الكتاني: عودة المغرب لإصدار السندات في السوق المالية الدولية مديونية جديدة تهدد جيوب المواطنين

حذر الخبير الإقتصادي عمر الكتاني من مغبة إستمرار المغرب في إصدار سندات في السوق المالية الدولية، رغم ما تضمنه من حركة للتمويل الدولي من خلال توفيرها لموارد مالية ضخمة للدول النامية لتمويل إحتياجاتها التنموية ولمعالجة العجز في موازين مدفوعاتها بتكلفة منخفضة وبدون شروط على إستعمال هذه القروض، في ظل غياب منظومة متكاملة مبنية على أسس شفافة ومسؤولة لتدبير المال العام، ومدعومة بواقع إقتصادي منتج قادر على تحقيق هامش ربح يغطي تكلفة القرض ويضمن الأرباح الإستثمارية.

واكد الكتاني، في تصريح للمصدر ميديا، أن هذه السندات مسلسل جديد من مسلسل المديونية الحكومية التي يعيشها المغرب، معتبر أن “كل مديونية هي خطر يرهن القرارات السيادية للبلاد، ويفتح الباب لفقدان المغرب لطاقته التفاوضية، ووضعه في سياقات المزيد من التبعية”، متسائلا:”ماذا يفعل البرلمان من اجل إيقاف مسلسل المديونية الذي يشكل خطرا على البلاد”.

وأضاف الخبير الإقتصادي، “ماذا تنفعنا هذه الإستثمارات في ظل تكلفتها الباهضة، وفي ظل غياب آليات حقيقية لحماية هدر المال وتحقيق الشفافية والمساءلة، لماذا تصلح هذه المديونية إن لم تكن إستثمارا منتجا يغطي كلفة القروض، كما تفعل الدول الأسيوية التي يتجاوز مدخول الإستثمارات تكلفة القروض، في ظل إنتاجية مرتفعة ورقابة مالية مشددة على الأموال العمومية”.

وردا على تصريحات الوزارة بـ “تكلل هذا الإصدار بنجاح بارز لدى المستثمرين الدوليين”، إعتبر الكتاني “أنه فعلا ان النجاح مرتبط بشراء السندات، لكن السؤال هل بهذا الشراء تقلص حجم المديونية”، مشددا على حجم المخاطر التي يطرحها التعامل في سوق السندات الدولية، التي يبقى المواطن المغربي المسؤول عن دفع تكلفتها في حالة فشلها في تحقيق غاياتها السياسية والإقتصادية.

وكان بلاغ لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، قد أفاد ان المغرب نجح أمس الخميس 21 نونبر الجاري، في إصدار سندات في السوق المالية الدولية لمبلغ 1 مليار أورو ( أجل 12 سنة ) ، مع هامش للمخاطر ناهز 7ر139 نقطة أساس، أي 5 ر1 بالمائة كسعر فائدة، بعد غياب للمغرب عن السوق المالية الدولية لمدة خمس سنوات (منذ سنة 2014)، مشددا على أن هذا الإصدار تكلل بنجاح بارز لدى المستثمرين الدوليين .

واكد البلاغ أنه إلى جانب مستوى معدل عائد يعد الأدنى مما حصل عليه المغرب في السوق الدولية، فقد استفاد هذا الإصدار، من أكبر دفتر طلبات الاكتتاب من حيث الحجم لعملية منجزة بالأورو للمغرب .

وخلال هذه العملية تجاوز مجموع الطلبات مبلغ 3 ر5 مليار أورو، شملت أكثر من 285 من المستثمرين المعنيين ، مع الإشارة إلى أن هذا النجاح يؤكد الثقة التي يحظى بها المغرب لدى المؤسسات المالية الدولية الكبرى ووكالات التصنيف.

وحسب البلاغ ، فقد جاءت هذه العملية كنتاج لحملة ترويجية دامت أسبوعا كاملا، بقيادة محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، الذي كان مرفوقا بوفد من مديرية الخزينة والمالية الخارجية.

وشملت هذه الحملة الترويجية أهم الأسواق الأوروبية، حيث قام خلالها هذا الوفد بزيارات لباريس وزيوريخ ولندن وفرانكفورت وأمستردام ولاهاي ، وعقد حوالي ثلاثين اجتماعا مع أكثر من ستين مستثمرا بما في ذلك مديري الصناديق وشركات التأمين وصناديق التقاعد.

وخلال هذه الحملة الترويجية، أشاد المستثمرون، وبشكل خاص، بالاستقرار السياسي الذي تتمتع به المملكة المغربية ، ومتانة الإطار الماكرو اقتصادي ، والذي أكده حفاظ المغرب على تصنيفه في “درجة الاستثمار” لأكثر من عشر سنوات ، والإصلاحات الهامة التي تم تنفيذها تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، والتي تنم عن آفاق اقتصادية قوية ومتينة للمغرب.

وتم هذا الإصدار وفق نسق ( 144A / RegS )، الذي يمكن من مشاركة المستثمرين الأوروبيين والأمريكيين.

وكانت وكالة التصنيف الائتماني Fitch Ratings قد اعلنت عن منح المغرب درجة (ناقص – BBB) برسم اقتراضه للمليار دولار عبر طرح سندات سيادية، وأكدت الوكالة أن هذا التصنيف للقرض «المقوم بالأورو» ، يظل رهينا باستلام الوثائق النهائية بخصوص هذه العملية.

وأضافت الوكالة في بيان له أن «منح التصنيف النهائي يخضع لاستلام الوثائق النهائية وفقًا للمعلومات الواردة بهذا الخصوص»، ويتوافق التصنيف الذي أصدرته مؤسسة فيتش مع تصنيف إصدار العملة الأجنبية في المغرب طويل الأجل «BBB-» ، مع نظرة مستقبلية مستقرة.

وقام المغرب بتكليف أربعة بنوك دولية هي باركلز و«جي بي مورغان» و«بي إن بي باريبا» و«ناتيكسيس» لتدبير عملية عروض بيع السندات السيادية بمبلغ مليار دولار، بأجال تسديد سيتراوح بين 12 و20 عاما، كما افادت وكالة رويترز.

يذكر ان  وزارة الاقتصاد والمالية، كانت قد كشفت في تقرير إحصائي جديد، أن إجمالي الدين الخارجي العمومي للمغرب بلغ خلال النصف الأول من 2019 أزيد من 35.2 مليار دولار أي 337.8 مليار درهم، ليرتفع بذلك منسوب الدين الخارجي للبلاد منذ بداية العام الجاري بحوالي 1.1 مليار دولار.

وتفاقمت المديونية الخارجية للمملكة بشكل متسارع خلال السنوات الأخيرة، إذ لم يكن الدين العمومي الخارجي يتعدى 234 مليار درهم سنة 2013 ليأخذ منحى تصاعديا عاما تلو آخر، حيث قفز خلال سنتي 2013 و 2015 إلى 301 مليار درهم، أي بزيادة تفوق 66 مليار درهم في عامين، ثم ارتفع ب 12 مليار درهم سنة 2016 ليصل إلى 312.4 مليار درهم، ليقفز ب20 مليار درهم سنة 2017 متجاوزا عتبة 332.5 مليار درهم قبل أن يتراجع قليلا في 2018 ليستقر عند 326.6 مليار درهم.
هكذا يكون الدين الخارجي للبلاد قد قفز في ظرف 5 سنوات، أي منذ 2014 ب 60 مليار درهم وهي أعلى وتيرة عرفتها المديونية الخارجية على الاطلاق.

ويعرف السند بأنه مستند قانوني تعترف به الجهة التي أصدرته, وتلتزم بموجبه بدفع مبلغ معين مقابل إقراض قيمة السند المكتوبة عليه ” القيمة الإسمية ” كما تلتزم بدفع الفوائد المنصوص عليها في السند وتحسب أسعار الفائدة على أساس القيمة الإسمية للسند وبغض النظر عن إختلاف سعر السند في سوق الأوراق المالية

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد