أعادت ظاهرة تعنيف رجال الأمن من شرطة ودركيين وقياد وغيرهم، إلى واجهة النقاش سؤال الدوافع والأسباب التي دفعت إلى تنامي الظاهرة المقلقة، وتأثيرها على حبل الثقة في الأمن الجماعي للمغاربة، بعد أن أصبح المكلف بضمانه هو نفسه في مواجهة ظاهرة العنف بكل أشكالها.
المصدر ميديا فتحت أبواب “ظاهرة العنف ضد رجال الأمن”، وحملت أسئلتها إلى المتخصصين في مجال الأمن والجريمة، وكذا الباحثين في مجال علم الإجتماع.
حول الظاهرة، أكد رشيد الجرموني، المتخصص في علم التربية وعلم الاجتماع الديني، أن ظاهرة العنف ليست ظاهرة فردية معزولة في الزمان والمكان، بل هو ظاهرة اجتماعية وعامة، وبالتالي فهو وليد شروط ومسببات اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية وتنموية يتقاطع فيها ما هو محلي بما هو كوني وعالمي.
وأوضح الجرموني، أن مشكل العنف الممارس ضد رجال السلطة، ومن خلال مدخل سوسيو سياسي، يكشف عن العلاقة المتوثرة التي تعيشها العلاقة بين الدولة والفرد، حيث أن البناء الدولاتي في مجموعة من الدول العربية، والمغرب منها، انبنى على مفهوم للدولة قائم على الصراع مع المجتمع وعلى تهميش المجتمع، وعلى تبعية المجتمع للدولة، وهو ما يولد نوع من الغربة بين المجتمع والدولة، مما يخلق حالات من التوتر تجسد حالات العنف ضد رجال الدولة (شرطي، دركي…) أحد أوحهها.
وأكد المتخصص في علم التربية، أن الملاحظات والمتابعات اليومية والمتتالية لحالات العنف الممارس ضد رجال السلطة بالمغرب، تدفع إلى القول بأن بلدنا يعيش على وقع موجات متعددة من أشكال العنف، سواء اللفظي أو الجسدي أو الرمزي أو حتى العنف المفضي إلى الموت، التي تتجاوز في تعبيراتها الأفراد المستهدفين بها إلى الدولة، من خلال تعبيرات السخط وعدم الرضى عن واقع الحال، قد يدفع إلى سلوك طرق تعبيرية غير مقبولة ومرفوضة.
وفي ذات السياق، أكد حمد أكضيض، الإطار الأمني المتقاعد والمختص في الشؤون الأمنية، أن المرحلة التي أشرف فيها عبد اللطيف حموشي على جهاز الأمن، شكلت تحولا نوعيا داخل إدارة الأمن الوطني، من خلال التأكيد الصارم على تطبيق القانون ذون إستثناء على جميع المواطنين بمن فيهم رجال الامن، وهو ما شكل إطارا لتحول نوعي للقطع مع الممارسات المشبوهة التي أحاطت بالتطبيق الفعلي للقانون في المراحل السابقة.
وأوضح أكضيض، أن ظاهرة العنف الموجهة نحو رجال الأمن، شهدت إرتفاعا ملحوظا وذلك بسبب التطبيق الصارم للقانون ذون إستثناء، وهو ما دفع بعض الأشخاص الذين كانوا يعتقدون انهم فوق القانون إلى إتخاذ سلوكات عنيفة رافضة لمساواتهم مع باقي المواطنين، وصلت في بعض الحالات إلى القتل العمد كما وقع في قضية دهس دركي الهرهورة.
ونوه الخبير في علم الإجرام، بالسياسة الأمنية التي نهجها عبد اللطيف حموشي، معتبرا أن تكلفة التغيير قد تطيح بأرواح “شهداء الواجب” الذين يسهرون على تطبيق القانون وإرساء دعائم دولة الحق والقانون، داعين المواطنين إلى إنهاء عقلية “زمن السيبة”، ووضع اليد في اليد مع المؤسسات الأمنية من اجل ضمان أمن وإستقرار البلاد.
يذكر ان عناصر الأمن الوطني بمدينة سلا، تمكنت مساء أمس الاثنين، من توقيف سائق سيارة، من ذوي السوابق القضائية، يشتبه في تورطه في قضية تتعلق بعدم الامتثال ومحاولة القتل العمد والتي كان ضحيتها شرطي يعمل بفرقة السير والجولانن كما شهدت منطقة هرهورة، ضواحي العاصمة الرباط واقعة دهس مؤلمة راح ضحيتها، يوم الجمعة الماضي، دركي، في ، وهو يمارس مهامه، قبل أن تنتهي حياته تحت عجلات سيارة فارهة، كان يقودها، شاب “متهور”.