجه من أغطية وأفرشة البيت كما أنها أصبحت توفر كل ما هو صحي لكل الأفراد، جعل الأغلبية يتخلى عن “الهيدورة” كتحفة تقليدية اندثرت من البيوت وفي طريقها للانقراض.

تجارة موسمية 

تخلي العديد من الأسر المغربية في السنوات الأخيرة عن جلود الأضاحي، دفع عددا من الأشخاص إلى أن تكون مصدر رزق لهم حيث تخصصوا في هذا النوع من النشاط الموسمي ليدر عليهم ربحا إذ يقوم بشرائها مقابل درهمين أو أقل ويقوم ببيعها بثمن يتراوح بين 5 دراهم إلى 10 دراهم، ويكون المدخول كثيرا كلما كان جلد “الهيدورة” نظيفا وغير ممزق ويحتوي على الصوفة بكثرة.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد