النساء عمائم الأجواد….

يحل شهر مارس والذي كعادته يحمل معه أجمل الاعياد، المرأة والام والربيع، ففي الثامن منه يحتفل العالم باليوم العالمي للمرأة يوم تتزاحم فيه الاحتفالات والتهاني والتكريمات ،وهو احتفاء وان كان مستحقا الا أنه لايجب أن ينسينا وجود العديد من نساء هذا الوطن بعيدات عن الاضواء ويعانين في صمت من ظروف لم تتغير رغم كل ماتحقق للمرأة المغربية، منهن من لاتعرف مالها وماعليها بل أنها تظل طوال حياتها تتصور أن كل شيء عليها ويجب أن تتقيد به.

نساء يرزحن تحت وطأة الذل والفقر والعنف ولايستطعن أن يوصلن صوتهن لأبعد من غرف نومهن ان وجدت، لانهن بكل بساطة لايجدن من يتحدث عنهن ولامن يكرمهن في عيدهن الوطني.
عيد يأتينا في ظل جمود العديد من القوانين التي تهم المرأة المغربية و التي تظل معلقة رغم موافقة المغرب على العديد منها، تجد القوانين دائما أمامها عقول متحجرة ترفض النقاش في أمور تعتبرها ثابتة، ولا يمكن بالتأكيد إنزالها إلى أرض الواقع إلا في حال وجود أرض خصبة تستطيع أن تنمو فيها وتكبر وتطبق بشكل سليم، المشكل عندنا ليس فقط في وجود قانون يضمن حق المرأة في المساواة، بل يتمثل ايضا في العراقيل التي تحول دون هذا التطبيق، وفي المقابل تجد الأعراف والتقاليد من يطبقها حرفيا ويحرص على القيام بها لأنها تدخل في إطار عادة تربى عليها مجتمع معين ،أمر يجعلنا نسائل أنفسنا إلى أي حد تستطيع الأعراف والتقاليد الايجابية أن تكون محفزة، أو أرضية للنقاش من أجل التطبيق الفعلي للقوانين التي تتعلق بالمرأة، وهنا سنأخد المجتمع الصحراوي كمثال على نجاح الاعراف والتقاليد في ترسيخ ثقافة حقوق الانسان عامة والمرأة على وجه الخصوص.

النساء عمائم الأجواد ونعال الأنذال” مقولة صحراوية تحدد مكانة الرجل داخل المجتمع الصحراوي على حسب تعامله مع المرأة، ويعتبر الرجل الصحراوي أن إهانة المرأة انتقاص من رجولته وسبة في حقه تجعله منبوذا وسط قبيلته/مجتمعه…

تقوم العلاقة بين الرجل والمرأة في الصحراء على الاحترام والتقدير، ويرجع ذلك إلى التربية التي يتلقاها الأبناء منذ صغرهم، بحيث يتم تلقينهم بأن اهانة المرأة تدخل في إطار المحرمات، وهناك مثل يقال للأولاد الصغار عندما يضربون أخواتهم وهو: ” بطاط أخوات الشيعة ماحذات”

بمعنى أن من يضرب أخواته لاتقوم له قائمة نهائيا ولا ينتظر مستقبلا أن تكون له مكانة داخل القبيلة ولا داخل المجتمع الصحراوي بشكل عام ومن هنا يترسخ في أذهان الأولاد بأنهم لايمكن لهم أن يصنعوا مجدا بدون أن تكون معاملتهم لأخواتهم وللنساء جميعا من خلالهن، معاملة جيدة ومحترمة. ومن هنا نستشف أن التربية على احترام المرأة هي جزء من التربية عموما في المجتمع الصحراوي وهذا أمر بالغ الأهمية لما له من انعكاس على نفسية الأطفال على المدى البعيد/ بحيث ينعكس أيضا ذلك على علاقة الطفل/الرجل بالمرأة في كل صورها أما، أختا، زوجة…الخ.

نجاح مثل هده الحكم، ونجاح التربية في ترسيخ احترام المرأة في ذهن الناشئة من أبنائنا في الصحراء دليل قوي على أن القانون لوحده لايمكن له أن يحقق مكتسبات للمرأة، القانون مكمل للتربية ولكن لا يمكن الاعتماد عليه كليا من أجل ترسيخ ثقافة حقوق النساء، وإلا لما وجدنا نساء في الدول الأوربية التي تتشدق بالحريات العامة تتعرضن للعنف،فالقانون يجب أن يجد أرضا خصبة يزرع فيها، بمعنى تربية صالحة، وعقليات قابلة لأن تطبق قوانين تترسخ في ذهنها بطريقة طبيعية نتيجة تربية سليمة.

إن التربية على احترام المرأة هي الأرضية المؤسسة التي نستطيع من خلالها زرع القانون والشيء الأكيد أنه على المجتمع المدني والجمعيات النسائية بشكل خاص أن تدعوا إليها قبل أن تدعوا إلى تطبيق قوانين تبقى غير مجدية في ظل ترسخ ثقافة الإقصاء والتحقير…التي يترعرع فيها أبناءنا…من خلال معاينتهم لما يحدث داخل الأسرة وعلى مستوى المدرسة أو الشارع….

قد يعجبك ايضا
تعليق 1
  1. Sahar Salem يقول

    شكراً لك سيدتي…شكرا عمامة الأجواد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد