المغرب وموريتانيا: التواصل المطلوب

المصدر ميديا – محمد سالم الشرقاوي (*)

لا يخفى على نباهة خبراء الدبلوماسية، العاملين، المُجربين، حساسية بعض الملفات التي يباشرونها ولاسيما تلك التي يتعلق منها بعلاقات حُسن الجوار التي تتوقف، أحيانا، على تقويم الكلمات ومُخرجاتها، وتدبيج العبارات وتناغمها، واختيار المصطلحات وأوزانها.

وإذا كان الأمر يتعلق بما يربط المملكة المغربية بالجارة موريتانيا من علاقات لا تخفى برودتها في الآونة الأخيرة، فإن المرء منّا لابُد أن يتوخى الحذر المطلوب في اختيار ما يُفيد من صنوف الكلِم وأبلغِه على توصيل المعاني المقصودة لشعب خبر مقاصد الأدب وطوّع لغته شعرا ونثرا.

مناسبة القول ما سمعته في المائدة المستديرة التي نظمها مركزا الدراسات الصحراوية في جامعتي الرباط ونواكشوط من أفكار تنم عن وعي الأساتذة والمهتمين والطلاب في البلدين بعمق الصلات التي قامت بينهما على وحدة روافد اللغة والدين، وهي الروابط التي تجعلنا في حيرة من أمرنا إزاء تفسير وضعية سوء الفهم التي نعيش بعض أطوارها في علاقات البلدين.

والمهم بالنسبة للأساتذة الباحثين المتنورين من هذا الجانب ومن ذلك، ليس ما يعتمل في أبراج السياسة والسياسيين من نقاشات قد يتفهمها بعضنا أحيانا، بل الأهم هو ترسيخ عُرى التواصل المستمر بين الفُرقاء، على المستويات المختلفة، لرفع سوء الفهم والحد من تداعياته المؤثرة على مساعي المغرب لتعزيز حضوره في إفريقيا، وعلى طموح موريتانيا في بناء نموذجها السياسي والاقتصادي في ظل الأمن والاستقرار.

لذلك أنقل عن زملائي ما قالوه من أن تعذر الاندماج المغاربي لا يبرر أبدا تعثر الاندماج بين المملكة المغربية ودولة موريتانيا إذا كانت الأخيرة، بموقعها الجغرافي المتميز يمكن أن تشكل جسرا تجاريا، وثقافيا، وبشريا يجمع شمال إفريقيا بشرقها وغربها وجنوبها.

كما أن المحافظة على وتيرة الاجتماعات الدورية المشتركة يمكن أن تساهم في رفع سوء الفهم الذي تغذيه الدعايات الإعلامية الموجهة، مما يستعدي بذل المجهود المطلوب لتحصين الصلات المأثورة وتعزيز الروافد المشتركة، التي جعلت دائما من المغرب وجهة أثيرة للأشقاء الموريتانيين، طلبا للعلم والاستشفاء والراحة والاستجمام.

لاشك أن الدعوة لتوطيد فرص العيش المشترك بين الشعبين الجارين التي سمعناها من زملائنا الموريتانيين المشاركين في أشغال المائدة المستديرة، وهم رؤساء مراكز بحثية وأساتذة جامعيين وباحثين، تنم عن يقظة وحس عالٍ بالمسؤولية كونها تشكل رؤية متبصرة يتعين البناء عليها لتعزيز الأمن والاستقرار في البلدين ضمن محيط متحرك غاية في التعقيد.

ويمكن أن تشكل المنتديات “العالمة” والمتخصصة فضاء للحوار الهادئ والبناء، الذي يسلط الضوء على بعض مفاصل العلاقة بين البلدين، مما قد يغيب منها عن أذهان السياسيين ويسمح، بالتالي، باستثمار فرص التعاون التي يؤمنها الاتصال التاريخي والطبيعي والجغرافي بين البلدين بمنطق يؤمن تحقيق المكاسب للشعبين على قاعدة (رابح- رابح).

(*): أستاذ مشارك في مختبر نُظم الإعلام والتواصل بكلية الآداب – جامعة محمد الخامس – الرباط

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد