السادية-المازوخية ممارسات جنسية تنتشر في صمت رغم قيود المجتمع المغربي

“أجد متعتي في تلقي العنف ولا أجد عيبا في ذلك”، هكذا عبرت “وفاء” وهي طالبة جامعية عن حبها للممارسات الجنسية “السادية-المازوخية” التي تعتبر محرمة في جميع المجتمعات وخاصة المجتمع المغربي الذي لا يزال محافظا ويرى في بعض الممارسات مرضا أو خروجا عن الطبيعة.

عرف الطب النفسي “السادية-المازوخية”، على أنها إعطاء أو تلقي المتعة الجنسية عن طريق إلحاق أو استقبال الألم والإذلال. وقد يكون نوعًا من أنواع تعزيز المتعة الجنسية، أو في بعض الحالات يكون بديلًا لحدوث المتعة أو شرطًا لا غنى عنه لتحصيلها، حيث يُستخدم الألم في التحريض على المتعة الجنسية، واعتبرها بعض أطباء علم النفس اضطرابا نفسيا في حين أكد بعضهم أنها ممارسات طبيعية تعبر عن النفس البشرية لكن تجاوز الحد في ممارستها قد يتسبب في اضطرابات نفسية يجب على صاحبها اتباع العلاج.

ويعتبر المؤرخون أن ممارسة “السادية-المازوخية”، كانت منذ بداية البشرية لكن تسميتها ظهرت بإعلان شخصين عن ميولاتهما، وهما ماركيز دو ساد الذي كان أرستقراطيا ثوريا فرنسيا وروائيا، حيث كانت رواياته فلسفية وسادية متحررة من كافة قوانين النحو الأخلاقي، تستكشف مواضيع وتخيلات بشرية دفينة مثيرة للجدل وأحيانا للاستهجان في أعماق النفس البشرية من قبيل البهيمية، الاغتصاب…الخ كان من دعاة أن يكون المبدأ الأساسي هو السعي للمتعة الشخصية المطلقة من دون أي قيود تذكر سواء أخلاقية أو دينية أو قانونية، وليوبولد ريتر فون زاخر مازوخ الأديب نمساوي الذي ابرز في كتاباته حبه للخضوع جنسيا.

ورغم قدم هذه الممارسات، بقيت مرتبطة بالعار في أغلب المجتمعات خاصة المحافظة منها كالمغرب الذي تمارس به في الخفاء، لذلك قرر “المصدر ميديا” التقرب من هذه الفئة لمعرفة ما تخفيه أنفسهم والأسباب الذي جعلتهم يقومون بالسيطرة أو الخضوع.

سنبدأ رحلتنا مع وفاء “26 سنة” مطلقة، حيث اعترفت لنا بأنها تحب الرجل السلطوي وأن يمارس عليها العنف أثناء العلاقة الجنسية لأنها ذلك يشعرها بالراحة النفسية، حيث أكدت أنها اكتشفت ذلك بعد زواجها خاصة عندما كان يقوم طليقها ببعض الممارسات العنيفة، وعندما حصلت على الطلاق بدأت تبحث عن شركاء ساديين لكي تلبي رغباتها، أما بخصوص طفولتها فقد أكدت لنا وفاء أنها عاشت طفولة سعيدة ولم تتعرض للعنف من طرف والديها، لذلك تعتبر أنها ما تقوم به أمر طبيعي وليس مرضا نفسيا كما يزعم البعض.

من “وفاء” ننتقل إلى محمد وهو شاب ثلاثيني يعتبر نفسه “ساديا” منذ الطفولة، حيث قال في تصريحه “بدأت إحساسي بالنزعة السادية منذ طفولتي حيت أنني أحببت ممارسة السلطة والمسؤولية على كل من هم في عمري و كانت للحظة متعة لدرجة أنني كنت أسبب مشاكل للآخرين لكي أمارس ساديتي عليهم، كما كنت أمارس ساديتي على أطفال في عمري و أقل عندما كبرت لمرحلة المراهقة كان لأصدقاء السوء أثر منحرف في شخصيتي، برفقتهم كان بإمكاني ممارسة ساديتي بدون حدود على أي شخص، في بعض اللحظات كنت أشعر بالندم لكن لم افكر ابدا أن أزور طبيب نفسي بحكم نظرة مجتمعنا له أنه يخص المجانين، كما أكد لنا في ذات التصريح أن ذلك يمتد لما هو جنسي لأنه يشعر بالراحة عند إلحاق الأذى بشريكته، معتبرا أن ميوله يغير نظرة الشخص لنفسه وللعالم لأنه لا يشبع أبدا من ممارستها، ولا يرى أنه مريض نفسي بل إنسان مختلف.

أما “يوسف”وهو متزوج وأب لأطفال، فقد تحدث لنا عن ساديته قائلا: “بدأ الشعور بحب السادية بعد فشلي في الدراسة وطردي منها لأتفه الأسباب، خرجت للشارع طردني أبي من البيت ثم إنحرفت و استسلمت للواقع بعد سنوات بحثت عن عمل واستأجرت غرفة في سطح بيت تزوجت لكن لم يكن ابدا زواج سعيد لأنها لم ترتح لشخصيتي أنجبنا أطفال وكنت أنزعج كثير وأندم كلما رأيت أنهم لا يصمتون كان الحل الوحيد لتفريغ غضبي هو ضربهم، كنت أضرب زوجتي بدون سبب وهي لم تكن راضية عن كل ما فعلت، حاليا انا مطالب بتأدية واجبات النفقة التي لا أستطيع تحملها أواجه مشاكل كثيرة لأن سلوكي عنيف، أعتبر نفسي انسان مريض لأني لم أحقق اي شيئ في حياتي ولم أستطع زيارة طبيب بسبب نقص الإمكانيات”.

وتبقى السادية-المازوخية، من القضايا التي خلقت جدلا بين علماء النفس والاجتماع، فمنهم من يعتبرها شذوذا جنسيا مرتبط بالطفولة المبكرة للانسان، ومنهم من يؤكد أنها ممارسات مرتبطة بالنفس البشرية وتبقى عادية اذا لم تتسبب في الأذى الجسدي والنفسي، أما علم الاجتماع فيرى انها عبارة عن اعادة انتاج العنف داخل المجتمع ككل إضافة إلى تأثير الاعلام على المشاهدين وجعلهم يتقبلها ويتطبع معها.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد