تعد جميلة المصلي، التي عينها جلالة الملك محمد السادس يوم الخميس 9 أكتوبر 2019، وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، في النسخة الثانية لحكومة الدكتور سعد الدين العثماني، ثاني قيادية في حزب العدالة والتنمية التي أسندت لها مسؤولية تدبير أحد أهم القطاعات الاجتماعية التي يراهن عليها الحزب.
وتجسد جميلة المصلي، عضو الأمانة العامة لحزب المصباح، نموذجا للقيادة النسائية النشيطة بفضل حضورها البارز كفاعلة سياسية وفكرية وجمعوية، استطاعت أن ترسم مسارا متميزا.
واسم “المصلي” مشهور في أوساط السياسيين، وحضورها بارز في الديناميكية السياسية التي عرفها البرلمان المغربي في محطات كثيرة، كما هو معروف في أوساط الباحثين، بمشاركاتها في عدد من الملتقيات الوطنية والدولية، خاصة حول المرأة.
برزت “المصلي” ضمن مجموعة من نساء العدالة والتنمية خلال فترة الجدل حول مدونة الأسرة. وساهمت بشكل فعال في النقاش الفكري والقانوني والمجتمعي حول الحقوق الإنسانية للنساء. ومنذ ذلك التاريخ فرضت وجودها في المشهد العام. وربما يرجع ذلك إلى الديناميكية التي تتمتع بها، حيث كان لها حضور قوي ضمن فعاليات وقيادات حزب العدالة والتنمية النسائية.
بدأت “المصلي”، التي رأت النور عام 1969 بمدينة وزان، مسارها في العمل الجمعوي منذ كان عمرها 13 سنة، إلى أن ترأست “منظمة نساء حزب العدالة والتنمية” اليوم، مرورا برئاسة منظمة تجديد الوعي النسائي – فرع الرباط، و”مركز الوئام للإرشاد الأسري” بسلا، حيث بصمت حضورها من خلال مشاركتها في النقاشات العمومية التي تدور حول المرأة، ودافعت عن حقوق النساء، لتسجل حضورها الفعال ضمن الحركة النسائية المغربية.
وبرزت جميلة المصلي، كأصغر نائبة برلمانية أفرزتها انتخابات 2002 التشريعية، وكبرلمانية في انتخابات2007 و2011 ضمن اللائحة الوطنية لنساء حزب العدالة والتنمية، وكأمينة مجلس النواب، وعضو بمكتبه (2012-2015). وكذلك من خلال عضويتها بلجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية بمجلس النواب (2002-2011)، واللجنة الوطنية المكلفة بصندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء (2009-2014)، ثم بلجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب ( 2012-2015)، واللجنة الوطنية للحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة (2013-2014)، ولجنة التتبع الوطنية لإعداد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الرشوة (2014-2015).
تتسم جميلة المصلي بالحيوية، لا تكل عن العمل والتحرك على مختلف الواجهات، وتم انتخابها مؤخرا رئيسة لمنظمة نساء حزب العدالة والتنمية التي تسعى من خلالها إلى الدفع بالعمل النسائي داخل الحزب ورفع تمثيلية المرأة على جميع المستويات من أجل بروز قيادات نسائية.
ولإيمانها العميق بقضايا المرأة وبضرورة التمكين للنساء اقتصاديا وسياسيا، وأهمية تشجيعها في ولوج العمل السياسي، فقد دافعت المصلي، من خلال عضويتها باللجنة الوطنية المكلفة بصندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء، الذي أحدث كآلية موجهة لتقوية قدرات النساء التمثيلية بهدف تيسير اندماجهن في الحياة السياسية والانتخابية الوطنية، عن الرفع من تمثيلية النساء في الهيئات المنتخبة.
بدأ ولع “المصلي” التي تنحدر من عائلة محافظة بمدينة أكادير، بالعمل الجمعوي منذ سنة 1982، وهي لا زالت طالبة بجامعة محمد الخامس بالرباط، وكانت من المؤسسات لـ «منظمة تجديد الوعي النسائي» قبل أن تترأس فرع الرباط لسنوات.
بعد حصولها على الإجازة، تابعت المصلي مسارها الدراسي، فنالت دبلوم الدراسات العليا، تخصص فكر وحضارة، جامعة، محمد الخامس – الرباط. وبنفس الجامعة حصلت على شهادة استكمال الدروس، تخصص فكر وحضارة، لتتوج مسارها العلمي بنيل شهادة الدكتوراه في الآداب / شعبة التاريخ.
عرفت “المصلي” في أوساط الباحثين بدراساتها المتخصصة، إذ ساهمت في مجال البحث العلمي بالعديد من الأبحاث، وعدد من المشاركات في الملتقيات والمؤتمرات الوطنية والدولية حول قضايا المجتمع المدني والتنمية والأسرة والحركة النسائية.
والمصلي عضو سابق في المنتدى العالمي للنساء البرلمانيات، وبمنظمة التحرك البرلماني العالمي من أجل السلمPGA، وبالجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا سابقا، وعضو لجنة المساواة ومكافحة أشكال التمييز بها، وبلجنة النوع الاجتماعي وتكافؤ الفرص التابعة لبرلمانات أمريكا الوسطى والكاريبي FOPREL، وبالمكتب الإداري لمنظمة برلمانيون ضد الفساد فرع المغرب. وكانت عضوا في الهيئة الوطنية لحوار الإعلام والمجتمع (2010-2011). كما أنها كانت خبيرة معتمدة في قضايا المرأة والأسرة والتنمية لدى مجموعة من الهيئات والمنظمات العربية والإقليمية.
لم تتخلف “المصلي” عن مجال التأليف والبحث، وتشهد لها في ذلك مجموعة المقالات والدراسات التي عرفت طريقها إلى النشر، منها دراسة حول “الحركة النسائية بالمغرب المعاصر اتجاهاتها وقضاياها” (من منشورات مركز الجزيرة للدراسات مع الدار العربية ناشرون سنة 2013)، وكتاب “المشاركة السياسية للمرأة بين الواقع والمأمول”. هذا إلى جانب مداخلاتها في مختلف الملتقيات والمنتديات الحزبية والجمعوية.
بإشرافها على قطاع التعليم العالي كوزيرة منتدبة (20 ماي 2015-4أبريل 2017) ، ثم كوزيرة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر بالنيابة (أكتوبر 2016-أبريل 2017)، ثم قطاع الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، ككاتبة الدولة مكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي (ابتداء من 5 أبريل 2017)، راكمت المصلي تجربة مهمة في مجال تدبير الشأن العام من موقع المسؤولية الحكومية، ويحسب لها أنه كان لها دور كبير في الدفع بإخراج مشروع القانون المتعلق بمزاولة أنشطة الصناعة التقليدية، في صيغته الجديدة.
من خلال تجربتها في تدبير قطاع الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي، أعطت المصلي المثل للوزيرة الديناميكية. وفي تنزيل شعارها حول العدالة المجالية، حرصت المصلي على زيارة جميع جهات المملكة، وزارت أغلب أقاليمها، مشجعة للصانعات والصناع التقليديين والمتعاونة والمتعاونين، من خلال الاشراف على مختلف التظاهرات، أو من خلال التدشينات، أو المشاركة في اجتماعات العمل مع مختلف الفاعلين المجاليين حول برامج تنمية القطاع الذي تشرف.
وتميزت الوزيرة المصلي بكونها من المسؤولين القلائل الذين يعتبرون الصحافة شريكا لهم في التنمية. وحرصت على تمكينها من المعلومة، وعلى إشراكها بتخصيص يوم لها في برنامج “الأسبوع الوطني للصناعة التقليدية” هو “يوم الصحافة”.
وبتعيينها وزيرة للأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، تكون المصلي، المرأة العصامية التي شقت طريقها في دروب النضال بإصرار وعناد، قد دخلت تجربة جديدة في مسارها السياسي ستجعلها بلا شك تحت المجهر.