القوى الداخلية في النظام السياسي الجزائري مع أو ضد الشعب؟

انطلقت، يوم امس 29 مارس، مسيرات ضمَّت مئات الآلاف في العاصمة الجزائر، رفضاً لاستمرار الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بالحكم، رافعة شعار «الجيش والشعب خاوة خاوة»، في جمعة سادسة سُميت «جمعة الإصرار».

“جمعة الإصرار” أعادت بناء مرحلة جديدة من الإلتقاء ودرء المخاوف من دخول الجيش على خط فرض عودة بوتفليقة بالقوة، بين الشعب والجيش، ضمن مخاوف تكرار أحداث العشرية السوداء، خصوصا بعد طلب قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح بإعلان منصب الرئيس شاغرا ما يعني تفعيل المادة 102، وهو إقرار ضمني من مؤسسة الجيش التي يقودها قايد صالح، المؤسسة المحورية والمركزية في نظام الحكم في الجزائر منذ انقلاب هواري بومدين على أحمد بن بلة سنة 1965، بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عاجز عن أداء مهامه.

إن الإحتجاجات داخل الجارة الجزائر، أصبحت الآن أكبر من بوتفليقة، بعد ان خرج المحتجون منذ 22 فبراير 2019، في مظاهرات رافضة للعهدة الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ولاحقاً رافضة لتمديد الولاية الرابعة للرئيس، لينتقل إلى المطالبة برحيل جميع الوجوه القديمة للنظام الحالي، ضمنها مؤسسة الرئاسة (آل بوتفليقة، شقيقاه، السعيد والناصر…)، المؤسسة ذات الصلاحيات الواسعة جداً داخل النظام السياسي الجزائري، التي تراجع دورها بعد الاحتجاجات الأخيرة الرافضة للعهدة الخامسة، وتمديد العهدة الرابعة، ورفض المؤسسة العسكرية مواجهة الشعب من أجل رئيس يعتبر منتهياً، ومخاوف من تكرار أحداث العشرية السوداء الدامية.

كما ان الوضع داخل الجزائر، يرهن بالدفع بتنظيمات اخرى، في خضم المطالب الشعبية المرفوعة برحيل بوتفليقة، همشت في عهد بوتفليقة، ضمنها الصراع الأمني القائم ما بين جهاز “المخابرات القديمة” الذي كان يقوده محمد مدين المعروف باسم الجنرال توفيق، من سنة 1990 إلى 2015، الذي كان أحد اقوى الأجهزة طيلة التسعينيات في الجزائر قبل ان يتراجع دوره لحساب مؤسستي الرئاسة والجيش في السنوات الأخيرة، بعد إطاحة بوتفليقة بالجنرال توفيق سنة 2015، وتحجيم دور جهاز المخابرات داخل بنية النظام السياسي الجزائري، وجهاز “المخابرات الجديدة” التي يقودها “بشير طرطاق”، الذي كان نائب الجنرال توفيق لمدة 20 سنة عندما كان الأخير على رأس الجهاز.

أما على المستوى الإقتصادي، فإن الصراع يبقى قائما بين كل من رجال الأعمال المحسوبين على تيار أثرى رجل أعمال في الجزائر “يسعد ربراب”، الذي يقود شبكة رجال أعمال مهمة داخل الجزائر وخارجها، كما يمول عدداً من المؤسسات الإعلامية، والذي يعتبر الواجهة المالية للجنرال توفيق، ومنتدى رؤساء المؤسسات الذي يجمع عدداً من رجال الأعمال المقربين من سعيد بوتفليقة، أبرزهم علي حداد، ثاني أثرى رجل في الجزائر.

فيما تبقى الأطراف السياسية المعارضة لحكم بوتفليقة، بشكل عام ضعيفة في بلاد المليون شهيد، التي يجمع عدد من المتتبعين عن ضعف إمكانياتها لقيادة بديل خارج منظومة الحكم الحالية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد