النساء أو الرجال.. من يتفوق في الحرب من الجنسين؟

 وفي كل تصوير للحرب من فيلم “دانكيرك” الشهير في عام 2007، إلى لوحة الفنان فرانسيسكو جويا بعنوان ” الثالث من ماي”، يكون الغالبية العظمى من الأشخاص الذين يقومون بالقتال في الحروب من الرجال.

هذه الانعكاسات الدقيقة للغاية للملاحظة الواقعية، تعد مركز دراسة جديدة بعنوان ” لماذا تعد الحرب لعبة الرجال”، وهي محاولة من قبل علماء بيولوجيا لتوضيح لماذا يبدو أن الرجال فقط هم من يشاركون في الحروب. وعلى الرغم من أن النساءء يشكلن نصف عدد السكان، إلا أنهن “لا يشاركن في القتال” بحسب زعم الباحثين، موضحين أن هذا يرجع جزئيًا إلى الصدفة.

وتستند نتائج الدراسة إلى نموذج رياضي تم تصميمه لتحديد كيفية تطور مشاركة الذكور والإناث في الحرب مع مرور الوقت.

ويشرح باحثون من جامعة سانت أندروز في مجلة Proceedings of the Royal Society B أن نموذجهم يوضح أنه كلما شارك جنس واحد في الحرب، شعر الجنس الآخر بحاجة أقل للمشاركة فيها. وهذا يؤدي حتمًا إلى قتال جنس واحد فقط في المعركة. كما يفترض أيضًا أن جنسًا واحدًا يميل أكثر للقتال من الآخر في المقام الأول.

وأطلع المؤلف المشارك في الدراسة وطالب الدراسات العليا ألبرتو ميتشيليتي موقع إنفرس على نتائج الدراسة، فقال: “وجدنا أن المشاركة في الحرب من قبل جنس واحد فقط تطور حتى في غياب الاختلافات بين الجنسين الذي يعتبر أساسيًا في الدراسات الموجودة”.

ويشير ميتشيليتي والمؤلفون المشاركون، إلى أنه لو كانت النساء أكثر عدائية في البداية، ربما كنّ الجنس المحارب.

ويجادلون أن حدوث ذلك كان مرتبطًا بالصدفة، على الرغم من أن دور الانتقاء الجنسي لا يمكن أن يتم خصمه بالكامل.

أسباب تطورية جعلت الذكور العنصر السائد في الحروب 

وكتب الباحثون: ” بشكل مفاجئ، وجدنا أن احتمالية أن تكون الحرب ذكورية حصرًا، يمكن أن تتحقق بغياب أي اختلافات جنسية، على الرغم من أن الاختلافات الجنسية وفق هذه المعايير يمكنها أن تجعل هذه النتيجة أكثر احتمالًا”.

ويعود السبب في ذلك، إلى أن التنافس بين الذكور على فرص الإنجاب ربما جعل الرجال يتطورون ليكونوا أكثر عدوانية بشكل طبيعي، ويمكن أن تكون هذه نقطة التحول نحو ميلهم للحرب. وتعد الحرب محاولة لنزع الموارد وفرص الإنجاب بشكل سريع، وبالنظر لهذا من وجهة نظر دارونية، من المنطقي أن يجني الرجال من الحرب أكثر مما تجنيه النساء، وبذلك يشاركون في الحروب أكثر.

وقال الدكتور ديفيد جيري من جامعة ميسوري-كولومبيا ومؤلف كتاب ” الذكور والإناث: تطور الاختلافات الجنسية لدى الإنسان Male, Female: The Evolution of Human Sex Differences” لموقع إنفيرس ” هم يتناولون سؤالًا مثيرًا للاهتمام، فهم لا يذكرون الاختلافات بين الجنسين في العدوان الجسدي والانخراط في الحرب، بل لماذا يعدان مسعى للذكور على وجه الخصوص، على الأقل بين البشر”.

ويشير جيري إلى أن الاستنتاج الذي توصلت إليه الدراسة الجديدة، هو أن الاختلاف بين الجنسين في الانخراط في الحرب يرتبط بالمزايا الجسدية للرجال، وبانخفاض التكاليف بالنسبة للنساء خاصة عندما يشارك العديد من الرجال من مجموعتهن، وبأن ميل الرجال إلى البقاء في المجموعة التي ولدوا فيها في السياقات التقليدية يعد منطقيًا بالنسبة لهم”.

منع النساء من المشاركة

إلا أن ما لا تذكره الدراسة في الكشف بأن الحرب هي لعبة الرجال، هو في الواقع أنه تم منع النساء تاريخيًا من المشاركة في الحروب.

ويقول جيري: “لم نفكر في احتمالية أن تكون النساء قد منعن فعليًا من المشاركة في الحرب، حيث كان هدفنا هو فهم كيف يشكل الانتقاء الطبيعي الدوافع للمشاركة في الحرب”.

وفي الواقع، لم تمنح النساء في التاريخ الحديث حرية اختيار الذهاب للحرب من عدمه. فالنساء المحاربات الشهيرات هن كذلك فقط لأنهن تحدين القوانين والمعايير المجتمعية، وشاركن في الحرب بشكل غير قانوني في كثير من الأحيان.

في الحرب الأهلية الأمريكية، على سبيل المثال، يقدر أن حوالي 400 امرأة تنكرن من أجل القتال، رغم أنه لا يسمح بذلك قانونيًا. واليوم، يتألف 16% من الجيش الأمريكي من نساء، لكن لم يسمح لهن بالخدمة في مواقع جبهات القتال البرية حتى عام 2015. وبتجاهل الاختلافات التطورية، من غير المفاجئ أن عددًا قليلًا نسبيًا من النساء شاركن في ساحة المعركة.

ويعزو جيري أسباب أن الحرب أصبحت “لعبة الرجال” لعوامل تطورية وثقافية. حيث إن تغيير أدوار الجنسين قد يعمل على “تجاوز الأسس البيولوجية لأن تكون الحرب حصرية للذكور”، على حد تعبيره، ومن المرجح أن هذا هو السبب وراء مشاهدتنا للمزيد من النساء في الجيش، ولكن لا يمكننا أيضًا إهمال أثر سلوك أسلافنا على عدد النساء اللاتي في القوات المسلحة.

في الوقت الحالي، إن أسباب الانخراط في القوات المسلحة لا بدّ أن تتم دراستها علميًا، وإن تم ذلك، فإن الدراسة يجب أن لا تأخذ بعين الاعتبار الأسباب البيولوجية والتاريخية فحسب، والتي تقود الناس لاتخاذ هذا القرار، بل أيضًا الأسباب الثقافية التي قد تجعل شخصًا ما ينضم للجيش – أو لا يفعل ذلك – بنفس القدر من الأهمية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد