النجم ربيع القاطي: “سليمان الباروني” شخصية مغرية وكنت سعيدا بتقمصها

يعد من أبرز النجوم المغاربة، تألق في عدة أدوار مسرحية وسينمائية وتلفزيونية التراجيدية منها أو الكوميدية لكنه لا يرتاح إلا في أداء الأدوار العميقة التي تحترم ذكاء المشاهد المغربي، إنه الممثل “ربيع القاطي”، الذي تابع تألقه هذه السنة من خلال مشاركته في المسلسل الليبي “الزعيمان” الذي يجسد فيه دور المناضل “سليمان باشا الباروني” الذي وهب حياته فداء لاستقلال دولة ليبيا ضد المستعمر الإيطالي وقد أداه بشكل احترافي ومتميز، “المصدر ميديا” أجرت معه هذا الحوار للحديث عن جديده وعن تقييمه للأعمال الرمضانية فتكلم بكل عفوية وبساطة.

*تشارك هذه السنة في الموسم الرمضاني بالمسلسل الليبي “الزعيمان” الذي يتناول السيرة البطولية والجهادية للزعيمين “سليمان الباروني” و”البشير السعداوي” وجهادهما ضد المستعمر الإيطالي، كيف تم ترشيحك لتجسيد شخصية “سليمان الباروني”؟

قبل كل شيء أود أن أحيي منتج العمل “وليد اللافي” والمخرج المبدع “أسامة رزق” عن حسهما الوطني العالي فهما أخذا على عاتقهما نفض الغبار على تاريخ الجهاد والنضال الليبي الذي كان منسيا عما يزيد عن 42 سنة وذلك بإبراز أعلام تاريخية ليبية وإظهارها من خلال أعمال فنية جديدة ليتعرف العالم على مناضلين ومجاهدين غير “عمر المختار” الذي نعرفه كلنا، والذين ضحوا بحياتهم من أجل حرية الشعب الليبي واستقلاله.

أما ترشيحي للعمل فأنا أعتبره صدفة، فقد رشحتني لمخرج العمل الصديقة المشتركة بيننا المخرجة المغربية “أسماء المدير” عندما طلب منها المخرج “أسامة رزق” أن تقترح عليه فنان يمتلك مواصفات خاصة لتجسيد “سليمان باشا الباروني” وبذلك كانت هي حلقة الوصل بيننا، وبعد أن تم أول اتصال بيني وبين المخرج تفاهمنا جيدا والتقينا في عدة نقاط وكأننا نعرف بعض منذ سنوات خصوصا أنني لدي ميل للمادة التاريخية وكنت دائما أحلم بأن أجسد شخصيات أترث في التاريخ السياسي الجهادي العربي، وأنا جد سعيد باختياري لتجسيد هذه الشخصية ف”سليمان باشا الباروني” شخص عبقري سابق لعهده، وإن أردنا أن نختزل حياته وعمره المادي في 70 سنة سوف نكون مجحفين في حقه لأنه أفنى حياته بأكملها في طلب العلم والنضال والجهاد والعمل السياسي والسفر من دولة لأخرى للدفاع عن قضايا وطنه، لذلك بالنظر إلى تجاربه في الحياة فعلى الأقل يجب أن يعيش هذا الرجل لأكثر من 160 سنة فهو كان فصيح اللسان مناضل بفكره وأدبه وشعره ومجاهد فوق صهوة جواده ضد الغزو الإيطالي الفاشي.

*ألم تخف من تجسيد شخصية المناضل الليبي “سليمان الباروني” الذي وهب حياته فداء لاستقلال دولة ليبيا ضد المستعمر الإيطالي؟

بالعكس، لم أخف فأنا رجل المغامرات وممثل أخوض وأرفع التحديات دائما في إطار اشتغالي خصوصا على هذا النوع من الشخصيات التي تثير فضولي كممثل أولا ثم كمواطن عربي، وكنت جد متحمس للعمل ف”سليمان الباروني” شخصية مغرية تتداخل فيها عدة أبعاد سيكولوجية واجتماعية وعقائدية، وأردت من خلال هذا العمل أن أشارك زملائي وأصدقائي في هذه الملحمة التي ستظل شاهدة علينا لأننا من خلال شخصية “سليمان الباروني” ننتصر للمثل والقيم الوطنية والمصلحة العليا هي مصلحة الوطن في الاستقلال والحرية والعيش بالكرامة والدفاع عن الوطن ضد كل الأطماع الخارجية، وكذلك أردت من خلال هذا العمل أن يبقى وثيقة تاريخية تشهد علينا إذا رحلنا عن هذه الدنيا بعد حين ويبقى كصدقة جارية لنا في دنيا إذا انقطع خبرنا عنها.

*كيف اشتغلت على تفاصيل وملامح شخصية “سليمان الباروني”؟ هل من خلال قراءة ما كتب عنه أم الاكتفاء بدراسة النص الدرامي جيدا؟

كان مرجعي الأساسي هو الكتاب الذي ألفته ابنة الزعيم “سليمان باشا الباروني” والذي يحمل عنوان “صفحات خالدة في حياة شيخ المجاهدين سليمان باشا الباروني ” ويختزل أهم المحطات النضالية والفكرية والفقهية والحياتية التي مر منها، بالإضافة إلى الكثير من الوثائق والمراجع التي أمدني بها مخرج العمل وبعض المؤلفات والدواوين الشعرية التي كتبها “سليمان باشا الباروني”، وأكيد أنني كممثل كنت مرتبطا ارتباطا وثيقا بملاحظات المخرج وطاقم المدققين التاريخين واللغويين لأكون قريبا من الشخصية من كافة الجوانب.

*ماهي المواصفات الخاصة التي تطلبها الدور غير كفاءة الممثل؟

شخصية “سليمان الباروني” شخصية مركبة جدا وليس من السهل تأديتها، لذلك يجب أن تتوفر في الممثل مواصفات خاصة من تقنيات وميكانيزمات وأدوات اشتغال تيسر له طريقة تقمص الحالات السيكولوجية التي قد تكون هذه الشخصية قد مرت بها وأن يكون عنده بعد معرفي وثقافي وأريحية في تجسيد الدور.

كل هذا جعلني أمام مسؤولية تاريخية صعبة جدا لأن هذه الشخصية كان لها أثر كبير في تاريخ النضال والجهاد الفكري والشعري والأدبي الليبي، وحاولت جاهدا أن أكون في مستوى تطلعات هذه الشخصية القيادية السياسية الجهادية وأن تكون لدي مرونة على المستوى الجسدي والحركي لأن “سليمان الباروني” كان رجلا دائم التنقل وقلما يتمشى على قدميه لأنه كان دائم الركوب على الخيل، وأتمنى أن أكون في مستوى تطلعات كل محبي ومتتبعي “سليمان باشا الباروني” وعائلته وأحفاده.

*إلى جانب مسلسل “الزعيمان” تشارك في السلسلة التلفزيونية “زهر الباتول”، فأيهما الأقرب لقلبك؟

هنالك عدة أعمال تبث لي في دراما رمضان لهذا الموسم وألعب في جلها تقريبا دور البطولة، ويبقى لكل عمل خصوصيته فسلسلة “زهر الباتول” التي أجسد فيها شخصية “القايد سليمان” وأتشارك في بطولتها مع الفنانة “سلمى رشيد” هي سلسلة اجتماعية تاريخية فنتازية تدور أحداثها ووقائعها في عهد “مولى إسماعيل” ما بين القرن 16 و17، أما مسلسل “الزعيمان” فأجسد فيه دور الزعيم “سليمان الباشا الباروني” وهو ملحمة تاريخية تظل شاهدة على حقبة مهمة جدا في تاريخ النضال الليبي ضد المستعمر الإيطالي، وإن صح التعبير فأنا أرى كل أعمالي الفنية كأبناء شرعيين ولا يمكنني أن أفرق بينهم، والمتلقي المغربي والعربي سوف يرى “ربيع القاطي” في دورين مختلفين تماما سواء على مستوى الشكل والمضمون وطريقة الأداء، وهذا شيء مهم جدا لي كفنان لأنني أستطيع من خلال هذا التنوع أن أبين أدوات اشتغالي كممثل من تقنيات وميكانيزمات وأنني لست ممثل لدور واحد فقط بل أجيد تشخيص وتمثيل أدوار مختلفة وصعبة.

*في الأخير، ما رأيك بالإنتاجات الرمضانية؟ ما الذي يميزها؟ وما الشيء الذي ينقصها؟

ربما هذا السؤال يجب أن يطرح على المهتمين والنقاد لإعطاء آرائهم بحيادية، فأنا كممثل أنتمي لهاته المنظومة الفنية وأشارك في هذا الموسم بكل من المسلسل المطول “الإرث” مع القناة الثانية والسلسلة الاجتماعية “زهر الباتول” بالإضافة لفيلم جميل جدا يحمل عنوان “الماضي لا يعود” من إخراج “إبراهيم الشكيري” وأتشارك فيه بطولته مع الفنانة “كليلة بونعيلات” وتعود أحداث الفيلم الذي أعتبره تحفة فنية إلى حقبة الخمسينيات أيام الزمن الجميل، قصة تسافر بنا عبر الزمان والمكان إلى كل تفاصيل الحياة التي كان يعيشها مغاربة خلال هاته الفترة، لذلك لا يمكنني أن أقيم الإنتاجات الرمضانية وأنا أنتمي إليها وأفضل أن أترك التقييم للجمهور، لكن أستطيع أن أقول أنني كممثل قد نسجت علاقة خاصة مع المتلقي المغربي ولدينا عقد اتفاق ألا هو ألا أقدم أي عمل هكذا بشكل مجاني بل أن أختار أعمالي بدقة متناهية، وأحاول أن أكون دائما عند حسن ظن المشاهد وفي مستوى تطلعاته وانتظاراته لأنه يريد أن يرى نفسه من خلالنا وأن نعبر عن قضاياه وهمومه ومسراته ومآسيه لكي يظل حبل التواصل دائم بيننا.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد