الشيخ الذي يفتي بلا اختصاص

من وقت لآخر تتعالى الأصوات من هناك و هناك بضرورة تجديد الفكر الديني وتنقية التراث الإسلامي من بعض ما علق به من شوائب جلها أقحمها من أقحمها فيه عبر التاريخ الاسلامي تزلفا لخليفة هنا أو حاكم هناك، ولقد مرت الأمة الإسلامية من مراحل عدة من نشأة الكيان الى مستوى غير مسبوق من القوة في تاريخ الأمم، الى ضعف وتدهور على جميع الأصعدة، وبما ان الدين من المفترض أن يحقق معتنقوه به مصالحهم الدنيوية بالاضافة للأهداف الاخروية فكلما تدهورت أحوال الناس برز منهم من ينادي بالإصلاح الديني وذلك منطقي نوعا ما فجوهر الدين واحد والمسلمات القطعية لا نقاش فيها لانها مسائل مرتبطة بالوحي والتنزيل ولكن في المقابل فهم النصوص وتأويلها والتعامل معها بالبحث والإجتهاد وإخراج منها ما يستفيد به الناس في معيشتهم شيء مطلوب بل وضروري ومن المفترض أن يشارك في هذه العملية علماء دين ومختصين من مجالات أخرى علمية وثقافية وقانونية وممثلي المجتمع المدني الذين على تماس مباشر مع حاجيات ومشاكل الأفراد والمجتمع.

لحد الآن الأمر كله يبدو طبيعي وصحي ولا غبار عليه الى أن يقفز للمشهد أحد الأشخاص المعروفين بآرائهم المثيرة للجدل والتي تصطدم بعمق ثقافة وقناعة وعادات الشعب المغربي كنور الدين عيوش ويدعوا لتدريس الحرية الجنسية وحرية المعتقد و….. للتلاميذ في المدرسة !

وإن سلمنا جدلا بحسن نية الرجل فكيف لنا أن نقبل هذا الأسلوب الغير أكاديمي والغير مدروس في التعامل مع الحقل التربوي والاخلاقي والذي هو جزء من دين المجتمع !

وهل اصلاح منظومة التربية وتقويم الفكر وتنقية التعليم الديني لابد ان يمر عبر تمييع أخلاق المجتمع وتحليل الحرام وتحريم الحلال، وهي بالمناسبة خطوط حمراء شدد على احترامها الوصي الأول على الشأن الديني في البلاد أمير المؤمنين ..

هل ارتقى التعليم في بلادنا الي مصاف الدول العظمي ولم يعد به من خلل الا عدم وجود ماطالب به السيد نور الدين عيوش، الا يحتاج اطفالنا الي تعليم قوي، وزرع قيم التسامح فيهم حتى نستطيع أن نعبر بهم الى بر الأمان أولا، كثيرة هي احتياجات التعليم في بلادنا غير التي نناقشها اليوم بسبب الخرجة الاعلامية للسيد عيوش.

الذي يبدو وكأنه يعيش خارج المنظومة القيمية للمجتمع المغربي وهو بالتأكيد حر في حياته الشخصية وكيف يعيشها، ولكن ما لا يعلمه هو أن المواطنين المغاربة وحتى الأقل تدينا منهم عندهم حساسية مفرطة ممن يتجرأ على ثقافتهم وغالبا ما يوصدون الباب في وجهه.

المجتمع لاتنقصه الفتاوى الشاردة بقدر ماينقصه التعمق في البحث عن سبب الخلل الذي نعيشه علي جميع الأصعدة يجعلنا نسمع في كل لحظة عن جريمة بشعة او عن انتحار مؤلم، وخصوصا مايحصل في مؤسساتنا التعليمية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد