النظام الجزائري ومحاولة “شيطنة المغرب” لتصدير الأزمة الداخلية

ربما لا يختلف إثنان على ان الجارة الشرقية، الجزائر، تعيش أزمة داخلية حقيقية يعبر عن أكبر تجلياتها الغضب الإجتماعي المتواصل الذي أخرج أبناء بلد المليون شهيد في إحتجاجات متواصلة رافضة لواقع إرتفاع نسبة البطالة والفقر ونقص المواد الغذائية الأساسية والأسعار في ظل أزمة اقتصادية حقيقية تعيشها البلاد بسبب انخفاض سعر النفط وتفاقمه مع جائحة كورونا.

حقيقة أزمة يبدو أن النظام الجزائري يبحث اليوم ضمنها بكل الطرق صرف نظر الجزائرين عنها من خلال محاولة تصديرها خارجيا عبر صناعة “بروبكاندا در الرماد على العيون” وصناعة “العداء المجاني”، وفي هذا السياق يؤكد أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، عبد الفتاح بلعمشي، أن هناك إشكالات كبرى تزيد من تعقيد العلاقات المغربية الجزائرية، خصوصا أمام عدم اقتناع النظام الجزائري بأن التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب على حساب قضايا الداخل الجزائري لن يؤدي إلى أي نتائج تذكر، وأمام التطورات الهائلة في ملف الصحراء من الناحية السياسية والقانونية، والتراجع الكبير للجزائر على مستوى الاتحاد الإفريقي، وغياب أي منافسة بخصوص قضايا التنمية في مواجهة المغرب.

واضاف البلعمشي أن أي تصعيد مرتقب من الجزائر لن يحقق الأهداف المتوخاة، خصوصا أمام المبادرة الملكية التي عبر عنها في خطاب العرش، أو أمام الاستعداد المغربي تقديم مساعدة للجزائر من أجل المساهمة في إطفاء الحرائق بيتيزي وزو…، بمعنى أن مخرجات مجلس الأمن القومي الجزائري هي قرارات سيادية على كل حال لكن نتائجها واضحة في مزيد من العزلة أمام التطورات الجيوسياسية التي لم تستوعب الجزائر بعد أهميتها بمنطقة شمال إفريقيا، فالعبرة دائما في السياسة الخارجية بالنتائج وليس بالمواقف.

وحسب ما يرى خبراء إقتصاديون وماليون فإن الإقتصاد الجزائري الذي يعتمد فقط على صادرات النفط والغاز واستنزاف احتياطيات العملات الأجنبية، قد يواجه  قريبًا كارثة حقيقية، كما يؤكد على ذلك مدير شمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، ريكاردو فابياني، الذي شدد على : “الاتجاه الاقتصادي سلبي للغاية”، وان “هناك أزمة سيولة في البنوك والشركات المحلية. في قطاع البناء، وهو أكبر قطاع بعد النفط، كان هناك عدد قياسي من حالات الإفلاس. يمكن أن تتجه البلاد نحو كارثة اقتصادية ذات تكلفة اجتماعية باهظة”.

وبحسب صندوق النقد الدولي، تراجع الاقتصاد الجزائري بنسبة 6 في المائة العام الماضي، لكنه يتوقع نموًا بنسبة 2.9 في المائة في عام 2021 على خلفية ارتفاع أسعار النفط. كما يتوقع عجزا في الميزانية بنسبة 18.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021، ولمعادلة ميزانيتها، قال البنك إن الجزائر بحاجة إلى سعر نفط يبلغ 169.6 دولارًا للبرميل، أي أكثر من ضعف السعر الحالي البالغ 72 دولارًا. ومع ذلك، يقول محللون إنه لا يوجد وضوح بشأن الكيفية التي يخطط بها النظام لاستباق كارثة اقتصادية محتملة.

وأشار فابياني إلى أنه نظرًا لعدم وجود ديون خارجية وارتفاع أسعار النفط لا يزال أمام النظام الجزائري عام أو اثنين لتجنب هذه الكارثة. وأضاف أنه قد يلجأ للاقتراض من الصين أو الخليج.

حقيقة العداء المجاني ورفض يد المغرب الممدوة من خلال “بروبكاندا الشيطنة” تصطدم بحقيقة وعي كبير يقودها أبناء البلدين الجارين الذين لا يزالون يرفعون شعار “خاوة-خاوة” في إعتراف متبادل بتاريخ مشترك وحب دائم بأن العلاقات الإنسانية أكبر من هلوسات السياسة وإستراتيجياتها.

 

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد