إن أغلى ما يمكن أن تكسبه في صراع نحو الحلم بالسلطة هو كسب مزيد من الصناديق، طبعا القيمة لا تقاس بما مدى جودة الصندوق أو المادة المصنوع منها إن كانت بلستيكا أم زجاجا، لكن الأغلى ما فيه هو الصوت الصامت في الأظرفة، وكما قال الرئيس الامريكي السابق ابراهام لينكون “الصوت الانتخابي أقوى من صوت المدفع”.
وها هي الأصوات ترتفع هنا وتنخفض هناك، وأينما يسود الترقب تعلو دقات القلب وتنخفض وتجحظ الأعين لمعرفة من الفائز برئاسة البيت االبيض.
ترامب وبايدن.. الغريمين الأشرسين في انتخابات زمن كورونا
الانتخابات الأمريكية لعام 2020 تعتبر حسب المهتمين بالشأن الأمريكي هي المفصلية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية السياسي، والتي احتدم فيها التنافس الكبير والصراع الشرس للتربع على عرش البيت الأبيض بين المرشح الديمقراطي جو بايدن والرئيس الأمريكي الجمهوري المنتهية ولايته دونالد ترامب.
حرب كلامية حامية الوطيس بين المرشحين اشتعلت طوال الفترة الماضية حتى مع إصابة ترامب بمرض (كوفيد 19) الناتج عن وباء فيروس “كورونا” المستجد ظلت مستعرة في ظل رهان كليهما على عدد من الأسلحة من أجل الوجود في البيت الأبيض خلال السنوات الأربع المقبلة.
بايدن المرشح الديمقراطي لعب بورقة وباء “كورونا” التي خلفت آلاف الوفيات وملايين الإصابات في صفوف الأمريكيين، في الإطاحة بترامب فى ظل تركيز حملته بشدة على تلك الجزئية وتسليط أكبر قدر من الضوء عليها، لتوجيه ضربة قوية للمرشح الجمهوري.
وخلال المناظرة الأولى التي جمعت كلا المرشحين، في الـ 30 من شهر شتنبر الماضي، هاجم بايدن بشدة أسلوب تعامل ترامب مع جائحة فيروس “كورونا” قائلا: إن ترامب “أصابه الذعر” وتقاعس عن حماية الأمريكيين لأنه أكثر اهتماما بالاقتصاد.
وقال بايدن عن ترامب الذي حث الدول على إعادة فتح اقتصاداتها، وهون من خطر الوباء “لقد أصابه الذعر أو نظر إلى سوق الأسهم”، بالإضافة إلى تسليطه الضوء في أحاديثه ولقاءاته طوال الفترة الماضية على فشل إدارة ترامب في تدبير وتطويق الأزمة، محملا إياه في الآن ذاته المسئولية عن تصدر أمريكا قائمة دول العالم الأكثر تضررا من الجائحة.
ورقة أخرى لعب بها بايدن في السباق نحو الفوز بكرسي الرئاسة هي استغلال حالة الغضب من قبل أصحاب البشرة السوداء ضد ترامب، التي ظهرت جلية في أكثر من مناسبة، وفي مقدمتها الاحتجاجات التي عمت الولايات المتحدة الأمريكية بعد مقتل الشاب الأمريكي صاحب الأصول الأفريقية “جورج فلويد” والمطالبة برحيل ترامب، الشيء الذي جعل “بايدن” يحاول التوود والتقرب من تلك الفئة خلال الفترة الماضية، والوعود بمزيد من العدالة للشباب الذين لقوا مصرعهم على أيدى رجال الشرطة الأمريكية، وهي أحد أهم الأسلحة التي يعول عليها المرشح الديمقراطي لكسب الانتخابات المقبلة.
وعلى الرغم من أن سلاح الاقتصاد،هو أبرز ما يمتلكه الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب فى حرب الانتخابات المقبلة، عبر التأكيد مرارا وتكرارا على نمو الاقتصاد بشكل غير مسبوق خلال ولايته الممتدة على مدار أربع سنوات، فإن بايدن يسعى لقلب الطاولة على منافسة من خلال وضع خطة لتعافي الاقتصاد الأمريكي، بعد كبوته الأخيرة بسبب أزمة كورونا.
ووعد بايدن بأن تخلق خطته الاقتصادية 7 ملايين فرصة عمل، ونمو اقتصادى تبلغ قيمته 1 تريليون دولار أخرى خلال ولايته المقبلة، مع السماح بمزيد من طلبات اللجوء، التي حدت منها إدارة الرئيس الأمريكى الحالي بشكل غير مسبوق من سنوات.
الرئيس ترامب، ورغم تحميل نسبة كبيرة من المراقبين والخبراء له المسئولية فيما وصلت إليه الأمور في البلاد من انتشار خطير لوباء “كورونا”، وإصابته هو نفسه بالمرض، فإنه يراهن بشكل كبير على ورقة “اللقاح” لتفادي خسارة الانتخابات.
وكشف الأطباء المعالجون اترامب أثناء فترة إصابته بمرض (كوفيد 19) عن تلقيه لقاحا تجريبيا، والذي إن ثبت فاعليته، فإنه سيكون بمثابة “الورقة الرابحة” التي تكسبه الانتخابات، خاصة في ظل تقدم منافسه بايدن عليه في معظم استطلاعات الرأي.
الانتخابات الرئاسية الامريكية .. الشباك الوحيد بلمسة هوليودية
حرب طاحنة حامية الوطيس سلاح الخصوم الاوحد هو القدرة على اقناع الامريكيين بمستقبل افضل ووردي وانت تطلع عليهم من خشب مسرح اوشاشات التلفاز والاذاعات والجرائد قائلا انا الافضل، استطاعات هوليود الانتخابات الامريكية ان تستقطب الاهتمام العالمي وتصنع حبكة واحداث مشوقة تغري المتابع بانهاء الفصل الاخير مهما تعددت صفحاته، وهنا طرحنا السؤال على ضيفنا الباحث والمحلل السياسي الاستاذ محمد الغيث ماء العينين حول هذا الترقب العالمي لنتائج الانتخابات الامريكية فاجاب ” إذا كان من المعتاد أن تتجه انظار العالم كله نحو الولايات المتحدة عند كل انتخابات رئاسية بسبب الدور المحوري الذي تلعبه هذه القوة على المستوى الدولي و التي باتت تشكل القطب الاوحد منذ انهيار جدار برلين. فإن اسباب الاهتمام الاستثنائي بالانتخابات الرئاسية الامريكية لهذه السنة يجد له تفسيرات اخرى متعددة من اهمها
١ طغيان الترندات و الاخبار المتعلقة بهذا الاستحقاق في مواقع التواصل الاجتماعي و امكانية التفاعل معها من طرف مليارات المتتبعين عبر العالم
٢ كذلك الشخصية الفريدة للرئيس الامريكي و المرشح دونالد ترامب الذي يعتمد اسلوب تواصل مختلف تماما عما هو معهود و منتظهر ممن هو في موقعه و يتعمد الاثارة و التواصل المباشر مع الجمهور عبر كمية هائلة من التغريدات عبر التويتر بعضها يحمل قرارت مهمة تصل الى المتتبعين قبل حتى ان يعلم بها احيانا المستشارون المقربون للرئس.”.
اعلان النتائج … تأخر لزفة عريس البيت الابيض
القراءة في نتائج هذه الانتخابات تبدأ من تأخر اعلان نتائجها لاكثر من 48 ساعة عن انتهاء الاقتراع و الى كمية الطعون التي سوف تجعل منها معركة قانونية قد يكون من نتائجها التشكيك في مصداقية العملية الانتخابية و لو من حيث المساطر المعقدة في اكبر بلد ديمقراطي في العالم مما قد يطرح تساؤلات عن مفهوم الديمقراطية هل يختصر في احترام العملية الانتخابية ام يتجاوزها الى ما هو ابعد اي روح الديموقراطية ..
كذلك فإن فشل كبريات مؤسسات استطلاع الرأي الامريكية في استقراء توجهات الناخبين للمرة الثانية بعد الفشل في الانتخابات الرئاسية لسنة 2016 حيث توقعت آنذاك فوزا سهلا للمرشحة هيلاري كلينتون و تيبن خطأ توقعاتها فيما توقعت بالنسبة لاستحقاقات يوم الثلاثاء الماضي فوزا ساحقا لبايدن بما لا يقل عن عشرة نقاط كفارق. هذا الفشل لمستطلعي الآراء راجع لظاهرة توقف عندها بعض المختصين تلاحظ إخفاء الكثير من المستطلعين و من انصار ترامب عموما توجهاتهم السياسية و سموها ب” التصويت الخَجِلْ” . بسبب اجواء الترهيب و السخرية التي قد يتعرضون لها من الاوساط ” المتنورة ” التي تعتبر من يساند ترامب متخلفا او متعصبا او عنصريا …
الاهتمام الدولي بهذه الانتخابات راجع ايضا الى ان الرئيس ترامب يعبر عن ظاهرة اصبحت تنتشر عبر العالم و تتجسد في بروز سياسيين و تيارات جديدة خارج النسق التقليدي المسيطر ( حيث ظهر مثلا في فرنسا الرئيس ماكرون خارج الاحزاب التقليدية) و لا يخفى ان فوز ترامب او حتى خسارته بشكل ” مشرف ” اي بفارق غير كبير سوف يشجع هذه التيارات المتمردة على الاحزاب التقليدية الحاكمة ( باغلبياتها و معارضاتها)
المغرب .. ترقب كبير للنتائج وملف الصحراء المغربية الرهان الأكبر
بشغف واهتمام كبيرين، يتابع مغاربة أجواء وتفاصيل الانتخابات الأمريكية، لمعرفة تموقع فرص المغرب داخل البيت الأبيض والتغيرات التي ستطرأ عليها سواء بين الديمقراطيين والجمهوريين، وذلك نظرا لقوة التنظيمين السياسيين بالكونغرس، خصوصا في ما يتعلق بملف قضية الصحراء المغربية.
وتعليقا على ما قد تحمله نتائج الانتخابات الأمريكية من مستجدات بالنسبة للمغرب، علق الباحث والمحلل السياسي محمد الغيث ماء العينين قائلا: “لا أعتقد أن نتائج الانتخابات سوف يكون لها تأثير كبير على العلاقات مع الولايات المتحدة وخصوصا فيما يتعلق بملف الصحراء”.
وللتذكير، يضيف ماء العينين، في تصريحه لـ “المصدر ميديا” فـ “إن انتخاب ترامب قد هلل له انفصاليو البوليساريو و خصوصا بعد تعيينه لجون بولتون كمستشار للأمن القومي لكن تطور الأمور أظهر عكس ذلك تماما، عدم الاستقرار في منطقة الساحل و انتشار الحركات الإرهابية وعدم الاستقرار في ليبيا إضافة للأوضاع الملتبسة في جزائر ما بعد بوتفليقة تجعل أمريكا في حاجة إلى حليف قوي و مستقر في المنطقة يمكنها الاعتماد عليه لضمان حد أدنى من الاستقرار والأمن”.
وموضوعيا، حسب محمد الغيث ماء العينين، “لا يوجد غير المغرب أي دولة في شمال غرب إفريقيا تتحقق فيها هذه المواصفات”.