بابتسامة لطيفة تستقبلنك نادلات المقاهي، هذه الإبتسامة التي تخفي معاناتهن مع التحرش الذي تتعرضن له بشكل مستمر وذلك من أجل الحفاظ على عملهن اللواتي تكسبن منه لقمة عيشهن نظرا لظروفهن الصعبة التي رمت بهن لأحضان مهنة كانت حكرا على الرجال فقط.
تحكي هند “إسم مستعار” 25 سنة للمصدر ميديا أنها لطالما تعرضت للتحرش من قبل العديد من الزبائن شبابا وشيوخا غير أنها تتغاضى عن الأمر مخافة أن تفقد عملها، خاصة وأنها تعيش ظروف اجتماعية صعبة منذ أن غادرت أسوار المدرسة بعد أن توفي والدها المعيل الوحيد لعائلتها مما جعها تتحمل المسؤولية في سن صغيرة الشيء الذي يجعلها تخضع للتجاوزات في العمل المهينة لكرامتها كفتاة .
ليلى”إسم مستعار” 22 سنة تعود بنا إلى أول يوم عمل لها بأحد مقاهي مدينة سلا وتقول: ” كنت أبلغ من العمر 18 سنة حين قررت الإشتغال بمقهى متواجد بأحد الأحياء الشعبية.. أتذكر جيدا حين اشترط المشغل بأن أرتدي لباسا جد ضيق و أن أضع مساحيق التجميل بشكل ملفت للنظر وذلك بغية جلب أكبر عدد من الزبائن ومنذ ذلك اليوم و أنا أتعرض للتحرش بشكل كبير لدرجة أصبح شيئا معتادا بالنسبة لي”.
وتضيف ليلى : “لو كانت ظروفي الاجتماعية جيدة لما اخترت هذه المهنة المهينة لكرامة المرأة، خاصة و أن المجتمع ينظر إلى النادلة كبائعة هوى في الوقت الذي تسعى فيه هذه الأخيرة فقط إلى كسب قوتها بعرق جبينها بعيدا عن الطرق الغير مشروعة”.
أما أسماء طالبة جامعية تنحدر من مدينة بعيدة عن العاصمة بعشرات الكيلوميرات حلت بهذه الأخيرة من أجل إتمام دراستها غير أنها قررت الاشتغال كنادلة بدون علم والديها من أجل إعالة نفسها على مصاريف الدراسة التي لا تنتهي .
وتقول أسماء..” أتعرض للتحرش بشكل مستمر أحاول الدفاع عن نفسي في بعض الأحيان لكن رب العمل يهددني بالطرد من العمل بحجة أني بدفاعي عن نفسي سيقل توافد الزبائن عن المقهى..الشيء الذي يجعلني أفكر ألف مرة قبل أن أتخد قرار المغادرة في ظل الظروف المادية المزرية التي أتخبط فيها”.
“راجلي سمح فولادو ومشا” بهذه العبارة ابتدأت حديثها “فاطمة ” وعيناها اغرورقتا بالدموع حيث أكدت لنا في حديثها أنها تطلقت من زوجها الذي لا يساعدها على مصاريف أبناءها الثلاثة الشيء الذي جعلها تضطر للإشتغال كنادلة بأحد المقاهي .
وتقول فاطمة ” طبعا أتعرض للتحرش بشكل يومي لكني أحاول التغاضي ما أمكن عن بعض التصرفات المقززة في بعص الأحيان تفاديا لنشوب خلاف ينتهي بطردي من العمل”.
فيما يكشف كريم نادل بأحد مقاهي سلا على أن أغلب مالكي المقاهي يفضلون تشغيل فتاة “جميلة طبعا” على أن يشغلوا شاب معللين اختيارهم كون الفتاة بإمكانها جلب عدد أكبر من الزبائن للمقهى.
ويضيف كريم: “مهنة النادلة لا تليق بالفتاة بصفة عامة خاصة وأن المجتمع المغربي ينظر إليها بشيء من الدونية والإحتقار و يصنفها في الكثير من الأحيان في خانة “العاهرة” ” .