المجلس الاقتصادي ولجنة النموذج التنموي الجديد أي دور في ساحة معركة كورونا ؟

كتب : الاستاذ محمد الغيث ماء العينين

انتشر في اليومين الماضيين فيديو للسيد أحمد رضى الشامي رئيس المجلس الإقتصادي و الاجتماعي و البيئي و العضو البارز في اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد يتحدث فيه عن أزمة وباء كورونا. كلام السيد الشامي، رغم انه تحدث عن رأي شخصي، إلا انه يبقى أحد أهم المصادر المتاحة لفهم كيفية تفكير و مساهمة بعض النخب المسؤولة و مساهمة الهيئات الدستورية و الاستشارية التي ينتمون إليها او حتى يرأسونها في تدبير ملف هذه الأزمة الغير مسبوقة، و للمساعدة على الفهم و التقييم الأولي لدور هذه الشخصيات و الهيئات يجدر التذكير بأن المغرب و على غرار باقي دول العالم اعتبر مواجهة فيروس كورونا بمثابة اعلان حرب شاملة تستدعي وحدة و مركزية القرار و القيادة و تعبئة الموارد اللازمة و تحديد الجبهات و الخطة و توزيع المهام و المسؤوليات.

الجبهات تم تحديدها في ثلاث و هي جبهة طبية صحية و جبهة اجتماعية و جبهة ثالثة اقتصادية.. و تم اتخاذ قرارات استباقية مهمة تقتضي شن ثلاثة معارك ( معركة في كل جبهة) بشكل موازي ..
تتبع التوضيحات الرسمية لاسبوب تدبير هذه الحرب
يتيح بسهولة استخراج الاستراتيجية المعتمدة في هذه الحرب و التي يمكن تفكيكها على الشكل التالي :

1 – الجبهات الثلاث تحظى بنفس الاهمية
2 انهيار اية جبهة من الجبهات الثلاث ( الصحية، الاجتماعية او الاقتصادية) يؤدي مباشرة الى خسارة الحرب لانه يؤدي حتما الى انهيار باقي الجبهات.
3 الصمود المؤدي الى الانتصار في الحرب يتطلب تضحيات جسيمة و يجب توزيع الخسائر سواء منها المادية او البشرية بين كل القوى المشاركة في الحرب بشكل تضامني مدروس
4 الحفاظ على معنويات مرتفعة عند الجميع لاستمرار التعبئة و لتقبل التضحيات.

السيد الشامي و من خلاله المجلس الاجتماعي و الاقتصادي و البيئي و كذلك اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد المطلوب منه ليس التحليل السياسي للازمة و الاكتفاء بالتشخيص فهو و الهيئتان اللتان يمثل لهما دور استشاري لدى قيادة اركان الحرب العامة في هذه المواجهة و بالتالي المطلوب منه المساهمة في صنع القرار الصعب اي قرار توزيع الخسائر بين الجبهات و مضمون الفيديو الذي نشره امس بعيد كل البعد عن ذلك، السيد الشامي اكتفى بتلخيص للنقاشات الدائرة حول الوباء في القنوات الاخبارية الفرنسية Cnews و LCI و BFM و تبنى تقريبا النموذج الفرنسي كمعيار دون تكبد عناء القيام بمقارنة بين نماذج دولية متعددة تتيح استنتاجات علمية كما اكتفى بالتذكير بالخطوات التي اتخذتها السلطات المغربية خصوصا في الجانب الصحي و اكتفى في النهاية باعادة طرح نفس التساؤلات التي نسمعها على شاشات التلفزة من طرف الخبراء و الصحفيين على مدار الساعة ..

المطلوب من السيد الشامي بما يمثله (و الذي لا يسعني إلا ان أحييه على جرأته و شجاعته لان الخروج الاعلامي في هذا الظرف ليس بالشيء الهين ) و المطلوب من السيد بنموسى كذلك و من الهيئتين اللتين يرأسانهما ليس طرح الاسئلة و التساؤلات التي تطرحها ازمة وباء كورونا حاليا و مستقبلا بل تجميع كل الاسئلة الصعبة التي تشكل تحديات و فرزها و ترتيبها حسب درجة الحاحيتها و أولويتها ثم تحمل المسؤولية ” التاريخية ” في اقتراح أجوبة لها مهما كانت صعبة هذه الاجوبة و مهما كانت عدم شعبية بعض جوانبها ..
الأجوبة المتوقعة و التي لم تعد تحتمل الانتظار اذا اردنا ان يستمر أداء المغرب بنفس درجة الفعالية و التميز الذي طبع المرحلة السابقة بسبب القرارات الاستباقية المتعددة التي تم اتخاذها هي من قبيل :

1 – إذا لم يتم احتواء انتشار الفيروس في أفق 20 مايو المقبل هل سيتم استمرار تقليص الانتاج الاقتصادي و كم هي الكلفة العامة على الاقتصاد و على مالية الدولة ؟!
2 – اذا استمر الحجر الصحي الى ما بعد شهر مايو، ما هي الآثار الاجتماعية و الى متى سوف تستطيع ملايين الاسر تحمل العيش بغلاف مالي يتراوح بين ألف و ألفي درهم شهريا ؟؟
3 – ماهي قدرة خزينة الدولة على تحمل الاعباء المالية لسياستها الاجتماعية خلال الازمة ؟؟!!
4 – هل يجب تخفيف اجراءات الحجر الصحي حتى لو أدى ذلك لتحمل خسائر بشرية بسبب الوباء من اجل منع انهيار اقتصادي و اجتماعي قد ينتج عن تمديد طويل لإجراءات الحجر ؟؟!
5 – هل يجب التضحية بالاقتصاد من اجل الصحة ؟
6 – كيف يمكن توزيع الخسائر بين ماهو صحي و اجتماعي و اقتصادي ؟ و ماهو حجم الخسائر التي يجب علينا ان نتحملها بشريا و اجتماعيا و اقتصاديا للخروج من الازمة ؟

7 – هل من المنطقي ان نستمر في النموذج السابق للأزمة حيث توجد فئة من المواطنين محمية من مخاطر التقلبات الاقتصادية و لا تخشى من فقدان وظائفها و هي الموظفون بينما الغالبية العظمى من الطبقة الشغيلة لا تحظى بنفس الامتياز مما يشكل عدم مساوات لا دستوري بين المواطنين ..

9 – هل يجب على الفئات التي استفادت من الازمة و التي لم تتأثر بالأزمة ان تساهم بجزء من مدخولها الاضافي ( شركات مستفيدة ) او من توفيرها الاضافي ( موظفون و مستخدمون وفروا مصاريف التنقل و المقهى .. و .. ) بالمجهود التضامني المادي لمواجهة الازمة و كيف يكون هذا التضامن هل هو تطوعي ام يجب اعمال الفصل 40 من الدستور لحعله الزاميا.

هذا نموذج من الاسئلة التي من المفروض على المجلس الاجتماعي تحمل مسؤولياته في مناقشتها و طرح توصيات مباشرة حولها ..
كما ان اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الخاص مطالبة باشياء اكثر من مجرد طلب اقتراحات المواطنين من خلال صفحته عل الفيسبوك و إلا فإنها سوغ يكونان تقريبا قد أخلا بمسؤولياتهما و أكيدا قد أخلفا موعدهما مع التاريخ.

الاستاذ محمد الغيث ماء العينين
منتدى كفاءات من اجل المغرب

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد