كشف د.الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية أن النتائج المعلنة حول لقاحات كورونا، لحد اليوم، تؤكد درجة عالية من الأمان والفعالية.
واكد حمضي، في تصريح للمصدر ميديا، أن اللقاحات أظهرت آثار جانبية قليلة وبسيطة، لا تدعو للقلق، “وفعالية تفوق ال 90%. وهو ما لم يكن يتوقعه حتى الأكثر الباحثين تفاؤلا”.
وأضاف الطبيب أن هناك اليوم “ازيد من 200 لقاح ضد كوفيد قيد الدرس او التجريب. حوالي 50 منها في مرحلة الدراسات السريرية أي على البشر، 12 منها في المرحلة الثالثة او أنهتها”.
وتابع حمضي أن “هناك اجمالا خمس تقنيات كبرى تتبعها المختبرات لإنتاج هده اللقاحات: اللقاح الحي الموهن، اللقاح الخامل Vaccin inactivé، لقاح بتوظيف جزيئات ال فيروسSous unitaires، تقنية “النواقل الفيروسية” (Vecteur viral) ، تقنية “الحمض النووي الريبوزي المرسال (ARN messager) . هده الأخيرة هي التقنية الجديدة والتي استعملتها مختبرات فايزر وموديرنا”.
وبخصوص الشكوك التي حركها البعض حول فعالية ونجاعة لقاحات كورونا بالنظر إلى ما وصف بـ”سرعة الوصول الى اللقاحات ضد كوفيد 19″، اوضح الطبيب أن ” الحصول على لقاح في ظرف وجيز ـ أقل من سنة ـ يعتبر إنجازا علميا غير مسبوق في تاريخ الطب. معدل الوصول الى لقاح هو أزيد من عشر سنوات كمتوسط. الوصول الى لقاح ضد بوشويكة (جدري الماء أو الحُمَاقُ Varicelle) تطلب 34 سنة، السيدا: نحن اليوم في 40 سنة من المرض والأبحاث دون لقاح بعد…”.
وتابع الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية أن هناك على الأقل ثلاث أسباب يرجع الفضل لها في هده السرعة مع كوفيد 19، أولاها ان “جائحة كوفيد لم تصب الافراد فقط، بل أثرت كثيرا على الحياة الاجتماعية وعلى العملية التعليمية وأنهكت الاقتصادات العالمية، الخسائر الاقتصادية العالمية بسبب الجائحة تقدر بآلاف الملايير من الدولارات، يكفي ان نشير ان ما صرفته الدول الغنية في مجموعة العشرين G20 لمجابهة الجائحة وصل لحد اليوم الى 11 ألف مليار دولار، وهو رقم فلكي”.
وأضاف حمضي “بسبب دلك سارعت المختبرات بتخصيص ميزانيات ضخمة لإجراء الدراسات والأبحاث لإيجاد اللقاح. المختبرات تدرك يقينا ان عملية تسويق اللقاح وبيعه ستتم بسرعة فائقة بسبب انتظارات العالم كله لهدا الحل، أكثر من دلك، حتى الحكومات قدمت ملايير الدولارات للمختبرات لمساعدتها على مواصلة وتسريع الأبحاث، وأبرمت الدول الغنية اتفاقيات كطلبيات مسبقة لشراء كميات هائلة من اللقاحات، وهدا التمويل الاستثنائي كان عاملا أساسيا في تكثيف الدراسات ليل نهار وبأقسى الإمكانيات البشرية والمادية والتقنية”.
ثانيا، يزيد الطبيب، “هناك دور مهم لتقنية حصل أصحابها على جائزة نوبل للكيمياء سنة 2017، استعملت لأول مرة في تطوير اللقاحات مع كوفيد 19، تم تطوير مجهر إلكتروني يساعد على تبسيط وتحسين تصوير الجزيئات الحيوية بتقنية التجميد Cryo microscopie électronique. لتحديد بنية الفيروس، وبالتالي دراسة مكامن ضعفه وطرق صنع لقاحات تقضي عليه .وهكذا تمت دراسة فيروس كورونا المستجد وتصويره في أدق تفاصيله ومشاهدته من طرف العالم في زمن قياسي لا يتعدى بضعة أسابيع عوض عدة سنوات في السابق”.
ثالثا، “الأبحاث عن اللقاح ضد فيروس كوفيد 19 لم تنطلق من الصفر، بل من تراكم علمي مع نسختين سابقتين من الفيروسات التاجية: وباء كرونا 1 بآسيا سنة 2003، ووباء كرونا الشرق الأوسط سنة 2012. خلال الوباءين معا تم توقيف البحث عن اللقاح بسبب التحكم والقضاء على الوباءين. وحيث أن هناك تشابه كبير بين الفيروسات الثلاثة التي تنتمي لنفس الفصيلة، فان البحث بدأ سنة 2020 مع كرونا المستجد من حيث انتهت الدراسات السابقة وليس من الصفر. وهو ما سهل تسريع الأبحاث والوصول الى نتائج مرضية اليوم في أوقات قياسية”.
وحول المكاسب المنتظرة من التلقيح، اوضح الطبيب، أنه على المستوى الفردي ينتظر ان يوفر التلقيح حماية صحة وحيات الناس الملقحين ضد الامراض المستهدفة، وعلى المستوى المجتمعي تخفيض أعداد الناس الدين ينشرون المرض، وبالتالي تحجيم الوباء ومحاصرته بفضل المناعة الجماعية، اما على مستوى المنظومة الصحية فينتظر ان يساهم التلقيح في تفادي الضغط على المنظومة الصحية وعلى الأطر الصحية لمواجهة مضاعفات ومخلفات تلك الامراض، وعلى المستوى الاقتصادي سيساهم التلقيج في تفادي الخسائر الاقتصادية الناجمة عن مصاريف وتكاليف الاستشفاء والعلاج، والاعاقات الناتجة عن هده الامراض، والغياب عن العمل والهدر الاقتصادي الناتج عنه. هدا بالنسبة للقاحات بشكل عام.