المستشار التربوي عبد الحميد اضليعة : البعض يحمل صفة مدرب تنمية يفتقرون للكفاية الأخلاقية

عبد الحميد اضليعة مستشار تربوي واسري ومكون ومدرب في برنامج التنمية الذاتية والتدريب الاداري كما انه مكون في التواصل وأستاذ لمادة الفلسفة له العديد من الابحاث وكذلك المشاركات الوطنية الى حانب تأطير الكثير من اللقاءات في مجال اختصاصه كان معه هذا الحوار

الأستاذ عبد الحميد كيف تقضي فترة الحجر الصحي ؟

شكرا الأستاذ المحجوب، شكرا جريدة مصدر ميديا على الإستضافة في هذا الحوار. نحن جميعا في مرحلة تحتاج العمل بالتدابير الوقائية والإلتزام بها حماية لأنفسنا ولأسرنا ولمجتمعنا وبلدنا. أنا طبعا، سعيد بالعمل بهذه التدابير مما منحني الكثير من الأشياء لم تتوفر لي بالشكل الكافي قبل الحجر الصحي: الإستمتاع طول الوقت مع الأسرة ودفئها، إعادة تنظيم مكتبتي التي كانت تحتاج لتنظيم أكبر، إتمام مشاريعي الفكرية التي اشتغل عليها، مواكبة تلاميذي عن بعد، ممارسة أنشطة خاصة أو جماعية مع الأسرة، تقديم الإستشارة لبعض الأسر للتعامل مع الوضعيات التي استعصت عليها تدبيرها… وهكذا نحن سائرون إلى أن يرفع الله عنا هذه الجائحة.

كخبير في الاستشارة التربوية والأسرية والتنمية الذاتية، هل تعاملنا مع الأبناء في هذه الفترة سلوك حسن ؟

لم نعش نظيرا للحجر الصحي والطوارئ الصحية من قبل، وبالنظر لطبيعة سن الأطفال خصوصا كفئة من الأبناء التي تتميز بالحركة والنشاط الزائد مقارنة بالكبار، وأيضا لمساحة المنزل التي تتميز في أغلبها بين المساحات الصغيرة والمتوسطة … أفرز الحجر الصحي وضعيات داخل الأسرة لم يعرف كثير من الآباء والأمهات الكيفية السليمة للتعامل فيها مع الأبناء. ويمكن ذكر بعض أشكال التعامل مع الأبناء وخاصة السلبية منها والقائمة على العنف أو الصراخ أو النقد والسخرية أو الهجر اللغوي … وغيرها من الأشكال السليبة في التعامل، مما جعل الضغط الممارس على الأبناء ضغطا مزدوجا: ضغط الحجر الصحي وضغط الوالدين.

ما هي الطرق المثلى للتعامل مع الأبناء في هذه الفترة ؟

التعامل الفعال والإيجابي مع الأبناء وخاصة في مرحلة الحجر الصحي يستند لكثير من القواعد،. وهنا أوجه الآباء والأمهات للبعض منها أ يها الأب، أيتها الأم أنتما الحب والدفء والحنان للتخفيف من الضغوط على الأبناء. فالحب وقود كل علاقة ناجحة مع الأبناء.كن منصتا لأبنائك. للأبناء حاجات ومطالب ورغبات وصعوبات يجب الإنصات لهم حتى لا تؤثر في بنائهم النفسي وتوازن شخصيتهم وعلاقاتهم معكم أولا ومحيطهم ثانيا. راقب انفعالاتك وخاصة السلبية منها مع الأبناء. فلانفعال سلبي رد فعل يناسبه مما يعمق من أزمة العلاقة مع الأبناء راقب لغتك معهم. يجب أن تكون لغة مشحونة بالإحترام والإهتمام. عندما يضيع الإحترام بين الآباء والأبناء تضيع العلاقة معهم. بادر لخلق أنشطة المتعة كاللعب الجماعي والحصص الرياضية الجماعية وكرسي الإعتراف الأسري كشكل من أشكال الإنصات وفهم حالة الإبن وغيرها من الأنشطة التي تعمق العلاقة مع الأبناء شارك الأبناء أنشطتهم المفضلة ومواهبهم مما يعطي للإبن ثقة وأمانا وأيضا ارتباطا أكبر للوالدين.مراعاة الخصوصيات العمرية للأبناء. فإبن السنة الواحدة يختلف عن إبن الأربع سنوات إلى إبن 14 سنة وغيرهم.

هذه القواعد وغيرها تسمح للآباء ببناء علاقة طيبة إيجابية وفعالة مع الأبناء مما ينعكس على مسار الإبن الدراسي والعلائقي مع الأقران بل وحياته عموما.

التنمية الذاتية هي مجال لتنمية الفرد وبالتالي مستقبل المجتمع أو الأمة. أي تصور لديك للتنمية الذاتية ما بعد كورونا ؟

التنمية الذاتية خلقت من رحم الظروف الصعبة للأشخاص. ظهرت في البداية لمساعدة مرضى الجهاز العصبي ثم تطورت وامتدت لتشمل جميع القطاعات. إنها تتوخي إخراج الشخص من قوقعته ونقله نحو التطور وإدماجه في التنمية الشاملة كشخص قوي وفعال: كفاءة وشخصية وثقة بالذات وتواصلا فعالا وعلاقات ناجحة وحضورا قويا وغير ذلك.
خلال الحجر الصحي المرتبط بكورونا فيروس لعبت التنمية الذاتية دورا فعالا في التخفيف عن الأشحاص من حدة الضغط والقلق المصاحبين لانتشارها. وعليه أتوقع ما بعد كورونا مزيدا من تطور هذا المجال وحضوره بشكل أكبر في حياة الناس.

معظـم الكلام مع الـنفـس سلـبي وهذا يحـدث للشخـص أمـراضا جـسدية ونـفـسية هل الحجر يساهم في ذلك ؟ وما السبيل لتفادي ذلك ؟

يصعب جدا نفي تأثيرات الحجر الصحي على الإنسان، ولذلك يمكن أن ينطلق أي واحد من بيته ليدرك حجم التأثيرات النفسية للحجر الصحي والطوارئ الصحية المرتبطين بكورونا فيروس على أفراد أسرته.

التحدث مع الذات مهم جدا في خلق البناء النفسي للشخص خاصة عندما يعتمد آليات كالرسم والشعر والكتابة وطرق أخرى مناسبة، لكن قد يصبح خطيرا عندما يكون هذا التحدث من موقع السلبية في التفكير وموقع الخوف والقلق والتوتر وغير ذلك. فالطريق لسلبية الكلام مع الذات يجد أساسه في فراغ وقت الشخص من الأنشطة.

ولتفادي الوقوع في الحالة النفسية الصعبة من خلال الخطاب الموجه من الذات لذاتها، يمكن للشخص المعني العمل ببعض التوجيهات كالآتي: إملأ وقتك بأنشطة الترفيه كاللعب الجماعي داخل الأسرة خصص وقتا محددا ولا يتجاوز ساعة موزعة على اليوم لمتابعة الأخبار والمستجدات بدل قضاء أغلب الوقت أمام وسائل الإعلام. خصص وقتا للمطالعة الحرة لمحاورة الأفكار الكبرى التي يقدمها المفكرون والكتاب في مؤلفاتهم .مارس أنشطة رياضية مناسبة مهما كانت مساحة المنزل.مارس مواهبك المفضلة وحتى التي كنت تخشى تجربتها: كالرسم أو الشعر … مارس أنشطة التنفس بعمق وجلسات الإسترخاء واستعن في ذلك بما تقدمه بعض المواقع عبر شبكة الإنترنيت.تواصل مع الأشخاص الإيجابيين وتقاسم معهم الأخبار والصور والفيديوهات ذات المضمون الإيجابي والممتع

هذه التوجيهات وغيرها تسمح بكل تأكيد للشخص أن يعيش الإيجابية وخاصة في هذه المرحلة الصعبة.

لكي يصبح الشخص مدربا للتنمية الذاتية يحتاج لعدة شروط منها تنمية مهارة الاستمتاع و امتلاك مهارات تواصل ممتازة هل تلاحظ انها تفتقد عند الكثيرين ممن يحملون هذه الصفة ؟

بكل تأكيد لكل مجال بل لكل مهمة كفايات ومهارات مفترضة. والتنمية الذاتية لا تخرج عن هذا السياق. كما ورد في السؤال للتنمية الذاتية مهارات متعددة ويمكن تلخيصها في: الكفاية المعرفية، الكفاية التواصلية، الكفاية الأخلاقية، الكفاية التنظيمية، وغير ذلك.

في الواقع، توجد الكثير من التجاوزات مثلما توجد تجاوزات في باقي المجالات. الكثير ممن اقتحموا هذا المجال إما يفتقرون للكفاية المعرفية مثلا والتي تعني ببساطة امتلاك من يحمل صفة مدرب تنمية ذاتية المادتين العلمية والمعرفية لمجاله والمهارات المرتبطة بها، أو يفتقرون للكفاية الأخلاقية كالتحدث باسم الطبيب النفسي أو المعالج النفسي أو غير ذلك، أو يفتقرون للكفاية التواصلية أو يفتقرون لكل هذا، وهو ما يشكل خطرا على الذين يحضرون لورشاتهم التدريبية أو التكوينية.

وهنا أتمنى أن تتدخل الدولة لتنظيم هذا المجال حتى لا ينحرف عن أهدافه ورسالته وأدواره.

كأستاذ كيف ترى طريقة التدريس عن بعد ؟

التدريس عن بعد لحظة مهمة من تطور التدريس. فإذا كانت بعض الدول خاضت هذه التجربة وفق ما أملاه تطور المنظمة التربوية لديهم، فإن في المغرب ارتبطت بسياق انتشار كورونا فيروس وخطره على الإنسان. قبل موعد فرض الطوارئ الصحية القليل جدا من المدرسين ممن خاضوا التجربة في وقت كان الكثير ينتقدها وأحيانا بشدة وقسوة.

أعتقد الفرصة جد مواتية لتفعيل وظائف التدريس عن بعد لأهميته ولقدرته على الإستجابة لكل أنماط التلاميذ بمن فيهم الموجودون في وضعية إعاقة أو اعتقال أو ووضعيات أخرى لا تسمح بالحضور للمدرسة.

كيف تنظر لمشروع قانون الذي تم تاجيل دراسته 22.20 البعض وصفه بتكميم الأفواه؟

أقل ما يمكن وصف هذا القانون هو أنه ظالم. كيف يستقيم هذا القانون مع التربية على النقد والتعبير عن الرأي وحرية التفكير والمواطن المسؤول … التي تكرس لها أغلب البرامج التي تشتغل عليها المدرسة وكثير من المؤسسات الرسمية كالمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني.

إن الغريب في الأمر هو أن من بادروا لصياغة هذا القانون أو من تبنوه هي أحزاب أكدت في برامجها الانتخابية على حقوق الإنسان في شموليتها. إن هذا القانون اغتصاب قوي لهذه الحقوق ومنها الحق في التعبير.

كيف تنظر الى الاعلام الجهوي وتعاطيه مع الازمة الحالية ؟

الذي ميز عمل الإعلام في هذه المرحلة هو الإنخراط الواعي في مواجهة كورونا. فالإعلاميون يعتبرون من الذين يتواجدون في الصفوف الأمامية، علما أن الصفوف الأمامية توزعت المواقع فيها حسب نوع المواجهة لكورونا، فكانت المواجهة العلاجية حيث تموقع ما اصطلح عليهم بالجيش الأبيض أي الأطباء والممرضون، ثم المواجهة الوقائية حيث تموقع رجال الأمن والقوات المساعدة والدرك الملكي وأعوان السلطة وغيرهم، ثم المواجهة التنموية وهنا يتواجد من يشتغلون في مجال الخدمات والمقاولات والمؤسسات العمومية ثم المواجهة التحسيسية وهذه كانت من نصيب رجال ونساء الإعلام، وغير ذلك من المواجهات.

وسائل الإعلام الجهوي بكل أصنافها أبانت عن انخراط مسؤول وكبير في هذه المواجهة. الملاحظ على هذا التعاطي هو شبه غياب الأخبار التي تصنف ضمن الإشاعة وهذا أمر محمود، وفي نفس الوقت شكلت ليس فقط تحسيسا وتوعية بل أيضا ساعدت السلطات العمومية في تدبير الطوارئ الصحية كما في حالة التنبيه للنقل السري للمواطنين بين المدن وما يمكن أن يترتب عنه من خطر نقل الجائحة والخطر على ساكنة المدن. كما لعبت دورا أساسيا في نقل هموم المواطنين المترتبة عن الحجر والطوارئ الصحيين.

هذا يحيلنا للمجتمع المدني كيف تنظر له وهل ساهم في التخفيف من الجائحة وقام بالدور المنوط به ؟

المجتمع المدني شريك أساسي في برامج التنمية والتحسيس والتربية على المواطنة المسؤولة والتربية على القيم كالتضامن والتعاون وغيرهما. وهنا أنظر بتقدير كبير لكثير من الجمعيات التي انخرطت بفعالية كبيرة سواء للتحسيس وحث الناس على الإلتزام بالتدابير الوقائية أو لتقديم المساعدات للمتضررين من الطوارئ والحجر الصحيين وخاصة بعض الفئات غير مسجلة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو برنامج راميد وغيرها من البرامج التي تدعمها الدولة أو لدعم تمدرس الأبناء عن بعد …

المجتمع المدني أدواره التنموية والتوعوية والتضامنية كبيرة، ويحتاج لمزيد من فعالية كل أعضاء مكاتب المؤسسات التي تدخل في المجتمع المدني. فإذا كانت الجمعية مثلا قد ساهمت بفعالية في التخفيف من آثار الجائحة والطوارئ الصحية فإن أغلب أعضاء مكتبها غير مبالين وهذا مشكل يحتاج للعمل عليه ضمن برامج التوجيه والتكوين والتأطير والمواكبة التي تخضع لها الجمعيات.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد