المنتج محمد دريد:الشأن الفني بالمغرب مبني على الإقصاء والأعمال المدبلجة حمى تصيب العالم العربي

يعتبر المنتج المغربي محمد دريد من بين المنتجين المغاربة الذين يحملون على عاتقهم مهمة تشريف الوطن من خلال الأعمال الفنية التي يقدمها أو التي يشارك بها في المحافل و المهرجانات الدولية، حبه للمجال الذي يشتغل فيه دفعه لتأسيس اتحاد المنتجين المغاربة وذلك لجمع شمل المنتجين المغاربة الغيورين على المجال و الاشتغال في أرضية سليمة مبنية على المصداقية و الشفافية.

جريدة “المصدر ميديا” اتصلت بالمنتج محمد دريد و أجرت معه الحوار التالي:

كيف تقيمون المشاركة المغربية في مونديال القاهرة للأعمال الفنية و الإعلام؟

لما كنت متواجدا في القاهرة التحق بي رئيس اتحاد المنتجين العرب و اقترح علي فكرة بخصوص موضوع المونديال الموجود و كان المغرب غير مشارك فيه، فأخذت البادرة و كونت اتحاد المنتجين المغاربة و انضممت لهذه المنظومة العربية التي توجد تحت لواء جامعة الدول العربية، و كان لي الشرف أن أكون أول من ثبت العلم المغربي في هذه المنظومة، و بدأنا نشارك رغم وجود بعض العراقيل، حيث راسلت المسؤولين في التلفزيون المغربي و لم أتلق جوابا و أراسل المسؤولين على الشأن الفني في المغرب و لم يجبني أحد قط، فقررت أخذ المبادرة لوحدي و أشارك بأعمال متنوعة، فالسنة الماضية ذهبت للمونديال دون المشاركة بأي عمل، فكانت مآخذات كثيرة من الدول العربية حول عدم مشاركتي بعمل من الأعمال، و الغريب في الأمر أني كنت أحمل بمحفظتي أغنية للمطرب المغربي البشير عبده الذي يتغنى فيها بابنه و هي أغنية ” ولدي العزيز”، فشاركت بها وحصلت على الجائزة وصفق لها العالم العربي بقوة.

هذه السنة كان ما يفوق على 800 ضيف عربي من 19 دولة عربية من بينهم المغرب، و لأول مرة في مونديال القاهرة تشارك في نسخة هذه السنة المعاهد العليا للصحافة و الإعلام و كان لي الشرف أن اصطحبت معي أعمال من المعهد العالي للصحافة و الإعلام بالدار البيضاء و المعهد العالي للفن المسرحي و التنشيط الثقافي بالرباط ، فالمغرب هو البلد الوحيد الذي شارك بأعمال في قطاع الإعلام و الصحافة و كانت النتيجة رائعة حيث تقدم المعهد العالي للصحافة و الإعلام بعملين و حصل على جائزتين و تقدم المعهد العالي للفن المسرحي و التنشيط الثقافي بعمل واحد و حصل على الجائزة فيه.

و تشرفت أيضا بتقديم عمل الإعلامي و الناقد السينمائي بلال مرميد عن برنامجه “في مواجهة بلال مرميد” وكذلك حصل على جائزة التكريم ثم عمل آخر من القناة الأولى و حصل على جائزة الإبداع و تقدمت بفيديو كليب مغنية مغربية صاعدة و حصلت كذلك على جائزة بمونديال القاهرة، فأعمالنا تحتل مرتبة متميزة مقارنة ببعض الدول الأخرى غير أننا لا نقوم بتسويقها على النحو الأمثل و جل الدول العربية لا تعرفها، بل الأكثر من هذا مجموعة من الإخوان العرب يشتكون من صعوبة اللهجة المغربية نظرا لقلة تسويق أعمالنا، فهم متشوقون بشدة كبيرة لتعلمها فرغم النجاحات التي حققتها الأعمال المشاركة في مونديال القاهرة لهذه السنة إلا أن الأعمال المغربية ما زالت لم ترق بعد لمستوى أحسن نظرا للجوائز الممنوحة في المونديال و التي فاقت 120 جائزة.

كل هذه المجهودات المبذولة ولا أتلق أي تقدير أو التفاتة طيبة و كأنني لا أمثل المغرب في حدث دولي، زد على ذلك أن كل المصاريف من مالي الخاص و مجهوداتي الخاصة.

كما اقترحت على وزير الثقافة والاتصال أن ننظم اليوم المغربي في المونديال على غرار عدد من الدول العربية كالسعودية والكويت وليبيا، وذلك للتعريف بالمنتوج المغربي و بثقافتنا المتنوعة و بقي حبرا على ورق، كل المجهودات المبذولة تلقى الباب موصدا أمامها.

L’image contient peut-être : 4 personnes, personnes assises et intérieur

ما رأيكم في التوجهات و العقلية التي يدبر بها الشأن الثقافي في المغرب؟

تدبير الشأن الفني في المغرب مبني بالأخص على منطق الإقصاء، للأسف نرى الآن عدد لا يستهان به من أعمدة الفن المغربي بدون عمل ينتظرون الفرج، فكل العوامل التي تظهر تبين أنه إقصاء مقصود، فكيف يعقل لمنتج أفنى عمره في التلفزيون لمدة تفوق عقدين من الزمن، ترفض له جميع أعماله بدون استثناء بل الأدهى والأمر أن أعماله التي رفضت منحت لآخرين، فهذا مثال واحد من العشرات الموجودة والتي تعاني نفس المعاناة، أقول أن كل مشروع يتوفر على لجنة معينة تعد هذه اللجنة بمثابة غطاء فقط لا غير لتخفي ما كان أعظم، فمن هم أعضاء هذه اللجنة و من يقرا لمن و من يقيم العمل الفني و لمن؟ كل هذه أسئلة تطرح ولماذا ترفض الأعمال بدون تقديم أي مبرر يذكر، فهناك أعمال متميزة وقوية موجودة لكنها حبيسة الرفوف بدون سبب مشروع و هو ما يساهم في حرمان الجمهور المغربي من متابعة إبداعات محترمة وهادفة.

كيف ترى المواضيع التي تناقشها الإنتاجات الدرامية المغربية؟

لا أنكر أن المواضيع التي تتم معالجتها الآن هي مواضيع قوية إنما تعالج بشيء من العفوية ولا يوجد فيها عمق في المعالجة والأشخاص الذين يجسدون هذا العمق على طول الانتظار، فأصحاب هذه الأعمال يكتفون بأشخاص لا يتوفرون على التجربة الكافية، فأنا لست ضد هؤلاء لكن لا تعطى الفرصة لأصحاب الخبرة والتجربة حتى يسلموا المشعل للجيل الصاعد ليبدع أكثر.

لماذا نلاحظ ارتفاع عدد الإنتاجات التلفزيونية فقط في شهر رمضان و تنقص حركيتها إن لم نقل تنعدم أحيانا طيلة شهور السنة؟ 

إنتاج أعمال فنية في موسم رمضان أمر معروف و متداول  على الصعيد العربي برمته، من المفروض شئنا أم أبينا أن نختار لرمضان أحسن الأعمال لأنه الموسم الوحيد الذي يجمع العائلة بأكملها كل يوم على مائدة الإفطار، فيجب اختيار أعمال مناسبة ترقى للتجمع العائلي، لكن الإنتاجات وجب أن تكون طيلة السنة ولن تقتصر على شهر رمضان لوحده كل هذا يمكن أن ندخله في خانة ضعف الإنتاج.

تسويق بعض الإنتاجات الأجنبية في التلفزيون المغربي أصبح ينمو بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ألا ترى هذا التسويق يضر بالمنتوج المغربي؟ 

في أولى سنوات اشتغالي في مجال الإنتاج، كانت الإنتاجات المصرية تسيطر بقوة وذلك لاحتلالها مركز الريادة على الصعيد العربي، لكن الأعمال المدبلجة هي حمى تصيب العالم العربي برمته، هذه المسألة تلزمها إرادة سياسية، فبدون إرادة سياسية من المستحيل أن نضع حدا لهذه الأعمال، فالدول التي تسوق إنتاجاتها تحقق أرباحا طائلة منها بالإضافة أن ذلك ينعكس على سياحة البلد بفضل تلك الأعمال كالنموذج التركي.

ففي سنة 2003 اقترحنا مسلسلا يتكون من 300 حلقة، إذ كان هدفنا الأساسي آنذاك من خلال هذا العمل هو إحياء أمجاد سنوات الخمسينات حتى يعرف الشباب المغربي تضحيات أسلافه، كتبت 125 حلقة موجودة للإنتاج على أساس أن نقسمها على ثلاث فترات في كل فترة تبث 100 حلقة بشكل متواصل، لحد الآن لا زال هذا العمل حبيس الرفوف بدون سبب، أضف إلى ذلك أنه في سنة 2010 اتفقنا مع منتجين من دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت على إنتاج مسلسلين سنويا بقيمة مليوني دولار و سيساهم المغرب بنسبة 20 في المائة فقط و سيتم تصويره في المغرب بثلاث لهجات من خلال ثلاث عائلات تعيش مع بعضها و كل عائلة تتكلم بلهجتها لاستئناس المواطن العربي مع اللهجات، و لقي هذا المشروع نفس مصير سابقيه مع الأسف.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد