الكوميدي رشيد أسلال:”انتقاد السياسة في الكوميديا أمر لا مفر منه”

يعد الفنان الكوميدي المغربي الأمازيغي رشيد أسلال من الأسماء اللامعة في فن “الوان مان شاو”، حيث قدم عروضا فنية متميزة لاقت استحسان الجمهور و نال بفضلها شهرة كبيرة مكنته من اقتحام عوالم أخرى في مجال الفن كالتمثيل و الإخراج و كتابة السيناريو، كما شارك في سلسلات كوميدية و أعمال تلفزية رفقة مجموعة من شركات الإنتاج.

جريدة “المصدر ميديا” التقت مع النجم المغربي المتألق رشيد أسلال  و أجرت معه الحوار التالي:

– كيف جاءتك فكرة أن تصبح كوميديا؟

أنا من مواليد مدينة مغربية معروفة باسم “المدينة الفنية” و هي مدينة الدشيرة، هذه المدينة معروفة بمحطة مهمة يمر منها مجموعة من الفنانين سواء كانوا مغاربة أو عالميين، فانتمائي لهذه المدينة أعطاني فرصة سانحة للاحتكاك بمجموعة من الفنانين و اكتشاف الأجواء الفنية، و بالتالي تكون لدي رصيد فني عملت على صقله في الأنشطة المدرسية و بعده في الأنشطة الجامعية، حيث تطورت كثيرا و تبلور عطائي أكثر بفضل ما تعلمته على يد مجموعة من الأساتذة في مجال المسرح و بفضل اجتهاداتي الشخصية. و في سنة 1992 ارتأيت أن أخوض تجربة فريدة من نوعها في الفن الأمازيغي و المغربي عموما و هي تجربة “الوان مان شاو” أو ما يسمى ب “stand up” ، فحاولت نقل مجموعة من التجارب العالمية في هذا المجال آنذاك كتجربة (كولييش) و عدة تجارب أخرى، فقررت أن أقوم بتجربة في هذا المجال بالأمازيغية، و يمكن أن أقول أن تجربتي كانت هي الأولى في المغرب في “الوان مان شاو” و التي جاءت مباشرة بعد تجربة الثنائي الكوميدي الذي كان مشهورا وقتها باسم “باز و بزيز”.

– ما هو النمط الكوميدي الذي تنهجه في أعمالك الفنية؟

أعتمد أساسا على الكوميديا السوداء التي تتمحور حول قراءة الظواهر الاجتماعية ما ظهر منها و ما خفي، فأحرص من خلال عروضي أن أدخل الجمهور فيها و يحس أنه جزء لا يتجزأ من العرض، و أعمل على معالجة مجموعة من القضايا الاجتماعية و ما هو متعارف في الواقع المغربي المعاش و كذا ما يقع من أحداث في الساحة العالمية، فهناك البعض من الناس الذين يرون تناولي لمواضيع سياسية بطريقة ساخرة موضع انتقاد، لكن أقول أن انتقاد السياسة أمر لا مفر منه “فبمجرد ذكرنا للخبز فنكون وقتها نتحدث عن السياسة”. فغالبية المواضيع التي أتناولها في أعمالي الفنية تطغى عليها الكوميديا السوداء في إطار المدرسة الواقعية التي تعتمد على تجسيد الظواهر الاجتماعية بشكل واقعي أكثر. هذا بالإضافة إلى أنني أعمل على خلق نمط آخر جديد في الكوميديا السوداء المعتمدة على المسرح الواقعي و السينما الواقعية.

– ما هي المشاركات التي شاركت فيها في مسيرتك الفنية؟

في البداية شاركت في مجموعة من الأنشطة الجامعية ثم بعد ذلك انتقلت إلى المشاركة في الأنشطة داخل الجمعيات الثقافية و بالأخص الأمازيغية، بعد ذلك انتقلت إلى المشاركة في المهرجانات المحلية في سوس التي كانت بمثابة بوابة لمشاركتي في مجموعة من الملتقيات على الصعيد الوطني كمهرجان موازين في دوراته الأولى و مهرجان تيميتار في دوراته الأولى كذلك و مهرجانات أخرى ثم بعدها شاركت في بعض المهرجانات الدولية في فرنسا و شاركت مع جمعية إيليغ في جولة فنية ببلجيكا و شاركت كذلك  في جولة فنية مع جمعية الجالية الريفية بهولندا في أمستردام و روتيردام و بوكستر و غيرها ثم بعد ذلك في مهرجان بالديار الإيطالية علاوة على مشاركتي ببعض المهرجانات في فرنسا. و أستعد حاليا للمشاركة في جولة في الولايات المتحدة الأمريكية بتنسيق مع مجموعة فنية.

– كيف ترى موضع السينما الأمازيغية و تطورها بالمقارنة مع السينما الناطقة بالدارجة المغربية؟

حاليا السينما الأمازيغية لا زالت في طور التأسيس، فيمكننا الحديث هنا عن مشكلين رئيسيين يعيقان تطور مسار السينما الأمازيغية حاليا، المشكل الأول يتمثل في لجان الدعم بحيث لا نتوفر على قراء للسيناريو باللغة الأمازيغية و لا نملك أطر متمكنين و متقنين للغة الأمازيغية يستطيعون دراسة عمل أمازيغي و إعطاءه حقه كاملا، كذلك نعاني من نقص في المنتجين الذين لا يتوفرون على عقلية تسويقية متقدمة و الاستثمار في السينما الأمازيغية و الذهاب بها بعيدا لتنال حقها من الاهتمام، و المشكل الثاني يكمن في الثقة التي لا توجد عند بعض المستثمرين للاستثمار في السينما الأمازيغية، فنحن كجيل جديد ننضال فقط من أجل كسب هذه الثقة في انتظار الجيل القادم الذي يمكنه أن يجد أرضية للاشتغال و الإبداع و يجد ثقة المستثمرين للاستثمار في السينما الأمازيغية و يلقى كذلك ثقة الجمهور و المتلقي المفقودة حاليا، و أعتقد أن هذا أمر طبيعي مرت منه تجارب سينمائية عالمية رائدة، و أنا بدوري كفنان أمازيغي أعمل من خلال بعض الدورات التكوينية التي أؤطر فيها مجموعة من الشباب و أنصحهم بالتسجيل  في معاهد عليا و كذا في مجموعة من الدورات التكوينية ليحمل مشعل السينما الأمازيغية مستقبلا.

– أصبحت المواضيع التي يتناولها بعض الكوميديين المغاربة إن لم نقل جلهم تتكرر بشكل متزايد كالتركيز على طريقة عيش الإنسان القروي و مقارنته مع من يعيش داخل المدن المتحضرة و غيرها من المواضيع المستهلكة التي جعلت الجمهور ينفر و  يبتعد شيئا فشيئا عن الكوميديا.

كيف يرى رشيد أسلال من جهته تناول هذه المواضيع بكثرة التي تؤدي إلى الرتابة و ابتعاد الجمهور عن الكوميديا؟

أعتقد أن الكوميديا في المغرب أصبحت تتجه إلى الشكل التبخيسي للإنسان، و أكره هذا النوع من الكوميديا التي تعتمد على إضحاك الناس على حساب فئة معينة، فهذا عيب و وصمة عار في مغرب 2017 أن نرجع إلى أشكال العنصرية فرغم أنها غير واضحة و لكنها مخفية في قالب كوميدي. فهناك ثلاثة أشكال تهدد الكوميديا في المغرب و هي: تبخيس فئة على حساب فئة أخرى، و تكسير الطابوهات فقط من أجل تكسير الطابوهات فالإضحاك الرخيص بكلمات فاحشة تدخل في مضمار الكوميدية الزنقاوية التي لا نريدها في فننا باعتبار أن الكوميديا هي تربية و أخلاق قبل كل شيء ، و معالجة الشيء بمثله لا يجدي نفعا بقدر ما يعمل على تكريسه و ترسيخه.

– هل تفكر في الانضمام لمجموعة من المجموعات الكوميدية كمجموعة” إيموراجي” مثلا؟

حاليا لا أفكر في الانضمام لمجموعة كوميدية، لكن إذا بادرت إحدى المجموعات و طلبت مني الانضمام إلى فريقها سأتجاوب معهم و نناقش مسألة الانضمام معا، فأنا منفتح على جميع الوجهات التي يمكنها أن تشكل إضافة نوعية لفن الكوميديا بالمغرب.

 

 

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد